Okaz

الرعاية الصحية في اململكة

-

«الـشـأن الـعـام» هـو أمــور الـوطـن وأهـلـه.. هـو مـا يعتبر «املصلحة العامة» ملواطني البلد. و«املصلحة العامة» هي: فائدة ومصلحة وآمال وتطلعات أبناء الوطن، أو غالبيتهم – كما يراها من يمثلهم بحق، من عقالئهم، ال من يدعي أنه يمثلهم، وأنه العارف األوحد بما يحتاجون، ويريدون. ويستتبع اهتمام املرء بالشأن العام لبلده، اهتمام مناسب باملنطقة التي تقع فيها بالده، وبالعالم من حولها... لترابط هذه البيئات، بشكل يصعب – وأحيانا يستحيل التفريق فيما بينها، طاملا كان الهدف الرئيس هو: خدمة الصالح العام للبلد املعني. وال شك أن العقالء هم األكفأ واألنـسـب في خدمة املصلحة العامة لبالدهم، إضافة إلى توفر االعتبارات الالزمة األخرى. فهؤالء يدركون أن الدفاع عن الوطن ال يعني الدفاع عن كل شيء يصدر منه وعنه. وأزعم أنني من املهتمني بصدق بالشأن العام لبالدنا. وتجسد ذلك خالل كل مسيرتي العلمية والعملية، وإن كان هذا االهتمام متواضعا، وجهدا مقال، ومقصرا– كما أشعر اآلن، وبعد حـوالـى أربـعـة عقود مـن هــذه املسيرة. وأزعــم أنني من الحريصني على االعتراف باألخطاء، حتى إن ارتكبت من قبل أعز األطراف، بالنسبة لي. ألن ذلــك فضيلة... إضـافـة إلــى أنــه متطلب ضـــروري، لتصحيح املـسـار، وخـدمـة الصالح العام، باملضمون الصحيح والعلمي السليم، الذى يثمر إيجابا.. طال الزمان، أو قصر. ** قــدر لــي أن ينصب مــجــال اهـتـمـامـ­ي العلمي والـعـمـلـ­ي عـلـى الــشــأن الــعــام بـــ (املجال الـسـيـاسـ­ي) بصفة رئـيـسـة. وذلـــك يـعـنـي: امــتــداد هــذا االهــتــم­ــام ليشمل كــل مــا لــه عالقة بالسياسة.. أو، بمعنى آخـر، حتمية االهتمام بالسياسة أوال، وألنها تدير كل فعاليات املجتمع االقتصادية واالجتماعي­ة واألمنية والثقافية.. إلخ. فاالهتمام بالسياسة ال يكون لذاتها، وإنما لكونها الوسيلة الرئيسة إلدارة كل فعاليات وأنشطة املجتمع. وتمثل هذا االهتمام في عملي األكاديمي بالجامعة، وخارج أسوارها املمتدة، وفي عملي مع مؤسسات وهيئات حكومية مختلفة، وفـي املجال الدبلوماسي الـدولـي، وأيضا في عضويتي بمجلس والعربي. ** سررت، وتشرفت بعضوية مجلس الشورى لثالث دورات متتالية ـه1426 - 1438 هـ 2005( – )م2016 أي ملدة اثنتي عشرة سنة، وهى أقصى فترة ممكنة نظاما. وقد التحقت بلجنة الشؤون الخارجية طيلة اإلحدى عشرة سنة األولى. أما في السنة األخيرة ـه1438 )م2016( فقد وضعتنى «القرعة» عضوا في لجنة الشؤون الصحية! خالل عضويتي هذه باملجلس، مارست االهتمام بـ «الشأن العام» فعال، عبر تلكما اللجنتني. وجدت نفسي، في الواقع، في لجنة الشؤون الخارجية. وال أنكر أننى استأت من «القرعة» التي وضعتني فـي آخــر أعــوام عضويتي فـي لجنة الـشـؤون الصحية.. ولكننى سـرعـان مـا تقبلت ذلك، واستحسنته لعدة أسباب؛ يأتي في مقدمتها ما لهذا املجال من أهمية وحيوية تتعدى كل الحدود، وممارسة مهمات جديدة مع زمالء يعتبر كل منهم قمة في الخبرة الصحية (الطبية اإلدارية) وأستاذا في مجال تخصصه العلمي الطبي. كما أننى أحظى، منذ العام 9241هــــ، بعضوية مجلس إدارة إحــدى مؤسسات الخدمة الصحية الوطنية الخاصة والناجحة. وكل ذلك ربما يجعلني ليس غريبا على القطاع الصحي في بالدنا العزيزة. وقربني مرضي األخير أكثر لهذا املجال. ** من قبل ذلك، ومن بعد، كنت – وسأظل – أتمنى (كمواطن ومهتم) أن ترتقي الرعاية الصحية للمواطن لدينا إلى املستوى املطلوب واألنسب، سواء من حيث الكم أو الكيف. هذا أمر يتمناه، في الواقع، كل مواطن محب لبالده وأهلها. وأي مهتم بالشأن العام لبالده، البـد أن يهتم أوال بالقطاعني األهــم فـي أي بلد، أال وهـمـا: التعليم والصحة. وبالطبع، تعتبر الصحة املتطلب األول ألي كائن حي.. ولكنها ال يمكن أن تمسي كذلك وتتوفر إال عبر التعليم الجيد. وباملناسبة، معظم علماء السياسة في العالم يرون أن أهم قطاعني في الشأن العام في أي الــشــورى. هــذا، إضـافـة إلــى مـشـاركـة متواضعة فــي اإلعـــالم املحلي، بلد، هما: الصحة والتعليم. ويزعمون أن هذين القطاعني ال يمكن أن يكونا في «أفضل» وضــع ممكن إال بــ «سـيـاسـة» مناسبة وسليمة. حتى أن بعضهم يــرى أنــه: إذا صلحت السياسة (اإلدارة العليا ألي بلد) يصلح التعليم، وتصلح الصحة، ويصلح كـل شيء فيها.. وإن فسدت السياسة يحصل العكس! وإننى أثني على هذه األقـوال بحماس أقل، ألنني أدرك تماما أن إقناع اآلخرين بهذه «الحقائق» يحتاج إلى شروحات، وتوضيحات مـطـولـة.. يستحسن أن تتم وجـهـا لـوجـه. وكثير مـن فالسفة السياسة على مـر التاريخ البشرى يــرون: أن «النظام السياسي األمـثـل» هـو: النظام السياسي الــذى يحقق لشعبه (مستغال موارد دولته بأكبر قدر ممكن من الرشد) أقصى انتصار ممكن ضد حلقة «الفقر – الجهل – املرض». أي أن النظام السياسي األفضل هو الذى يحقق لشعبه أكبر قدر ممكن من «السعادة العامة»... وهـذه السعادة تتمثل في: مدى تمكني الشعب من التغلب على الثالوث الرهيب، الفقر، الجهل، املرض. ويحضرني هنا بعض مـا قـالـه الفيلسوف السياسي االقـتـصـا­دي اإلنـجـلـي­ـزي، رائــد ما يسمى بـ «املذهب النفعي»، «جيرمي بنثام» ( -1748 م1832 ) بهذا الخصوص. إذ يرى أن دافع السلوك اإلنساني األساسي هو: السعي نحو املتعة والسعادة وتجنب األلم. تلك هي الطبيعة األساسية لإلنسان. وعلى القوانني أن تقوم على أساسها، حتى تكون قوانني مفيدة وصالحة. وذلك يعني أن النظام السياسي األفضل هو الذي يحقق أكبر قدر من السعادة لشعبه. ** وانـطـالقـ­ا مــن هــذه الـقـنـاعـ­ات، يسعى محبو الــســالم فــي الـعـالـم، خصوصا املفكرين السياسيني واالجتماعي­ني منهم، للتأكيد على ضـرورة جنوح دول العالم للسلم، ونبذ الحروب، وسباقات التسلح التي تكلف هذه الدول مبالغ طائلة؛ كان يجب إنفاق معظمها على التعليم والصحة، بدل إنفاقها على ما يصعد من التوتر الدولي، ويفاقم من استحكام حلقة «الفقر – الجهل – املرض» في رقاب البشر. ولهذا الحديث صلة.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia