ملاذا حتمية احلرب على طهران ؟
من أجـل أن تعود فيروز للغناء، مطابع بيروت للعزف، وتنشر مقاهي شارع الحمراء مقاعدها الخشبية، معاطف الفرو، الكعب العالي، وزوايا الـتـنـويـر الــفــكــري عـلـى األرصـــفـــة، بمكتباتها، دور نــشــرهــا، ومصابيح الترجمة، ومن أجل أن تعود بيروت إلى مهمتها الوحيدة في الكون (تصنيع اإلبداع، الجمال، الفن) ويكون لسبعينات بيروت امتدادها الطبيعي، استعادة ثالثة مالين لبناني من خيام اللجوء الناعم، وسجون الغربة. من أجل أن يزرع أهل القطيف أراضيهم، يبيعوا ثمارهم في أسواق بالدهم دون توجس، من أجل خالصهم من أوهام ومشاعر غربة صنعوها ألنفسهم، وتثقل كواهلهم. من أجل أن يتخلص أطفال القطيف من ثقافة الفرقة واألحقاد، واحتمالية تحول الكلمات إلى رصاص يقوم بمهمة قتل رجال أمن وطنهم، ومن أجل أن ينجو من جاذبية (ثقب أسود ثقافي) يبتلع هويته، تاريخه، ويحوله إلى مسخ ثقافي، ليس له جذر أو فرع. مــن أجــل أن تسترد الـسـعـوديـة مـواطـنـن وقــعــوا ضحية إليـــران، وبـايـعـوا (اإلخوانية الشيعية)، كتكرار لكارثية اإلخوانية السنية في كسب والء وبيعة مواطنن سعودين، فكلتيهما (بيعة إخوانية) تأخذ من املواطن والءه، وماله، ودمه، وال تعطيه إال أوسمة وهمية (صكوك غفران/ مفاتيح جنة / حور عن)، ويأخذ قياداتها أماكنهم في جنات لندن، باريس، واألرصدة البنكية املتخمة. من أجل أن يعود الفالح في العراق، سورية، ولبنان إلى معوله، أرضه وحرثه، أخبار الطقس، تباشير مواسم الزرع والحصاد، من أجل أن يعود إلى لهجته، إلى سماء وأرض لم ينم جيدًا بعدما غادرهما بسبب طهران، من أجل أن يمسح عن مزرعته وأرض قريته آثار املجنزرات والعربات العسكرية، من أجل أن يغسل عن أطراف الجبل دماء مرتزقة الحروب، وبقايا البارود. مـن أجــل أن تتدفأ مـــدارس ســوريــة، الــعــراق، ولـبـنـان بـأنـفـاس األطــفــال الـتـالمـيـذ، تجد الضحكات وطنها في حناجر الصغار، وتجد دموعهم أسبابها الصغيرة العتيقة، البكاء ألسباب سخيفة فقط، سيفرحون الحقًا بكل دمع ليس سببه دما، سيفرحون بكل نص مكتوب ليس فيه نعي. ملاذا حتمية سقوط طهران عسكريًا ؟ من أجل أن تمتلئ صدور عجائز العراق والشام بيقن تنفيذ وصاياهم بأن تتجاور قبورهم مع قبور أحبابهم في مقابر ديارهم، يتألم الكبار سنًا عندما يوقنون بأن فرصة دفنهم في مقابر أهلهم تصبح ضئيلة، يتمسكون بالحياة في الغربة ليس حبًا، بل رفضًا للموت والدفن في املهجر. من أجل اللغة، من أجل الحضارة، الفن، الزراعة، الصناعة، الغناء، الرسم، التكنولوجيا، الترجمة، التأليف، املوسيقى، ومـن أجـل «بـكـرة، وبعد بـكـرة»، مـن أجـل طـهـارة الجبل والنهر، من أجل حركة التاريخ وثبات الجغرافيا، يجب أن تسقط طهران املسجونة في جمجمة الطائفية وااليديولوجية، ويتحرر الشعب اإليراني ويغتسل من أسوأ مراحل تاريخه الحديث. أعاله، ليس نداء حرب، بل دعوة لحرية شعوب العرب، وشعب إيران، وشعوب آسيا، من «اإلخوانية اإليرانية».