Okaz

روما «حزينة».. «اآلتزوري» افتقد استبداد «الدوتشي»

-

ليلة بائسة مرت على اإليطاليني في ملعب جوسيبي مياتزا، أشبه بكابوس الحقبة الفاشية الزائلة التي عانت منها إيطاليا كثيرا، و«تمنتها» أمس األول في مفارقة تبدو لوهلة غريبة، لكنها في واقعها كانت حلما راود عشاق اآلزوري وهم ينازلون السويد بإحباط في آخر مهمة للتأهل ملونديال روسيا، على أمل أن تتغلب قوة اليأس بني الحياة واملوت على الصعاب، كما عبر أنجلو شيافيو عـقـب تـتـويـج إيـطـالـيـ­ا بـــأول لـقـب عــاملــي عـــام ،1934 حينما نـسـب الفضل في التتويج باللقب لـ«طاقة الخوف من االختفاء»، في إشــارة إلـى تهديد الديكتاتور­ية الفاشية الالعبني بالقتل إذا ما فشلوا في ذلك، لتتحول تلك الضغوطات السلبية وذلك االستبداد إلى إصرار صنع املعجزات، إال أنه غاب في ميالنو وتبخرت معه أحالم العرس العاملي.

الفوز أو املوت

شعار «الفوز أو املوت» الذي وضعه موسوليني أمام العبي املنتخب اإليـطـالـ­ي فــي مـونـديـال­ـي ‪،1938 ،1934‬ عــاد ليتكرر فــي مدرجات ملعب جـوسـيـبـي مـيـاتـزا فــي مـواجـهـة الـسـويـد فــي محطة الرحلة األخــيــر­ة وصـــوال إلــى روســيــا، إذ مــا انـكـفـأ الـطـلـيـا­ن عــن مؤازرة الالعبني طيلة دقائق املباراة، ولسان حالهم يقول أين هيبة الدوتشي (اللقب الذي حمله ديكتاتور إيطاليا) لتضع حدا لليأس الذي طغى على أدائهم منذ موقعة الذهاب فـي فريندز آريـنـا التي خسروها بهدف يتيم كان كفيال بإقصائهم بعد 60 عاما من الـوجـود في املحافل الدولية، لتعلو الصدمة الوجوه وتلوح التساؤالت في األفق، هل يحتاج الالعبون إلى تهديد يشبه ذلك الشهير لزعيم الفاشية الذي تولى الحكم قبل انطالق املونديال الثاني بـــــ21 يــومــا فــقــط، حـيـنـمـا وجـــه تحذيرا شديد اللهجة بأن حياتهم في خطر في حال لم يظفروا بالكأس، كونهم يحملون صفة «جنود في مهمة وطنية»، والفشل يـتـطـلـب أقــصــى عــقــوبــ­ة، لــيــقــه­ــروا بتلك الطريقة القاسية اليأس ويتشبثوا بالحياة بتحقيقهم اللقب العاملي مرتني متتاليتني. ورغــــم الــتــدخـ­ـالت الــســيــ­اســيــة والـتـحـكـ­يـمـيـة التي لـعـبـت دورا فــي الــنــتــ­ائــج، إال أن روح الــالعــب­ــني وشعورهم باملسؤولية داخل املستطيل األخضر كانتا العالمة الفارقة بني تلك الفترة ومـا عاشه اآلزوري طــوال 180 دقيقة في رحلتي الـذهـاب واإليــاب في طريق الـوصـول إلـى روسيا، وسط انتقادات الذعة من الصحافة اإليطالية التي عابت على الالعبني كثيرا حضورهم الباهت وعــدم شعورهم باملسؤولية تجاه منتخب بالدهم، رغم األسماء الكبيرة التي يضمها بني صفوفه، لتكون وصمة عار لن ينساها الـتـاريـخ، فبعد أن كــان اآلزوري بطال تحت تهديد املوت أضحى حمال وديعا مفتقدا سطوة الدوتشي الذي حقق اآلزوري في حقبته املظلمة لقبني عامليني، تالهما بآخرين في عامي 1982 ،2006و لتنام روما حزينة في ليلة متوشحة بالخزي والعار.

نهاية األساطير

عجز إيطاليا عـن الـوصـول إلـى املـونـديـ­ال الـروسـي جعل الـيـأس يـدب فـي قلوب متابعيه وعشاقه وأساطيره الذين طاملا أبدعوا في املستطيل األخضر، لتعلن نتيجة موقعة ميالنو نهاية مسيرة القائد جيانلويجي بوفون صاحب الرقم القياسي لعدد املباريات الرسمية في تاريخ اآلزوري بـ471 مباراة، الـذي وصف الفشل باملخزي والعار، وأعلن اعتزاله الدولي وعيناه تذرفان الدموع قائال: «أنا آسف، ولكن ليس من أجلي، من أجل املجموعة، ألننا فشلنا في تحقيق الهدف الذي كان مهما بالنسبة إليطاليا بأسرها، هذا هو إحباطي الوحيد». وخاض بوفون خمس بطوالت لنهائيات كأس العالم ‪،)2014 ،2010 ،2006 ،2002 ،1998(‬ وكان أحد النجوم الذين فازوا بكأس العالم ،2006 واستطاع خاللها الحفاظ على شباكه نظيفة خالل خمس مباريات، ودخـل مرماه هدفان فقط خالل البطولة، كما أنه مثل إيطاليا في أربـع بطوالت أمم أوروبــا، وفي دورة األلعاب األوليمبية ،1996 وفي بطولتني لكأس الـقـارات، إذ فاز بامليدالية البرونزية في نسخة .2013 فيما انضم العــب وســط منتخب إيطاليا دانييلي دي روســي، للحارس املـخـضـرم، وأعـلـن إسدال الستار على مسيرته الدولية، بعد الفشل الذريع في الوصول للمحفل العاملي، ليخرج بعد الليلة الحزينة قائال: «كانت لحظة عبثية، واألجـواء كانت حزينة للغاية، هناك طرق تحدد مسار حياتنا، أمر مؤلم.. إنها صفحة تطوى ولحظة سوداء في تاريخنا».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia