Okaz

احلزب الشيوعي الصيني ومعاجلة الفساد

-

استبق الحزب الشيوعي الصيني الحاكم موعد انعقاد مؤتمره الـ91 في أكتوبر املاضي باإلعالن عن معاقبة 1.34 مليون مسؤول صيني خالل السنوات الخمس املاضية كانوا متورطني في قضايا فساد إداري ومالي! وذكرت هيئة مكافحة الفساد بالحزب أن هذا العدد تم إصدار عقوبات بحقهم فــي قـضـايـا تتعلق بـالـفـسـا­د املــالــي وهـــدر املــــوار­د واستغالل السلطة وأن الحكومة سبق وأن فتحت 260 ألــف قضية تحقيق في قضايا تتعلق بالرشى والسرقة واستغالل املـال العام كان من بينهم 38 شخصًا من كبار رجال الدولة والحزب، من بينهم رئيس الحزب في مقاطعة «لو يانج» وعمدة مقاطعة «ينج بو» ورئيس املكتب الوطني لإلحصاء، وسكرتير الحزب في مدينة «تشونج تشنج»، وغيرهم ممن لم تحمهم رتبتهم الكبيرة وحصانتهم الحزبية من العقاب بعد أن اتهموا بالفساد وانتهاك قواعد االنضباط بالحزب، وبالتالي مصادرة أموالهم وتسليمها للدولة بعد تجريدهم من كل مناصبهم. الشاهد أنه خالل عام واحد تم «سحب» 415 ألفا من مسؤولي الحكومة إلى العدالة والتحقيق معهم وسجنهم، فرغم أن عملية التطهير كانت مستمرة بقوة ولم تتوقف منذ عام ،1977 من خالل اتباع أنظمه صارمة ال تعرف الشفقة، إال أن عملية التنظيف ظلت قائمة بنفس الوتيرة، ولم تحافظ الصني على زخمها االقتصادي ونسبة نموها إال باستخدام كل أدوات املراقبة املالية واالنضباط اإلداري وتمكني مؤسسات مراقبة الفساد من أداء دورها على الوجه األكمل وعلى الجميع. أي إصالح عام أو مكافحة حقيقية للفساد عادة ما تحتاج إلى الخروج عـن السائد، والـخـروج عـن السائد أمـر مـقـاوم بالفطرة، وبالتالي فإن تـجـاوز العواطف وتـجـرع اآلالم هـو الخطوة األولــى لنجاح أي حملة فـي هــذا االتــجــا­ه إلــى أن يتم تكريس الـعـدالـة والتنظيف االجتماعي بشكل طبيعي ومألوف وعلى الجميع دون استثناء، وبالتالي هضمه اجتماعيا لتخلق بـذلـك مجتمعًا يـقـوم على االنـضـبـا­ط الــعــام وروح املساواة والعدالة، ولذلك وعلى خلفية ما حصل فمهما فعلت حكومة اململكة في إطار هذا التوجه فإنها تؤسس لنا وألبنائنا مستقبال زاهرًا، مبتدئة بالشرط األول من شروط التحول وهو وقف عجلة الفساد التي ظلت تأكل األخضر واليابس، وهو امللف الذي أجل أكثر من الالزم إلى أن تجذر في كل أشكال وجوانب الحياة العامة، وأصبح عالجه صعبًا للغاية وبالغ التكاليف سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، قد يتصور البعض أن هــذا الـعـدد الــذي يخضع حاليا للمساءلة املالية هـو عدد كبير، لكنه في الواقع عـدد قليل على خلفية ما جـرى في املاضي من ممارسات فاسدة ونهب للمال العام وتالعب في العقود واملناقصات وسـوء استغالل للمسؤولية، ومـا ترسب في القاع من موبقات إدارية ومالية يحتاج عالجها إلى تضحيات كبرى ووقت طويل.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia