ملاذا يحتفل السعودي بقمع الفساد؟

عــن جيلي أتــحــدث، فقد ضـاعـت مـئـات الــفــرص للتنمية الحقيقية في زمـن مضى. زمــن فرطت فيه قـيـادات إداريــة في أبسط أحالمنا بوجود مصنع، وحديقة ومستوصف للحي وجامعات في أطـراف الوطن. كما حلمنا بفصل دراسي يعي إنسانيتنا.. وحتى الرصيف الذي يمكن لنا أن نسير عليه مطمئنني.. حلمنا ببطل يمده لنا، ويغرس على امتداده مورق الشجر، لنسير عليه منتشني.. ولم يتحقق الحلم. فهل من العيب أن نحتفل بقمع وائد أحالمنا، وقاهر تطلعاتنا على مدى عقود؟ أمن الخطأ أن يحتفل شعب بقمع الفساد؟! الناس سمعت.. وسكتت! رأت.. وتغاضت! الناس آملها الفساد مـرة تلو مــرة.. وتسامت. وللناس اليوم كـل الحق فـي أن تحتفل.. بـل وتـبـارك حملة سامية ال تعترف بمفهوم «الحصانة». نعم أطلق وطني هيئة ملكافحة الفساد قبل أعوام، ولكن بقيت «الحصانة» سورا منيعا أعاقها حتى عن محاسبة من يصرخون فينا ويقولون «نحن فــاســدون» وأرنــــي مـــاذا أنــت فــاعــل!.. سكتنا حـتـى أغـــرق عـروسـنـا السيل.. واملـدعـوون الذين حضروا احتفال الغرب بأمطار الشتاء سيرا.. غادروها جثثا هامدة. يا وطن.. شكرا لصبرك! فكثيرا ما أعادنا الفاسدون خائبني.. وكم سخروا من أحالمنا وضحكوا مجلجلني! الفساد ليس إال صنيعة فاسد.. فال فساد من العدم! ال أدري إلــى أي حماقة يستند الـفـاسـد، ويستمرئ الـظـن أنــه بمنجاة عن املساءلة! كيف وأنت تسمع من يقول: «لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة، سوف ندمرهم اليوم، ألننا نريد أن نعيش حياة طبيعية»، والحديث من ولي أمر عن هامة تنامت بحجم (صحوة)، فمن أنت حتى تظن أنك محصن أكثر من فكر الصحوة الظالمي ورموزه؟ ال لست محصنا أيها الفاسد.. اعلم هذا جيدا، فال مخبأ لك اليوم. الفساد في مرمى البصر.. وبدأ البارحة في التعري.. وسيفقد غدا آخر ورقة توت تستر خيبته.