سلطة التعليم وتقطيع الطماطم
حـيـنـمـا تــم دمـــج وزارتـــــي الـتـعـلـيـم الــعــام والـتـعـلـيـم الــعــالــي كان االستهداف نبيا، واآلن وبعد مضي سنوات على هذا الدمج فإن املحصلة وبال على التعليم بشقيه العام والعالي... وحـــني أقـــول وبـــال كـــون اإلسـتـراتـيـجـيـة الــتــي بـنـيـت عليها فكرة الدمج هي تطوير التعليم بشقيه، وجعل مخرجات التعليم العام متناغمة مع التعليم الجامعي ودفع عملية التطوير بما يتاءم مع احتياجات التنمية وترشيد اإلنفاق وخلق إنسان متعلم يكون منتجا صـالـحـا وفــاعــا فــي الــقــنــوات الــتــي تـمـثـل فــجــوة وعجزا واحتياجا للكوادر البشرية.. ومع مرور الزمن ما زلنا (نطبش).. و(التطبيش) هذا ينبئ أن العملية التعليمية غرقت في الامباالة، حيث تحمل لنا األخـبـار والتصريحات مـا ال يستطيع دفـع باب مـــوارب فكيف الـحـال مـع األبـــواب املــوصــدة واألذهـــان املغلقة.. إن التنظير حلو املذاق إال أن الواقع مر علقم. لـديـنـا آفـــات عــديــدة وبـسـبـب هـــذه اآلفــــات فـــإن أي أمـــل نــزرعــه في أمنياتنا املستقبلية لتطوير أي جانب خدمي أو تعليمي يتباطأ ويفقد البوصلة وال يصل إلى تحقيق األهداف املرجوة منه، وأهم مــرضــني مـزمـنـني لــم نـسـتـطـع الـتـخـلـص مـنـهـمـا عـلـى مـــدار تعدد وتنوع الخطط التي مـرت بالبلد هما: البيروقراطية واملركزية، ومع وجود هاتني اآلفتني ال يمكن ألي تطوير تحقيق منجز يذكر.. وألن هـاتـني اآلفــتــني إرث نتناقله كــابــرا عــن كـابـر فـسـوف تضيع (الطاسة) حتما. وعندما كانت كل وزارة مستقلة بذاتها كانت مخرجات التعليم الـعـام (يــا قلبي ال تـحـزن) وكـانـت مـخـرجـات التعليم الـعـالـي (يا قلبي احزن) ومع دمجهما تشير التكهنات أن املخرجات ما هي إال (احزن براحتك يا قلبي).. تعالوا لنجلس ونحسبها (حسبة شيبان)، كم مدرسة في الباد لنقل ما بني 45 - 55 ألف مدرسة، وكم معلم في الباد (ولو كان في كل مدرسة كحد أدنى عشرة معلمني ومعلمات) ليكون تعداد املعلمني واملعلمات يفوق نصف مليون نفس.. بهذه الحسبة واشتراطات أن تكون مخرجات التعليم تقارع الدول (النصف نصف) فهذا يعني أننا بحاجة إلى وزراء وليس وزيرا واحدا، (فليس في صدره قلبان).. وألن املركزية إرث قديم فسوف تصب مفاسد ومحاسن التعليم العام على رأس الوزير.. حــســنــا، ومـــــاذا عـــن الــتــعــلــيــم الــجــامــعــي، تــعــالــوا نــجــلــس ونعيد (الحسبة)، كم جامعة حكومية في الباد تصل إلـى 28 جامعة، ومـاذا عن الجامعات األهلية لنقل نفس العدد 28 جامعة أهلية، كم عـدد الكليات في الـبـاد؟ كم عـدد املعاهد؟ كم عـدد امللحقيات السعودية التعليمية املنتشرة في كل البلدان؟ يكفي هــذا، بالله عليكم هـل هــذا عــدل بــأن يـديـر كـل هــذه األعداد واألحام واألمنيات والتخصصات رجل واحد؟ أحلف سكان الدنيا مجتمعني، هـل يستطيع وزيــر واحــد تسيير كـل هــذا املستقبل؟ وتـكـون مـخـرجـات وزارتـــه قـــادرة على تجويد التعليم؟ أقول: والله لو استعان الوزير بالجن ملا أنجز ربع املطلوب.. وملا أرســـى إسـتـراتـيـجـيـة نــاجــحــة.. وملـــا اســتــطــاع أن تــكــون مخرجات التعليم جيدة في حدها األدنى.. وملا استطاع يرمش بعينيه.. يـا جماعة كـل الــدول الباحثة عـن التقدم واللحاق بالركب تكون الوصية االهتمام بالتعليم، فهل هـذه (الجهة) هي الـقـادرة على تحسني التعليم تعليما جيدا.. أنا ال أشك بل أجزم أن التعليم بهذه الكيفية (السلطة).. على فكرة أنا رجل قضيت في التعليم 26 عاما، وفي كل عام كانت املخرجات تسوء بسبب ما تنتهجه الوزارة من أفكار أبعد ما تكون عن الواقع.. وقد ساهمت في تقطيع الطماطم!