فاسدون خارج األسوار
في مقال األربعاء املاضي طالبت بترسيخ ثقافة التكريم واالحتفاء بمن أنـجـز، موظفا أو رجــل أعــمــال.. مدنيا أو عسكريا.. مواطنا أو مقيما، وأن الوقت قد حـان لذلك، بل هو أنسب األوقــات وأحوجها، كوننا نعيش أجـواء مكافحة فساد، ونحتاج ألن تصاحبها أجواء مكافأة صالح. وألن الشيء بالشيء يذكر، ال بد أن أشير ومن واقـع خبرة وتجربة وتخصص أن ثمة عشوائية تصل حد الفوضى في (انتزاع) األوسمة واأللقاب والتتويج غير املبني على استحقاق!، إما باستخدام إيهام إعــالمــي وجــعــل اإلنــجــاز الــعــادي مـمـيـزا وخــارقــا وهــو لـيـس كذلك، أو بـشـراء التتويج مـن شـركـات تجارية بحتة متخصصة فـي منح األوسمة بمقابل مادي، أو بسرقة مدير إلنجار موظف أو بمشاركة املدير أو عميد الكلية أو مدير الجامعة أو حتى الوزير في إنجاز موظفيه دون أدنى جهد. كما أن بعض املؤسسات (مستشفيات، جامعات، بـنـوك، مصانع... إلـــخ) كـانـت تحصل عـلـى شــهــادات االعــتــمــاد والــجــودة مــن شركات تجارية عاملية تدعي أنها هيئات محايدة، ويجري تضخيم اإلنجاز الـوهـمـي لــأفــراد واملــؤســســات إعـالمـيـا، وكــانــت الـعـالقـة مــع اإلعالم تخدم كثيرا في هذا اإليهام. اإلعالم الحديث (تويتر وفيسبوك)، بمشاهيره ومليونية املتابعني، كــان لــه دور أخــيــرا وتــم استغالله مــن بعض الـجـهـات واألشخاص للحصول على تتويج غير مستحق، لكن، ولكي أكـون منصفا، فإن اإلعالم التقليدي (الصحف الورقية والتلفزيون الرسمي والتجاري) كان له الدور األكبر واألقدم في منح جوائز وأوسمة وتتويج وهمي لغير املستحق، بسبب غياب املتخصص علميا وطبيا وأكاديميا وغـيـاب املستشار فـي هــذه املــجــاالت، وبالتالي استغالل ثغرة عدم املهنية وسهولة اإلقناع، وحاليا أصبح اإلعالن عن الذات يتم بمجرد صورة تويترية أو (واتس اب) تذيل بعبارة (شاب يحقق إنجازا، أو فتاة تتفوق) وقد تكون الصورة مجرد سلفي مع رئيس مؤتمر أو حتى رئيس دولــة غربية في مناسبة اجتماعية، ومـا هكذا يرصد الـتـفـوق، لـذلـك طالبت بهيئة عليا متخصصة تمحص كــل إنجاز وتوصي بدرجة ونوعية التكريم وصاحبه الحقيقي. حتى فـي مـجـال األوســمــة والـجـوائـز والتكريم ثمة فــاســدون خارج أسوار املحاسبة ومستحقون داخل كواليس النسيان!.