Okaz

رجال الدين والثورات!

- عبدالرحمن الثابتي @A_ALTHABTY

في كتاب موسى املوسوي (الثورة البائسة) يصف الــثــورة وكـيـف اسـتـولـى عليها رجال الــديــن، وكــيــف كـــان شـــاه إيــــران يـحـكـم إيران بقبضة فـوالذيـة، فـي دولــة غنية، يعيش مواطنوها على ضفاف النهر وهم عطاشى، وكان الشعب يغلي على صفيح الفقر الساخن، كانت البطالة في أعلى مستوياتها، إذ بلغ عدد العاطلني مليونا ونصف املليون عاطل، وما يربو على %70 من الشعب غير متعلم ويجد صعوبة في الحصول على التعليم، بينما كان الشاه يدفع أربعة مليارات دوالر للمستشارين مـن الــواليــ­ات املـتـحـدة، فـي مفاصل الجيش تـسـاعـده فـي إحـكـام قبضته على الـبـالد والـعـبـاد، وكانت وسائل املـواصـال­ت والبنية التحتية مهترئة، والـشـاه في غيه تائها يحتفل بمرور 2500 سنة لقيام إمبراطوريت­ه العظيمة، والشعب يبحث عن رغيف يسد به رمقه، ويهاجر لــــدول الـخـلـيـج الــعــربـ­ـي مــن أجـــل الــحــصــ­ول عــلــى وظائف ولقمة عيش كريمة، وتكدست الثروة في يد القلة القليلة من الطبقة املتنفذة في البلد، وحينها كان الشاه يتبجح على مسامع العالم: «إن إيران ستصبح رابع قوة في العالم في عام ،1980 وإن الدخل القومي في إيران سيتجاوز الدخل القومي الياباني فـي عــام ،1980 وإن إيـــران كـانـت وستبقى جـزيـرة األمان واالســتــ­قــرار فــي املنطقة والــتــي أصبحت دولـــة نموذجية تقتدي بها دول العالم». وكــان جـهـاز االسـتـخـب­ـارات - الـسـافـاك - والـجـيـش يستمد قــوتــه مــن اإلدارة األمــريــ­كــيــة تـسـلـيـحـ­ا وتـعـلـيـم­ـا ودعما، والــتــي جعلته كـابـوسـا للشعب ولـيـس لــأعــداء، فــي هذه األثـنـاء تم تنصيب الرئيس األمريكي جيمي كارتر الذي كانت حملته مرتكزة على حقوق اإلنسان ودعم الحريات والشعوب املضطهدة، وكان شاه إيـران قد حاول أن يلعب بـأمـوالـه دورًا فــي االنـتـخـا­بـات األمـريـكـ­يـة، ملنع كــارتــر من الوصول لسدة الحكم، وهو ما لم ينسه كارتر للشاه، ومنذ أن تـولـى بــدأ بـرفـع الـدعـم عـن الــشــاه، كــان العهد الرئاسي الـسـابـق لجيمي كـارتـر قـد تــرك إرثــا ثقيال مـن املعاهدات التجارية والعسكرية، ولكن هذا لم يمنع الرئيس الجديد من رفـع الدعم عن الشاه، وكانت روسيا ال تدعم امللكيات في املنطقة، وتولت دعم الخميني الذي كان يقيم في دولة العراق، ثم انتقل لفرنسا فترة وكان الشعب اإليراني األعزل، يقوم باملظاهرات ضد الشاه، وكان الشاه يراوغ باستمرار، وكـان يـردد مقولته الشهيرة «إذا هبت العاصفة عليك أن تحني رأسك لها، وإال جعلتك كعصف مأكول». كــانــت الــثــورة شعبية بـامـتـيـا­ز، وكـــان الــشــاه مــتــرددا ولم يـحـسـم أمــــره فــي الــتــعــ­امــل مــع الـــثـــو­رة، وفـــي هـــذه األثناء بــدأ الـتـيـار الـديـنـي فــي ركـــوب املــوجــة ويــحــاول أن يجعل الخميني الـــذي بـلـغ مــن الـعـمـر عـتـيـا شخصية موثوقة، تجمع كافة أطياف الشعب وأنــه ال يطمح لتولي منصب وأنه بمجرد انتصار الثورة سيعود الديني للمعبد ودور التدريس الديني، ويتمتع الشعب في الحرية، وبمجرد أن فشل الشاه في إدارة األزمة أتى الخميني على طائرة قادمة من فرنسا، واستقبل استقبال الفاتحني، حيث استقبله ستة ماليني شخص، وبــدأ فـي محاولة إحـكـام قبضته، وأعدم في األسبوع األول خمسة من رمـوز النظام القديم حكمت عليهم محكمة الثورة باإلعدام في محاكمة سريعة، ونفذت األحكام على سطح املدرسة التي كان يسكنها الخميني في طهران! بــدأ الخميني فـي تشكيل لـجـان الـحـرس الــثــوري لحماية الثورة، وجعل على قيادتها أشخاصا يدينون له بالوالء املطلق، وأعلنت مبادئ الـثـورة، وأســس الدستور الجديد وجـعـل كـل األمـــور فـي قبضة الـشـاه الجديد ولـكـن بغالف ديني، وقد استغرقت هذه األحـداث قرابة ثالث سنوات إذ بــدأت املظاهرات في عـام ،1977 ووصلت أوجها في عام ،1978 وفي عام 1979 غادر الشاه إيران في 16 يناير إلى املنفى. هنا بدأت الدولة الثيوقراطي­ة التوسعية التي يمتد أثرها إلى كل العالم، حيث صدرت اإلرهاب وأخذت على كاهلها دعـم جماعات التمرد في كل العالم، إذ ما زالــت تتصرف وكأنها ميليشيات وال تتصرف كـدولـة، ولـذلـك فقد وجد جيرانها صعوبة في التعامل معها والسيما أنها تعتقد أن تصدير الثورة والفوضى والتوسع من مبادئ الثورة وهي أصولية املنطلقات، إذ ترى أنها الصواب الوحيد في هذا العالم الذي يجب أن يتبعه الجميع. خــتــامــ­ا هـــل يــذكــر هــــذا بـــشـــيء؟ هـــل كـــــادت مــصــر تصبح خمينية أخرى؟

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia