Okaz

املليحان: مسار النقد للقصة القصيرة ال يعدو جداول صغيرة

- علي الرباعي (الباحة)

يعد القاص جبير املليحان من أبـرز كتاب القصة القصيرة محليًا وعربيًا، يملك من الثراء اللغوي ما يؤهله لقول ما يريد على طريقته، يفضل أن يطلق على القصة القصيرة (الصغيرة) ونجح في كتابتها بامتياز، لم يستنكف في بداياته عن األخذ بكل املالحظات، والعودة مجددًا ملا تتاح قراء ته، لينجح في تدوين اسمه في سجالت املكرمني داخل وطنه وخارجه، وليلفت نظر النقاد إلى تجربته البسيطة العميقة، يتفق مجايلوه ومن عرفوه عن قرب على أنه من أنقى املثقفني خلقًا، وتعامال، ولعلنا من خالل حوارنا معه نجحنا في استنطاقه بما لم يقله من قبل، وهنا نص الحوار:

•• هي القرية؛ أبي بكتبه وصمته، أمي بقصائدها وغنائها العذب، خالي بحكاياته األسطورية في الليل، النخل، السهل، الجبل، الطير، والحيوان. ما زلت أحتفظ بذلك الطفل املندهش املتسائل، لقد حماني من عثرات كثيرة في ما بعد وأمدني بخطوات صحيحة وسط فساد العمل، وتعقدات الحياة التي تفتح حفرها ومزالقها في الطريق.

•• كانت هي من جاء أوال؛ كنت أحكي لنفسي وأنا صغير أني سأكتب. كتبت أول قصة وأنا في السنة الثانية املتوسطة. بعد الثانوية دخلت في دهاليز الشعر والقصة والرسم بالزيت والخط وكتابة املقال. لكني وجدت القصة هي التي تعطيني مساحة رحبة للتعبير.

•• أنا في قرية حكاءة، وأسرة كذلك؛ أمي ـ رحمها الله ـ ال تكف عن الحكي. إخوتي، البيئة.. الكل كان يتكلم حتى الطيور واألشجار. الصامت الوحيد كان أبي وأجا. ثم أنا. أخزن كل ما أسمعه، ثم البد من خالصة لبعض الحكايات؛ فرح، حزن، معاناة، حلم... إلخ، على هيئة نص قصصي.

أثر ذلك عليك؟ •• أبدا. كنت في معهد املعلمني بالرياض، وكنت أزور املكتبة الوطنية بشارع الخزان يوميًا، واشتري بعض الكتب من أرصفة شارع البطحاء. كانت حياتي قراءة. لم يحبطني قول األستاذ علوي الصافي. اعتقدت وقتها أنه (ال يفهم) واندفعت أقرأ أكثر. •• كانت تجربة رائعة انتهت بفصلي من رئاسة التحرير بالنيابة بسبب مقال. الحديث حول ذلك يطول، وربما يكون له وقت آخر.

•• ال أعرف ما تقصده بمرحلة الوعي تحديدا؛ فنحن في كل مرحلة عمرية نعتقد أننا ملكنا الحقيقة، لكني كلما تقدم بي العمر بدأ يقيني بالتناقص حـول ذلــك. اآلن أتلمس خطواتي الجديدة بناء على ما سبق. وعندما أجد نفسي ـ في الكتابة ـ في نفس خطوتي السابقة فليس لي غير الصمت.

•• عملت مدرسا، مدير مدرسة، مشرفًا تربويًا، مدير مركز إشــراف، موفدا من وزارة التربية، موظفا في شركة، وموظفا في البنك، وإداريــا في امليناء، مدير تحرير، رئيس تحرير بالنيابة، مدير كسارة في الصحراء، مزارعا في القرية، وعاطال عن العمل في فترة ما. أنا في قطار العمر، تجاوزت الكثير من املحطات في طريقي إلى املحطة األخيرة.

•• القصة القصيرة نامية، متجددة، تضيف فـي كـل فترة مبدعني واعني وواعدين.

•• املوهبة والـقـراءة ال تــؤدي إال إلـى

اإلبـــداع. ليس هناك عقوق. فمن لديه القدرة فسيكتب دون أن يلتفت لكل ما يقال. الطريق مفتوح وال يحتاج إلى بوابات محروسة.

•• لم أفهم هذا السؤال. لكني أعتقد أن أي نص قصصي ـ بعد اكتمال بعض الشروط ـ البد أن يحمل املتعة، وأن يكتب بلغة الكاتب املتمكن، ويقدم رؤية جديدة حول موضوع ما.

•• ال عالقة لكتاب القصة في سبب إنشاء شبكة القصة العربية الذي أنشاته كموقع شخصي لنشر نصوصي في عام ،م1998 بعد أن منعني وكيل وزارة اإلعالم من الكتابة في إحدى الجرائد بسبب مقال! بعد إنشاء موقع القصة العربية توافد إليه كتاب القصة من كل البلدان.

•• كتبت هذا النوع في منتصف السبعينات امليالدية، وسميته فيما بعد بالقصة (الـصـغـيـر­ة)، والــتــي وصفتها بـإيـجـازه­ـا الـشـديـد واالعــتــ­مــاد على (الكلمة) وليس (الجملة) كما في القصة القصيرة. أي االقتصاد في اللغة واعتبار أي (كلمة) لها (احترامها) شــرط أن تكون مكثفة وموحية، وهذا يعتمد على قدرة املبدع. وإمكانية أن يكون نصه (الصغير) مدهشا، مفاجئا يشبه طعنة خنجر في القلب؛ صغيرة لكنها ربما تكون قاتلة.

•• تجارب جيدة. أالحظ أحيانا عدم االهتمام بصحة اللغة، أو (ابتذالها). وهـنـاك مواضيع تشبه املــواعــ­ظ، أو الـشـأن الشخصي الــذي يمكن أن يكتب كخاطرة مثال.

تستوعب كل ما في داخلك؟ •• أكتب القصة وما زلت، لكن لدي مشاريع أخرى لكتابة نصوص طويلة ال تستوعبها القصة القصيرة.

•• ال أعـرف أين هم هـؤالء النقاد؟ الواقع أن أنهار اإلبــداع تتنامى وتتسع؛ روايــــة وقــصــة وشــعــرا، لـكـن مــســار الـنـقـد ربــمــا ال يــتــجــا­وز بـعـض الجداول الصغيرة.

•• ربما: مجموعة قصصية خامسة. سلسلة قصص لألطفال. رواية ثانية. تحديث شبكة القصة العربية.

 ??  ?? جبير المليحان
جبير المليحان
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia