لـ«مرمطة» اخلصوم وإشغال احملاكم !
واطــلــعــت «عـــكـــاظ» عــلــى نــمــاذج حــيــة مــن هذه القضايا املنظورة، آخرها وصف وافدين ملوظفة بـ«الذبابة» وانتهت بإدانتهما بحكم نهائي وجلدهما 140 سوطا. وفي أخرى مثل مسؤول شبه أحــد موظفيه بـــ«الــســكــران» أمــام املحكمة بعدما طالب املدعي بمقاضاة مديره، مطالبا بــحــقــه الـــشـــرعـــي، مــســتــعــيــنــا بــشــاهـــديـــن. ومن القضايا أيضا تلك التي قال فيها إمام مــســجــد لـــلـــمـــؤذن «تـــخـــســـى.. مانت بكفو». ومن الدعاوى التي تلقتها املحكمة دعــوى مـواطـن ضـد آخر قـال له «يـا أســود»، وهـي العبارة التي اعتبرها مهينة وعنصرية، وأخــــــــرى أشـــــــار فــيــهــا املـــتـــهـــم إلى خصمه بأصبعه الوسطى، معتبرا ذلك حـركـة غير الئـقـة تستوجب املحاكمة، ومن القضايا الغريبة تقديم مواطن بالغا ضد جار بسبب النزاع حول مواقف السيارات. ونـــظـــرت إحـــــدى املــحــاكــم شكوى مـــتـــقـــاعـــدة ضـــــد جــــارتــــهــــا التي سبتها، موجهة لها عــبــارة «لعنة الـلـه عـلـيـكـي». وللفصل فــي مـثـل هذه الــقــضــايــا تــنــعــقــد جــلــســات قضائية إلصـدار األحكام وترفع إلى االستئناف وتعاد ثــــانــــيــــة، مـــــا يـــشـــكـــل عـــبـــئـــا عـــلـــى األجــــهــــزة القضائية واملرافق العدلية، إذ يمتنع بعض الـقـضـاة إصـــدار أحـكـام في قـضـايــا مـشـابـهـة تـصـنـف بأنها تافهة.
مرمطة اخلصوم
واطـــلـــعـــت «عــــكــــاظ» عـــلـــى نموذج لقضية ظلت عشرة أشهر في املداولة قبل أن يـصـرف الـقـاضـي عنها الـنـظـر، واصفا الدعوى بأنها تافهة تشغل املحاكم وتزيد من أعبائها دون جدوى، وطبقا للمعلومات فــإن القضية املـصـروفـة تمثلت في أن مواطنا طالب بمعاقبة مقيم أمسكه من قميصه!
ويــــعــــلــــق عــــلــــى ذلـــــــك القاضي الـــــســـــابـــــق فــــــي مـــحـــكـــمـــتـــي جــــدة ومـكـة تـركـي الـقـرنـي، بــأن املحاكم الجزائية باتت تعج بقضايا أقـل ما توصف بأنها بسيطة و«تافهة»، يلجأ خاللها أصحابها إلى جر أصدقاء أو أقــارب إلى أروقــة املحاكم دون سبب بغرض «مرمطتهم». ويــرى املستشار القانوني خالد أبو راشد أن قضايا السب والشتم فـــي مــقــدمــة الــقــضــايــا الــتــي تقود أصــحــابــهــا إلـــى املــحــاكــم؛ اذ إن %30 من القضايا التعزيرية تتعلق بالسب والشتم والتهكم والتلفظ واملـشـادات الكالمية، خـصـوصـا عـبـر مــواقــع الــتــواصــل ولـــم تعد مثل هــذه القضايا نـــادرة أو غريبة،
وهو ما يدعو لألسف.
جترمي التلميحات
عــضــو الــنــيــابــة الـــعـــامـــة سابقا واملـحـامـي صالح الـغـامـدي يقول إنــه عـــادة مــا يلجأ الـبـعـض إلقامة دعـــــاوى فـــي الــحــق الـــخـــاص، وهــــي ال تـسـتـحـق نـتـيـجـة غــيــاب إطــــار قــانــونــي يحدد القضايا التي يمكن رفعها مـن عدمها، ولفت إلى أن هذا النوع من الشكاوى تضيع الكثير من الوقت والجهد، ويسعى أصحابها إلشـغـال الخصم أمام املـحـاكـم والـنـيـابـة. أمــا املحامية نــســريــن الـــغـــامـــدي عــضــو لجنة تـــــراحـــــم، فـــقـــد أوصـــــــت بإصدار تنظيم لتجريم األلفاظ واإلشارات والكلمات التي تنطوي على تحقير اآلخـــــريـــــن أو االنـــتـــقـــاص مــــن شأنهم أو مــعــايــرتــهــم بـصـفـة أو نــســب أو عــرق أو لــون أو أصــل أو مذهب. وأضافت أن التعزيرات الشرعية تـسـتـوعـب الــعــقــوبــات عــلــى مثل هذه األفعال أو األقوال، إال أن من األفضل وضعها في إطار تنظيمي ليكون الجميع على بينة من أمرهم فـــي مـــا يـتـعـلـق بــالــعــبــارات واأللفاظ التي قد تقود صاحبها إلى العقاب. ومـــن جــانــبــه، رأى املــحــامــي مـحـمـد املــالــكــي أن املحكمة الجزائية تختص بالنظر في قضايا السب. مبينا أن في هذه القضايا حقني، عاما وخاصا، ويقدم الحق الخاص على العام. وعن اإلجـــــــراءات قـــال إن الـــدعـــوى تــقــام مــن املدعي بــالــحــق الــخــاص ضــد املــدعــى عــلــيــه، ويطالب بإقامة حد القذف أو التعزير لقاء سبه أو شتمه ويـطـلـب جـــواب املــدعــى عليه كـسـائـر القضايا الجنائية.