هل يجرؤ حزب الله على قصف الرياض مرة أخرى؟
@massaaed منذ منتصف الثمانينات والسعودية والعالم يراقبون بناء حزب الله ملنظومته العسكرية والعقائدية، وكعادة األحزاب والتنظيمات اإلســـامـــويـــة، تــضــع قــضــيــة فـلـسـطــن الــشــمــاعــة واملـــبـــرر لنهجها العسكري االستعائي على أوطانها وشعوبها، مختطفة حق الدولة تحت شعار املقاومة واملوت إلسرائيل. تلك الـشـعـارات الطنانة سـرعـان مـا تسقط عندما تحكم األحـــزاب قبضتها على القرار السياسي والعسكري كما لبنان واليمن، وها هو حزب الله يهادن إسرائيل ويتصالح معه بسرية تامة ليتفرغ لتنفيذ أجندته الحقيقية. السعودية لم تعارض قيام حزب الله بما كان يدعيه من مقاومة، وتركت األمر بيد الحكومة اللبنانية شريطة أن ال يتحول الحزب إلى غول طائفي يمد أياديه «الــقــذرة» نحو الـــدول العربية، وهــو مـا حصل فـي سـوريـة واليمن والسعودية ومصر ولبنان نفسه. اليوم تقوم الرياض بواحدة من مهماتها الكبرى التي بدأت العام ،2015 وهي التصدي ملحاوالت استهداف وجودها عبر «حلف الفجار» قطر، إيران، حزب الله، الحوثين، اإلخوان املسلمن. بالطبع هذا التحالف كان يهدف إلى اقتاع السعودية من جذورها وتقويض مشروعها التنموي وخـلـق حـالـة احــتــراب طائفي، ألنـهـم وبـكـل بساطة يرونها العقبة الرئيسية أمــام مشروع الشرق األوســط والفوضى الخاقة املوكل إليهم تنفيذه. الجديد في املشروع أن حزب الله كمقاول من الباطن توقع أنه قادر على تخطي الخطوط السعودية الحمراء بعدما تعثر وانـهـار مشروعه األسـاسـي في اليمن بسبب ضربات جيش الرياض والتحالف العربي. الكثير ال يزال رهن تصورات الحروب البدائية، تلك التي نشاهدها في األفام (أبيض وأسـود)، عندما يرفع أحد الطرفن الراية البيضاء من فوق سور القلعة معلنًا استسامه. فــي الــيــمــن عــلــى سـبـيـل املـــثـــال، ال يـتـخـيـل أحـــد أن هناك مـن سيرفع رايـتـه البيضاء معلنا خسارته، ال إسرائيل في غزة فعلتها، وال تركيا مع األكراد، مــتــذكــريــن أن آخـــر مــن رفـــع الـــرايـــة الــبــيــضــاء هما الـيـابـان وأملـانـيـا بعد الـحـرب العاملية الثانية في القرن املاضي. ولنستذكر معا، هل انتصرت واشنطن في العراق، إذا أخــذنــا أهـــداف أمـريـكـا املعلنة سنجد أنـهـا انتصرت، وإذا أخـذنـا نتائجها العسكرية على األرض نجدها تـعـرضـت لخسائر كـبـيـرة، لـكـن هــل كــان ذلــك يستحق التضحيات، األمريكان يقولون نعم. فقد تم إسقاط صدام، وتغيير النظام، وإنهاء سيطرة حـــزب الــبــعــث، وتـفـكـيـك الـــســـاح، صـحـيـح أن الجيش األمريكي تكبد خسائر كبيرة لكنه حقق ما يريد. في اليمن، السعودية حققت هي أيضا ما تريد، انحسر الـحـوثـيـون نحو مناطقهم الـداخـلـيـة وأصـبـحـوا مـطـارديـن، البحر األحـمـر عاد حوضا عربيا خالصا بعدما كانت إيران تعربد فيه، املضائق املهمة دوليا تحت سيطرة سعودية، طرد جيش املالي وحرسهم الثوري من كل جزر البحر األحمر ومن القواعد العسكرية في دول شرق أفريقيا، إذا لم يكن هذا انتصارا، فما هو االنتصار. ما ينطبق على الحوثين ينطبق على حزب الله، فهذا الـحـزب تـصـور نفسه رقـمـا مهما فـي مــعــادالت الشرق األوسط، بينما هو أقرب ما يكون لعصابة من الفتوات تــحــرس الـــخـــمـــارات تــحــولــت مـــع الـــزمـــن إلــــى مليشيا تحرس مشاريع إيران وقطر في املنطقة. لــم يـكـن يعتقد حــزب الـضـاحـيـة أن إطــاقــه صاروخا بالستيا نـحـو الــريــاض فــي لـحـظـة «غــــرور سياسي»، سـيـتـسـبـب بــكــل هــــذا الــغــضــب الـــســـعـــودي وبـــكـــل هذه الــخــشــونــة، لـقـد أطــلــق نـصـر الــلــه دون أن يـعـلـم املارد السعودي الذي سيحطمه إذا لم يتراجع نحو وكره في الضاحية. الـــيـــوم وبـــعـــد رد املــمــلــكــة غــيــر املـــســـبـــوق، والوصول بــــاإلجــــراءات الـسـيـاسـيـة إلـــى أقــصــى مـــداهـــا، ال يمكن للحزب املغرور أن يفكر مجرد تفكير في إطاق صاروخ خشبي نحو الرياض، بل سيعد ذلك انتحارا كليا، ولن يكون أمام العالم الذي تمنى خال األسابيع املاضية أن تقدم الرياض الحلم على الغضب، وهو ما حصل لليوم على األقل، أن يقف أمام «نيران» الرياض في حال قصفت من جديد.