القائمات على الصوالني: بريئات من النخبوية
لم تعر مشرفات الصوالني النسائية ذات الصبغة الثقافية واألدبــيــة أي اهتمام لحجم االنـتـقـادات التي وجهت لهن، خصوصا من الجيل الجديد للكاتبات واملوهوبات. وفضلن أن يكون ردهن علميا وبحجة واضحة؛ إذ دافعن عــن صــوالــيــهــن بــاســتــعــراض إنــجــازاتــهــن خـــالل العقدين األخـيـريـن، مـشـددات على أن سبب الـعـزوف يتعلق بأمور خارجة عن إرادتهن. إذ تـحـمـل صـاحـبـة أول صــالــون نـسـائـي فــي اململكة سارة الــخــثــالن اإلعــــالم الــجــديــد سـبـب خــفــوت وهـــج الصوالني، مؤكدة أن الناس في السنوات األخيرة انشغلوا باألجهزة وبـــرامـــج الــتــواصــل االجــتــمــاعــي، فـخـطـفـتـهـم مـــن القراءة والكتابة واإلبداع إال ما ندر. وال تخلي الخثالن مسؤولية املؤسسات الثقافية الرسمية في تشجيع مثل هذه الصوالني، ودعم استمرارها خصوصا أن القائمات عليها يضحني بوقتهن ومالهن دون وجود أي دعم أو اهتمام، يدفعهن لتنشيط هذه الصوالني. وتنفي عــدم التفاتة هــذه الـصـوالـني للمبدعات الشابات، مستشهدة بخروج كثير من املبدعات والكفاءات من هذه الصوالني، متسائلة إذا وزارة الثقافة واإلعالم ومؤسساتها الرسمية لم تلتفت لهذه الصالونات والقائمات عليها ممن ضحني بجهودهن وصحتهن وقدمن عمال جبارا ساهم في الحراك الثقافي النسائي، فلماذا توجه التهم لهن. وعللت توقف نشاط صالونها املـــــــــــعـــــــــــروف بـــــــــــ «صــــــــالــــــــون األربــعــائــيــة» بـسـبـب سفرها خـــــــــــــارج املـــــمـــــلـــــكـــــة، واعــــــــــدة باستئناف نشاطه فـي حال عودتها من جديد. واسترجعت فكرة الصالون قـــائـــلـــة: «بـــــــدأت الـــفـــكـــرة منذ 17 عـــامـــا.. أردنـــــا كشاعرات وأديــبــات أن يكون لنا مكان نـــلـــتـــقـــي فــــيــــه، وفــــكــــرنــــا في الـــبـــدايـــة فـــي تــنــظــيــم أمسية شعرية، وكان املكان املقترح هـــو قـــاعـــة فـــي أحــــد املراكز التجارية بالدمام. وفـي نهاية األمسية، كـان هناك اقتراح بأن نلتقي شهريًا في مكان ثابت لنستمع ألشعارنا وأشعار الشابات، واستقر الرأي على أن يكون بيتي هذا املكان». وأضـــافـــت: «كــنــا نــخــتــار مــوضــوعــا يــــدور حــولــه النقاش، يمكن أن يكون في صورة محاضرة تربوية تلقيها إحدى املتخصصات، أو حــول كـتـاب معني نـقـرأه جميعًا لكاتبة أو كاتب، ثم يدور النقاش حوله، وكنا نخصص جزءًا من الــوقــت لـالسـتـمـاع إلــى اإلبــداعــات الــجــديــدة مــن الشاعرات ويدور حولها نقاش من املتخصصات». وتـرى إحـدى مؤسسات رواق بكة النسائي الدكتورة هانم يــــاركــــنــــدي أن هــــنــــاك ظلما فـــي تــعــمــيــم تــوجــيــه االتهام لجميع الـصـوالـني النسائية، مــشــيــرة إلـــى أن لــكــل صالون أهــدافــه الـخـاصـة الـــذي يبنى على أساسه الحكم على هذه الصوالني. وأشــــــــــارت لــــوجــــود صوالني ذات تـــوجـــه نـــخـــبـــوي، فيما تــوجــد صــوالــني أخـــرى تهتم باملبدعات الشابات، معرجة على تجربتهن في رواق بكة النسائي الذي يحمل كثيرا من األولويات - وفق حديثها. ولفتت إلــى أن الـهـدف مـن الـــرواق هـو فتح بــاب التواصل الــعــلــمــي بـــني عـــضـــوات الــــــرواق وســـيـــدات املــجــتــمــع لطرح الـقـضـايـا االجـتـمـاعـيـة والـثـقـافـيـة، مــشــددة عـلـى أن توجه الـــــــرواق ثــقــافــي ولـــيـــس أدبيا بـحـتـا، مــع االهــتــمــام بحراك املــــــــــــــرأة املـــــكـــــيـــــة خصوصا والــــســــعــــوديــــة عـــمـــومـــا منذ نشأته عام .ـه1426 وردت عــــلــــى كـــــل مـــــن وجه االتــــــهــــــام بــــأنــــه قــــصــــور في االهتمام باملبدعات الشابات، مـــــشـــــيـــــرة إلـــــــــى أن الــــــــــــرواق يــقــدم فــي كــل لــقــاء عــــددا من املـوهـبـات فـي مـجـاالت شتى كـــمـــحـــاولـــة دعـــــم وتشجيع. وأفــــــــــادت يــــاركــــنــــدي أن من نشاطاتهن التعريف بالثقافة املكية واملــرأة السعودية بشكل سنوي في موسم الحج من خالل دعوة عدد من الحاجيات، سواء من ضيوف اململكة أو من مؤسسات الطوافة للقاء يقام بشكل دائم في كل موسم حج. ولــم يكتف الـــرواق بهذه األنطشة بـل إنــه اتجه فـي خطوة لـدعـم املـوهـوبـات لعمل مسابقة ثقافية سنوية للكاتبات الــشــابــات فــي مـخـتـلـف الــفــنــون واآلداب كـالـقـصـة والشعر والرواية، ووضعت لهن جوائز تصل لثالثة آالف ريال لكل فرع بتمويل من عضوات الرواق. وتـــفـــخـــر يـــــاركـــــنـــــدي بكون الـــــــــــرواق هـــــو أول صالون نـــــســـــائـــــي يــــــوثــــــق أعــــمــــالــــه الـــســـنـــويـــة بـــكـــتـــاب، مشيرة لوجود )12( كتابا يلخص أنشطة الــرواق في السنوات املاضية. وأفــــادت أن الــــرواق يحرص في كل عام على تنظيم حفل ختامي ترعاه األميرة عادلة بـــنـــت عـــبـــدالـــلـــه، مــــا يعطي حــمــاســا ودافـــعـــا للقائمات عليه والعضوات املنضمات لــــــه ونــــــســــــاء مــــكــــة املكرمة لدعمه، مشددة على أن العمل املؤسسي هو سبب نجاحه واستمراريته حتى اآلن. وتشتكي عـضـو هيئة الــتــدريــس فــي جـامـعـة املــلــك سعود الباحثة واألديبة الدكتورة فوزية أبو خالد من عدم وجود إطـــار مـؤسـسـي لــهــذه الــصــوالــني، ســـواء مــن وزارة الثقافة واإلعــــــالم لــلــصــوالــني املـتـخـصـصـة فـــي الـــشـــؤون الثقافية واألدبية، أو من وزارة الشؤون االجتماعية للصوالني ذات الصبغة االجتماعية. وتــتــفــق أبــوخــالــد مـــع رأي يــاركــنــدي فـــي أن الــحــكــم على الـصـالـون مـرتـبـط بــأهــدافــه، مـشـيـرة إلــى أن تجربتهن في ملتقى األحد الشهري مختلفة كون صالونهن ليس أدبيا بحتا، لكنه ذو توجه ثقافي اجتماعي. ونفت وجــود انحسار لجميع الصوالني، لكن تـرى وجود اختالف في الجماهير بحسب توجهات كل صالون وقدرته على التجديد فـي أنشطته ومواكبته للعصر ومناقشته لقضايا تهم املرأة. وال تـذهـب بعيدا فــي تعليل خـفـوت بعض الـصـوالـني عن حجة سـارة الخثالن، إذ تتجه معها في أن وجـود النوافذ االفتراضية أشغلت الناس. لكنها تنفي أن يـكـون دخـــول املـــرأة للمؤسسات الثقافية سـبـبـا فــي خــفــوت الــصــوالــني، إذ تـــرى أن هـــذه املؤسسات تشهد صراعات كبيرة ووجود املرأة فيها صوري ومحدود وسقف الحرية فيها ضعيف بخالف الصوالني.