ريادة األعمال في اجلامعات السعودية.. الواقع واملأمول
مفهوم ريادة األعمال أو ما يتعلق بهذا العنوان الذي أصبح يتداول كـثـيـرا خــالل الــســنــوات الـعـشـر املـاضـيـة بــني هــذا الـجـيـل الـطـامـح إلى مستقبل أفضل ويحلم أن يكون له دور كمخترع يحول اختراعه إلى منتج يجلب له الثراء في يـوم وليلة.. وأصبحت الكثير من الجامعات السعودية لديها معاهد تحت مسمى اإلبــداع وريــادة األعمال والتي تم إنشاؤها تقريبا في معظم جامعات اململكة وبالتحديد في الجامعات األم التي مر على تأسيسها أكثر من 30 عاما، وأعتقد أن هناك أكثر من معهد لـإلبـداع وريــادة األعـمـال في بعض الجامعات الناشئة كـذلـك. هــذه املعاهد ومــع احـتـرامـي للقائمني عليها وعلى ما يقومون به من جهود لنشر ثقافة ريادة األعمال ورغم حداثة تأسيس هذه الثقافة بني جيل الشباب الجامعي إال أنهم هم أنفسهم ال يملكون املقومات الالزمة لنشر هذا التوجه بناء على ما تملكه كل منطقة من ثروات مختلفة سواء بشرية أو اقتصادية أو طبيعية أو احتياج كل منطقة ملتطلبات بعينها يمكن تحويلها إلى عمل مثمر املــردود على القائم بـه. هناك قصور حـاد في الخبرات التي تقود هـذا امللف ويتم تطويره وهمًا في الجامعات السعودية. الكثير من الفعاليات التي تقام وتتعلق بهذا الجانب، تجد أن معظم املتحدثني يـتـطـرقـون إلــى (وادي السليكون األمــريــكــي) وكــأنــه أنــمــوذج يتناسب مــع بيئتنا وواقـعـنـا، وال بـد أن نصل إلــى مـا وصــل إلـيـه مـن أعـمـال بحثية وبـــراءات اختراع، وتحولت بعض هذه البراءات إلى منتج تجاري تبنته شركات عمالقة قامت على رعايته أحيانا من الخطوة األولى في تبني الفكرة والبحث فيها ودعمها لسنوات حتى أصبح منتجا في يد املستهلك. هذا املنتج من وادي السليكون لم يكن ليتحقق إال بوجود بيئة متناغمة وأطــراف متعددة إلنجاح مقترح بحثي يتحول أحيانا إلى منتج وليس كل فكرة تصبح منتجا. هذا البحث املستمر والذي يتم دعمه من هيئات رقابية وشـركـات وحاضنات بحثية جامعية هي الركائز الرئيسية لبناء ثقافة ريادة األعمال. ما نعيشه اآلن في الجامعات السعودية أن بعض املتخصصني في التطبيقات الذكية وعلوم الحاسب هم من يقود ملف ريادة األعمال، وتناسوا أن هناك شركات عمالقة ودوال تقنية سبقتنا في هذا املجال، وأصبح التعامل معها وتطويرها إلى قالب يمكن تطبيقه وفقًا الحتياجنا أسهل بكثير من توطينه ومن ثم صرف مبالغ كبيرة عليه وبدون الفائدة املرجوة من هذه الخطط ومنتجاتها. التخطيط لريادة األعمال يتم من خالل احتياجات الوطن األساسية وليست املعقدة واملستنسخة من تجارب اآلخرين. لقد ارتفعت نسبة البطالة منذ تدشني رؤية 2030 بمعدل %1.5 لتصل إلــى مـا يـقـارب %12.3 وهــذا ال يتناسب مـع تطلعات وخطة الرؤية للوطن. الواقع أننا لم نؤسس إلى ثقافة حقيقية في ريادة األعمال لدى الشباب من منظور احتياج اقـتـصـادي وطـنـي والـــذي يعتمد بنسبة كبيرة على املقيمني وهــو قطاع خدمي واستهالكي. ريادة األعمال في قطاع التجزئة والنقل والتعليم والصحة هي القطاعات األساسية التي ال بد أن تقوم هذه املعاهد بدعمها، وال تكون الخطط لهذه املعاهد ومستقبلها والصرف عليها قائما على املبادرات الشخصية لتبني األفكار يكون الدافع لها وجهات نظر شخصية للقائمني عليها، بل تكون احتياج وطن يتم تنفيذه من قبل هذه املعاهد. واملأمول أن تكون هذه املعاهد تحت قبة هيئة ترسم خططها ومن ثم يتم تنفيذها وفقًا الحتياج الوطن أو جهة إكاديمية مستقلة، مثل كلية األمير محمد بن سلمان لــريــادة األعــمــال والــتــي تعتبر مــن الـكـلـيـات الــرائــدة فــي نـشـر وصـقـل ثـقـافـة ريادة األعــمــال. واملــأمــول أيضا أن يكون هناك تشريعات صـارمـة مـن قبل الـدولـة فـي ما يخص مساعدة رواد األعمال في البدء في إنشاء شركاتهم ومؤسساتهم الناشئة وفــقــا لـالحـتـيـاج والـتـقـلـيـل مــن الــنــظــام الــتــجــاري الــقــائــم عـلـى الـكـفـيـل ورأس املال والعمالة الوافدة. خاتمة: أتمنى أن ال تصبح معاهد اإلبــداع وريــادة األعمال وأوديــة التقنية مجرد شيء من املاضي بعد سنوات قليلة، وأكبر دليل مراكز التميز البحثية التي تبنتها الدولة وصرفت عليها مليارات الرياالت وفي الوقت الحاضر ال نجد لها أثرا..
* أكاديمي سعودي