Okaz

احلياة اإليجابية

- د. إبراهيم إسماعيل كتبي

ما تعيشه اململكة من تحول تنموي هو تغيير جـــوهـــر­ي نــحــو املــســتـ­ـقــبــل، وهـــــذا تـــوجـــه نحمد الله عليه، فهكذا الدنيا وسنة الكون ونواميس الــحــيــ­اة ملــن يــأخــذ بــهــا ويــتــفــ­اعــل مــعــهــا، وبقدر تطلع الدول واملجتمعات نحو التطور واختصار زمنه واإلسـهـام فيه، تكون أســرع وصــوال وقدرة على االستمراري­ة بقوة ذاتية دافعة، شرط األخذ بــأسـبـاب ذلــك مــن اإلرادة والـتـخـطـ­يـط واألحالم املــمــكـ­ـنــة، وعــلــيــ­ه يــحــتــا­ج هـــذا الــتــطــ­ور إلـــى فهم طموحاته ودعمه طاملا فيه الخير لنا ولبلدنا، وما من أحد إال سيستفيد من هذا التطور وعليه أن يفيد بإيجابية. تــفــاصــ­يــل الـــواقــ­ـع والــطــمـ­ـوحــات يــتــفــا­عــل معها املجتمع كل بنظرته، وهـذا التنوع وإن اختلفت التصورات وحــدود الفهم وحتى حـدود األحالم للمستقبل هو أمر طبيعي، وكلما كان الحوار في التفاصيل واعيا واالتفاق على األهداف الطموحة جامعا، كان الخير للوطن عميما مثمرا ألبنائه بوقود اإلرادة والعمل وبالرأي والفكر طاملا كان إيجابيا يبني وال يهدم، يثري الحياة ال يعطلها بجمود أو شطحات وضالل هـدام، وبالدنا على مدى تاريخها وسطية املنهج والحياة لم تعرف الـغـلـو وال مجتمعنا كـــان مـتـطـرفـا، إنــمــا عاش طويال بسماحة ديننا الحنيف وجماليات القيم. منطق األشــيــا­ء وطبيعة الحياة تـقـول، إنــه لوال التغير والـتـطـور مـا وصلنا إلــى مـا نحن عليه، وحـتـى املــاضــي الجميل مــن الــعــادا­ت والتقاليد الـــتـــي عــشــنــا­هــا وبــــاتــ­ــت فــــي مــــخــــ­زون ذاكرتنا وذكرياتنا عن بساطة املعيشة والخدمات زمان، فــاملــاض­ــي مـضـى بـسـمـاتـه وأســـلـــ­وب حــيــاتــ­ه، مع اليقني والتمسك بصحيح الدين وجميل القيم في كل زمان، لكن ما مضى من أنماط الفكر وخطوات زمان ال تصلح لحياة العصر واألجيال الجديدة التي تتعامل اليوم عبر العالم االفتراضي وثورة معلوماتية وأجهزة ذكية، وبالتالي ال األجيال اليوم والقادمة وال أجيال الكبار تستطيع العيش بــــأدوات 50 عــامــا مـثـال وهـــو زمـــن لـيـس بعيدا، وتلك هي حكمة التطور. عــصــر اإلنــتــر­نــت لــه تــحــديــ­ات جــــادة ألن الكلمة والـــصـــ­ورة بــاتــتــ­ا ســالحــا مـعـنـويـا مــشــاعــ­ا دون تهيئة كافية ملسؤوليته، الذي يدعو إلى استدارة مجتمعية نحو استنارة حقيقية لحسن استثمار الــــثـــ­ـورة املــعــلـ­ـومــاتــي­ــة فــــي الــــوعــ­ــي إلـــــى معرفة حقيقية بصحيح ديننا السمح، والوعي الوطني واألخـــال­قـــي وثــقــافـ­ـة الــحــيــ­اة اإليــجــا­بــيــة وقيمة الــوقــت، وكــل ذلــك محصنات ضــد أخــطــار الهدم والتضليل وفساد األخالق. إنها مسؤولية فـرديـة وجماعية ومؤسسية في وطــنــنــ­ا الــــذي يــنــافــ­ح عـــن مـكـتـسـبـ­اتـه وصحيح الـــديـــ­ن وهـــويـــ­ة األمـــــة ووجــــوده­ــــا ومستقبلها، والواقع الحاصل في املنطقة من أزمات وفوضى ومــخــاطـ­ـر تـكـشـف حـجـم الــتــحــ­ديــات وتستوجب املـــــزي­ـــــد مـــــن الـــيـــق­ـــظـــة واالصـــــ­طـــــفـــ­ــاف ونتمسك بــأحــالم املستقبل فــي الـبـنـاء والــتــطـ­ـور، ونعززه باألمل والعمل والحوار الهادف حول قضايانا املجتمعية والتنموية لتقوية املنعة ضد سموم الفكر وفساد الهوى. أحــــالم الــوطــن هــي أحــالمــن­ــا جـمـيـعـا لحاضرنا ومستقبل أجـيـالـنـ­ا ولــقــوة اقـتـصـادن­ـا الوطني، فالعالم ال يعرف سوى لغة املصالح وحساباتها، ومــصــالـ­ـحــنــا فــــي الـــعـــا­لـــم كـــثـــيـ­ــرة ومتعاظمة، يقابلها مصالح كبيرة أيضا للعالم مع بالدنا الـتـي تخطو نحو التحول االقـتـصـا­دي بتنويع وتـــطـــو­يـــر مــــصــــ­ادر الــــدخــ­ــل الـــوطـــ­نـــي فــــي عصر االقتصاد املعرفي والتقنيات الحديثة والطاقة املتجددة. هــــذا الــطــمــ­وح لـلـمـمـلـ­كـة أدركــــــ­ه الـــعـــا­لـــم، خاصة االقــتــص­ــاديــات الــكــبــ­رى والــــــد­ول املــتــقـ­ـدمــة التي تتقاطر فــي شــراكــات متبادلة للمنافع، فهؤالء ال يأتون إلينا بالعواطف إنما لفرص استثمار تــعــود عـلـيـهـم بـــأربـــ­اح مـشـاريـعـ­هـم وتقنياتهم، وعلينا أيضا بتوطني التقنية والخبرات لثروتنا الــبــشــ­ريــة وتـــوســـ­يـــع مـــجـــال الـــتـــط­ـــور والتنويع الحديثة، وال مجال للتوقف وال للجمود املنافي لـنـوامـيـ­س الــحــيــ­اة والــفــطـ­ـرة اإلنــســا­نــيــة السوية الساعية إلى التطور واألحالم املشرقة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia