العيسى: مالحقة التطرف في الفضاء اإللكتروني واجبة
ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ، ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﻤﺤﻄﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﻦ ﻵﺧﺮ ﺣﻤﻼﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻮﻣﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺁﺣﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ُﻣﺠﺘﺰﺃﺓ، ﺃﻃﻠﻘﺖ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺃﻣﺲ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍُﻷَﻣﻤﻲ ﺟﻨﻴﻒ ﺍﻟﺴﻮﻳﺴﺮﻳﺔ ﻣﻠﺘﻘﻰ »ﺩﻭﺭ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﻮﺋﺎﻡ« ﺑﺤﻀﻮﺭ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ، ﻭﺟﻤﻊ ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻭﺍﻷﺩﻳﺎﻥ، ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺘﻨﻮﻋﻬﺎ. ﻭﺃﻛﺪ ﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻈﻲ ﺑﺘﻐﻄﻴﺔ ﺇﻋﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﻭﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻷﻓﻖ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺘﻬﺠﻪ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺿﺤﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ.
فـيـمـا أوضــــح الــدكــتــور مـحـمـد العيسى فــي كلمته االفـتـتـاحـيـة أن رابــطــة العالم اإلســــــامــــــي بـــوصـــفـــهـــا مـــظـــلـــة للشعوب اإلسامية؛ تهتم بإيضاح حقيقة اإلسام ومــحــاربــة األفــكــار املـتـطـرفـة واإلرهابية، وتــعــزيــز الـــوعـــي الــديــنــي والـــفـــكـــري لدى األقليات اإلسامية والتواصل مع الجميع لنشر قيم االعتدال والتسامح والــــــســــــام، مــــشــــددًا على وجـــوب النظر لعاملنا بــمــزيــد مــن التفاؤل واألمـــــــــــــل مـــــــع بــــذل الــجــهــود املشتركة لـــــتـــــعـــــزيـــــز فـــــطـــــرة الـــــخـــــيـــــر واملــــحــــبــــة والــــســــام لـــــدى بني اإلنـــــــــــســــــــــــان وتــــــفــــــهــــــم ســنــة الــلــه فـــي االختاف والـتـنـوع والـتـعـدد بـن البشر، مشيرًا إلـى أن اململكة العربية السعودية أصـبـحـت منصة عـاملـيـة ملـحـاربـة األفكار املتطرفة واإلرهابية. وأكـــــد الــشــيــخ الــعــيــســى وجـــــوب ماحقة الــتــطــرف فــي الــفــضــاء اإللــكــتــرونــي الذي شــــكــــل لـــــه املــــنــــصــــة الـــــوحـــــيـــــدة للتأثير واالســتــقــطــاب، مـضـيـفـًا بــأنــه عــلــى أتباع الديانات والثقافات مقاومة األطروحات اإلقصائية وكذلك النظريات الكارهة مثل اإلساموفوبيا التي تعتبر حاليًا املقاوم األول لجهود محاربة التطرف كما تمثل عائقًا قويًا لاندماج اإليجابي لألقليات املسلمة ملقيًا بالائمة فيها على رهانات املـــصـــالــــح الــــذاتــــيــــة لـــبـــعـــض املنافسات السياسية بعيدًا عـن اسـتـطـاع الحقائق وبعيدًا عن تقدير األبعاد وأحيانًا غياب الضمير عندما يعلم عــن الحقيقة ثــم ال يلتفت إليها لحسابات خـاصـة أو نزعة كــراهــيــة لـــذات الــكــراهــيــة، كـمـا أن الائمة أيضًا تلحق في هذا على مزايدات اإلثارات واالستفزازات اإلعامية. ونبه الشيخ العيسى على أن هـذه التحديات لن تؤثر على جهودنا جميعًا في محاربة التطرف واإلرهاب ولــــــــن تـــــزيـــــدنـــــا إال عــــزمــــًا وتصميمًا وعما مستمرًا حتى نـهـزمـه بـكـافـة أشكاله، وأن األفــــــكــــــار املتطرفة خدمها العالم االفتراضي حتى اخــتــرقــت الــحــدود دون تــأشــيــرات دخول وال تــراخــيــص عــمــل، وبـــرهـــن للحضور بـاألمـثـلـة أن املـتـطـرفـن ضـعـفـاء الحجة، وأنـه ال قـدرة لهم على مواجهة الحقائق، وأنــهــم ال يعملون إال فــي منطقة الفراغ، وال يوظفون «السيما في اآلونة األخيرة» إال الـعـاطـفـة الـديـنـيـة املــجــردة عــن الوعي الــديــنــي والـــفـــكـــري، وأن رهــانــهــم األخير وأمــلــهــم الــوحــيــد بــعــد تــاشــي كــثــيــر من
أفــكــارهــم عــنــد املــواجــهــات الــقــويــة معها هـــو إثــــــارة الـــعـــواطـــف الــديــنــيــة عــلــى إثر حمات اإلساموفوبيا ضد اإلسام كدين وليس ضد املتطرفن فقط الذين حاربوا االعـــتـــدال اإلســامــي قـبـل غــيــره، وأن هذا الـخـطـأ الــفــادح خـــدم الــتــطــرف واإلرهــــاب كثيرًا، مؤكدًا أن نسبة التطرف في الدين ال تتجاوز النسمة الواحدة من أصـــل مــائــتــي ألـــف نسمة، والعدد في تراجع ألقل من ذلـك بفعل جهود مــــحــــاربــــة التطرف وســـعـــيـــنـــا جميعا لـتـجـاوز التحديات بعون الله. مـــــــــــن جـــــــهـــــــتـــــــه، قـــــــال املــــنــــدوب الــــدائــــم لبابا الـفـاتـيـكـان األســقــف إيفان جـــيـــركـــوفـــيـــش، فــــي كــلــمــتــه في الــــنــــدوة الـــتـــي شـــهـــدت تــنــوعــًا كــبــيــرًا في الحضور، إن الطريق الصحيح للوصول إلى السام الحقيقي هو انطاقه من مبدأ الــتــســامــح بـــن األديــــــــان، مـــشـــددًا عــلــى أن السام والتسامح البد أن يكونا بعيدين عن القوة أو اإلكــراه، ويجب دعم وتعزيز ثقافة االحترام لجميع األديان وحمايتها وأن تزرع هذه الثقافة في األجيال لينشأوا على الحب والسام. بعدها بدأت جلسات الندوة، حيث تحدث القس الدكتور اوالف توايت في الجلسة األولــــى عــن مــحــور الــعــائــلــة اإلبراهيمية وإرساء قيم التعايش السلمي. وبدأ القس حديثه بشكر الرابطة على تنظيم الندوة، مـؤكـدًا أهمية أن يلتزم الجميع بالسعي إلــى الــســام فــي هــذا الــعــالــم، ال سيما في هــــذه الــفــتــرة الــحــرجــة ألوروبــــــا والشرق األوسط وإفريقيا. وزاد أن هـنـاك الكثير مــن االنـقـسـام ومن االستقطاب بن الشعوب وبن األمم وفي أمــــاكــــن عـــــــدة، وقـــــد أصبحت الـــعـــقـــيـــدة لـــألســـف عامل انـــقـــســـام، وهـــــذا ظاهر فـــــي كـــثـــيـــر مـــــن دول الـــــعـــــالـــــم، كــــمــــا وقد أســــــــيء إلـــــــى بعض األبــــــــــريــــــــــاء بسبب هويتهم الدينية مما قـد يــؤدي إلــى إضفاء الــشــرعــيــة عــلــى العنف، الفتا إلى أن هذا كله يلحق ضررًا باألجيال الشابة ويحد من طموحاتها. وأكــد الـقـس تـوايـت أن أفراد العائلة اإلبراهيمية يؤمنون بإله واحد الــذي خلق اإلنسانية لكي يعيشوا معا، قائا: «نحن هنا اليوم لكي نشاطر هذه األفـــكـــار ونــبــدي الــتــزامــنــا لـنـبـن مــعــا ما يعنيه معتقدنا في الواقع العملي». وقالت األستاذة بجامعة جنيف الدكتورة فــــوزيــــة عـــشـــمـــاوي عــــن مــــحــــور العائلة اإلبراهيمية وإرساء قيم التعايش السلمي،
إن اليهود واملسيحين واملسلمن يأتون من نفس الجذع ومن نفس األب املؤسس وهو إبراهيم عليه السام، وهذا ما يؤمن به أتباع الديانات الثاث؛ أما املسيحيون واليهود فـإن اإلســام يعترف بأنهم أهل الكتاب ويعترف بكتبهم التوراة واإلنجيل عــلــى أنــهــا مــن الــكــتــب املــقــدســة ويعترف بسيدنا موسى وسيدنا عيسى كــــأنــــبــــيــــن لـــهـــمـــا مكانة مــمــيــزة فـــي الـــقـــرآن، إذ تـــتـــم تــســمــيــتــهــم في القرآن بأولي العزم، ويـــعـــتـــرف بسيدنا عيسى عليه السام عــلــى أنـــه كـلـمـة الله وروحــــــه وأمـــــه مريم تم تبجيلها وتكريمها عــلــى أنــهــا مــريــم العذراء البتول. وأكــــــــدت عـــشـــمـــاوي أهـــمـــيـــة الـــبـــحـــث عن الــقــواســم املــشــتــركــة بــن األديـــــان الثاثة وإبـراز أسس الحوار بن األديـان للعيش فــي ســـام؛ وأن الـنـقـطـة املـشـتـركـة األولى بن األديان الثاثة هي أن الكتب املقدسة الــــثــــاثــــة لـــهـــا عـــنـــاصـــر مـــشـــتـــركـــة وهي املــواضــع املتعلقة بــاألخــرويــات كالبعث والــحــســاب وعـــامـــات الــســاعــة والقيامة والجنة والنار. وأشـــارت إلــى أهمية أن يقيم أتــبــاع هذه الـــديـــانـــات الـــثـــاث حـــــوارا مــثــمــرا وليس حــســب الــتــفــســيــرات الــخــاطــئــة والصور املــشــوهــة والـــقـــوالـــب الــنــمــطــيــة والصور املـبـتـذلـة املـــوروثـــة عــن املــاضــي، مضيفة أن هناك في الوقت الراهن مبادرة مفيدة تــهــدف إلـــى إيــجــاد مـنـصـة مـشـتـركـة بن الديانات التوحيدية الثاث وهي مبادرة «كلمة ســواء» املتمثلة في خطاب موحد يـجـمـع أتــبــاع الــديــانــات الـــثـــاث، وكذلك مـبـادرة مدريد حـول تحالف الحضارات واملـــــــــــــــبـــــــــــــــادرات الــــتــــقــــدمــــيــــة ملـــلـــوك املــمــلــكــة العربية الــــســــعــــوديــــة بــــمــــا في ذلــــك مـــبـــادرة رابطة الــــعــــالــــم اإلســــامــــي لــــتــــعــــزيــــز الــــــحــــــوار الــــديــــنــــي والعيش مـــعـــا لــلــتــغــلــب على الـــتـــحـــديـــات وجميع األيــــــــديــــــــولــــــــوجــــــــيــــــــات الــســلــبــيــة الــــســــائــــدة التي تــــعــــرقــــل الـــــــحـــــــوار بــــــن شعوب العالم. وشـددت على أن تضافر الجهود لتعزيز الــحــوار مـا بـن الثقافات واألديـــان خال االضــــطــــرابــــات االجــتــمــاعــيــة والثقافية التي عاشها العالم يوجب على الجميع تـــوحـــيـــد جـــهـــودهـــم إلحــــيــــاء التعددية الدينية من خـال احـتـرام جميع األديان والثقافات لتعزيز السام العاملي القائم عـلـى احـــتـــرام حــقــوق اإلنـــســـان األساسية
والعاملية للعيش بسام. وتحدث في الجلسة الثانية ميشال قران جـــــون عـــن مـــحـــور األديــــــــان فـــي مواجهة التطرف واإلرهاب قائا إن على كل طرف مـعـامـلــة اآلخـــريـــن بـنـفـس الــطــريــقــة التي يرغب هو بأن يعامل بها، كما يجب أيضًا إدانــة جميع أشكال العنف بكافة أشكاله وأنواعه ومسمياته. واستشهد مـــــيـــــشـــــال بــــــأطــــــروحــــــات الـــــكـــــاتـــــب اإليـــــطـــــالـــــي كــاســتــيــلــيــون الــــذي يــعــتــبــر مــــن ضمن املـــؤســـســــن لسام األديــــان ويناهض اإلرهـــــــاب ويرفض اإلكـراه الديني الذي يــــــــــؤدي إلــــــــى تأجيج الــــــتــــــطــــــرف واإلرهــــــــــــــــــاب، وكذلك إثـارة النزاعات والفنت. ونـــــدد مــيــشــال بــأفــعــال الــجــمــاعــات التي تقوم بممارسة العنف ضد املسلمن في ميانمار. وخـــتـــم مــيــشــال مــشــاركــتــه باالستشهاد بقول كاستيليون «يجب علينا ترك حرية االعتقاد لآلخرين حتى نفسح املجال أمام تعزيز السام العاملي». بـعـدهـا تـحـدث األســتــاذ فــرانــك هانش في محور األديان في مواجهة التطرف واإلرهـــــــــــاب قــــائــــا إن هــــنــــاك تركيزا على قضية العقانية، وتحليل دائم للتمييز بــن مــا ينتمي إلــى العاطفة وإلـى الحنن وما له عاقة بالحقيقة، لذا يجب الفصل بن األشياء املختلفة ومـــا بــن الــرســائــل املــقــدســة والرسالة العاملية والتكهنات. وأكد أهمية عدم إكراه وإجبار اآلخرين عــلــى اعـــتـــنـــاق مــعــتــقــد ديـــنـــي، مشيرًا إلـى أن ذلـك يشكل مسألة خطيرة؛ ألن الـلـه لـو أراد ذلــك لجعل جميع الناس لـــهـــم ديـــــانـــــة واحــــــــــدة لكن يجب علينا االعتراف بالتعددية الدينية وحـــــريـــــة املعتقد الــــــــــديــــــــــنــــــــــي؛ ألن اإلنسان هو الذي يــــــقــــــوم بتعزيز هــــــذا املــــوقــــف في إطــار مـوقـف فكري محدد. وأشــــــــار هـــانـــش إلـــــى أن كـــل إنـــســـان لـــه جــانــب روحي وقدسي، ولكل إنسان القدرة على إخراج هذه الطاقات الدينية التي تكمن داخله مــن خـــال الــجــانــب الـنـفـسـي، ومراقبة الـــــــذات والـــضـــغـــط عــلــى الــنــفــس ومن خـال التركيز، وهــذا هـو الـهـدف الذي ترمي إليه األديان والتخلق والتسامي بـاألخـاق، فالكنائس واملعابد ما هي إال أماكن تهدف إلى التركيز والتخلق والتسامي والتعايش بسام.