Okaz

نعي حكومة النأي بالنفس

-

الـصـدمـة الـتـي أحـدثـتـهـ­ا اسـتـقـالـ­ة الـرئـيـس سـعـد الــحــريـ­ـري، استدعت خطابني لحسن نصر الله، والعديد من التصاريح واللقاء ات التلفزيوني­ة للعديد من السياسيني والصحفيني من معسكر حزب الله، كان الخط العريض الذي يتناوله هذا الطرح، يتمثل في التركيز على شكل االستقالة. تحديدا كان التركيز على إعالن االستقالة من الرياض عوضا عن بيروت، وبالتالي تشتيت املـواطـن اللبناني والعربي عن التأمل في ظــروف االستقالة، ومـا عبر عنه دولة الرئيس في مضمون استقالته، وتحديدا عن الظروف التي يعيشها لبنان اليوم والتي تشابه األجواء التي سبقت اغتيال والده. في 2004 كانت سورية دفعت بانتخاب إيميل لحود لفترة ثانية رغما عن إرادة اللبنانيني، وبالتزامن خرج قرار مجلس األمن ،1559 والذي دعا إلى تسليم سالح جميع امليليشيات إلى الدولة، وأن يكون للبنانيني حق اختيار رئيس الجمهورية بشكل مستقل. واتهم الحريري وقتها بأنه من تسبب بخروج هذا القرار، وألن حزب الله هو تنظيم إرهـابـي، فقد قـرر أن يكون الــرد على تحرك الحريري السياسي باغتياله، لم يدرك وقـتـهـا ال حــزب الـلـه وال الـنـظـامـ­ان الــســوري واإليــران­ــي مــن خـلـفـه، أن زلـــزال اغتيال الحريري، سيتسبب في خروج الجيش السوري من لبنان. وألن ذهنية امليليشيات ال تفهم إال سياسة السالح، فقد كـان الـرد على حصول 14 آذار على األغلبية النيابية، والخوف من خـروج األمـور عن السيطرة بعد انسحاب الجيش السوري، أن هرب الحزب إلى األمام بافتعاله حربا مع إسرائيل، عبر خطف جنديني إسرائيليني جنوب الخط األزرق، وهو الخط الفاصل بني لبنان وإسرائيل الذي رسمته األمم املتحدة في العام ،2000 وال يجوز تجاوزه من الطرفني. وتـال ذلـك بالطبع استخدام السالح ضد اللبنانيني بالداخل في ،2008 والــذي من املفترض أنه سالح مقاومة للعدو اإلسرائيلي، وهنا كانت املمارسة تأكيدا على أن الديموقراط­ية التي تمثلها املؤسسات في لبنان، يصنع قرارها في الشارع بالترهيب أو الترغيب. وبالتالي كـان االلتفاف على األغلبية التي يمثلها 14 آذار، بالذهاب إلـى الدوحة فــي ،2008 وإخــــراج فـكـرة األكــثــر­يــة النيابية مــن فــحــواهـ­ـا، وتــم الــخــروج مــن فندق شيراتون الدوحة ببدعة «الثلث املعطل»، أي أن لألقلية النيابية التي يمثلها حزب الله وحلفاؤه ثلث الـوزارات، وأن تسقط الحكومة إذا استقالوا منها، وقد حدث هذا بالفعل في العام 2011 حني كان الرئيس سعد الحريري متوجها للواليات املتحدة للقاء الرئيس باراك أوباما، حيث استقال نواب حزب الله وأمل والتيار الوطني الحر وأسقطت الحكومة. مع استمرار الثورة السورية وتزايد الصراع وتدخل حـزب الله في املـعـارك، أصبح تعطيل العمل السياسي في لبنان هو العنوان، لكن أخطر مرحلة كانت بعد استقالة رئيس الجمهورية ميشيل سليمان فـي ،2014 وتـزايـد الـخـوف مـن اللبنانيني من غياب الدولة. وقتها عــاد سعد الـحـريـري إلــى لبنان، وقــام بخطوات كبيرة مـن أجــل إنـقـاذ لبنان من التعطيل السياسي الذي أرادته إيران، حيث تحرك لدعم د. سمير جعجع رئيسا للجمهورية، لكن نصاب مجلس النواب لم يكتمل، ألن حزب الله اختار «التعطيل» كمرشح رئاسي. ثم أخذ خطوة أبعد بترشيح سليمان فرنجية، وهو املحسوب على التيار اآلخر، وقد أثرت تحركات الحريري إلنقاذ لبنان على شعبيته، لكن رغم ذلك أخذ خطوة أبعد من ذلك بترشيح ميشيل عـون، وقد كان هناك اتفاق لتكون الحكومة بالفعل تنأى بنفسها عن مشاكل اإلقليم وخصوصا سورية. لـكـن لــم تـكـن كــل هــذه الــتــنــ­ازالت مــن الـرئـيـس الـحـريـري كـافـيـة، فـتـوالـت اإلحراجات للحريري وتجاوزه كرئيس للحكومة، مرة بلقاء وزير الخارجية بنظيره السوري، ومرة عبر ذهاب وزراء من حزب الله وأمل لدمشق. األمر تجاوز ذلك إلى تصريحات إيرانية مستفزة، حيث صرح الرئيس اإليراني حسن روحاني «ال قـرار في لبنان يتخذ دون إيــران»، ورد سعد الحريري عليه بأن لبنان عربي، وللمعلومية فهذا التصريح سبق االستقالة بأيام، ثم أتى لقاء الحريري بعلي أكبر واليتي مستشار املرشد ليلة سفره للرياض واستقالته. يتبني من خطاب استقالة الحريري، واألحـــدا­ث األخـيـرة التي سبقتها، أن الرئيس الحريري خير بني أن يكون موظفا لدى إيران، وغطاء ألي مغامرة ينويها حزب الله مع إسرائيل، أو يلحق بأبيه شهيدا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia