Okaz

حكومة «حزب الله» أم حكومة «لبنان»؟

-

قــــال الــشــيــ­خ ســعــد الـــحـــر­يـــري مـــن أمـــــام قصر اإلليزيه أمس األول السبت، إنه عائد إلى لبنان وسيحضر عيد االستقال، مؤكدا أنه سيناقش أسباب االستقالة مع الرئيس عون في بيروت، وهذه الجملة املـخـتـصـ­رة هــي إســــدال ســتــار ملـسـرحـيـ­ة صـنـاعـة الــوهــم من اإلعام املوالي لحزب الله وإليران ضمنا. هــذا الــوهــم تـمـت صناعته كبضاعة إعـامـيـة، ألن الرئيس الـحـريـري، كما قــال فـي حــواره مـع الزميلة بــوال يعقوبيان، قــدم صـدمـة إيجابية للبنانين، وبالتالي قــررت املنظومة اإلعامية للضاحية نقل النقاش وتشتيت االنتباه عن ما قاله دولة الرئيس في خطاب االستقالة، وما عاد ليؤكد عليه في حواره التلفزيوني. هــذه الحملة سـعـت إللــغــاء مـحـتـوى االسـتـقـا­لـة تـمـامـا، عبر اعتبار أن ما يقوله الحريري ال يجب أن يوخذ بجدية، ألنه قيد «االحـتـجـا­ز»، وقـد أحسن وصفا الـوزيـر مــروان حمادة، حن سماه «احتجاج ال احتجاز». وبــمــا أن الــحــمــ­لــة اإلعــامــ­يــة ســعــت إللـــغـــ­اء املــضــمـ­ـون، فقد حاولت أن تشغل اللبنانين بالتفاصيل، من شاكلة ساعة الرئيس وبـدلـة الرئيس وكرافتة الرئيس، لكن املضحك أن شدة الصدمة التي حدثت في عبارة الحريري بداية املقال، جعلت الوزير وئـام وهـاب يقول في لقاء تلفزيوني، دعونا نـتـجـاوز هــذه التفاصيل الـتـي انشغلنا بها كـثـيـرا، رغــم أن معالي الوزير السابق كان املعلق الرسمي على تويتر حول مابس الرئيس الحريري. عيد االستقال الذي يوافق 22 من نوفمبر الجاري، سيكون مختلفا تماما عن األجواء التي مر بها العام املاضي، والتي بشرت بعهد جديد هو عهد الرئيس عون، بعد شغور رئاسي استمر ألكثر من عامن. وقـد قـدم الرئيس الحريري والعديد من حلفائه تضحيات عـــدة، وقــد عـطـل حــزب الــلــه كــل مــرة جـلـسـات الــبــرمل­ــان بعدم تحقيق النصاب الكافي للتصويت على رئيس، وكان نصر الله يصف الطريقة الديموقراط­ية التي يجب أن يصل بها الرئيس عون إلى قصر بعبدا، بأننا أي حزب الله لن نذهب للبرملان إال إذا ضمنا وصول الرئيس عون. وقبل الرئيس الحريري حينها أن يرشح عون للرئاسة، في أجــواء ضــرورة إخــراج لبنان مـن الشغور الـرئـاسـي، وإنقاذ مصالح الشعب اللبناني التي تعطلت، لتكون حكومة نأي بالنفس حقيقة، ومما ال شك فيه أن كل ما قـام به الرئيس الــحــريـ­ـري إلنــقــاذ لـبـنـان مــن الــفــراغ الـــذي أراده حـــزب الله، مـــن تــرشــيــ­ح ســلــيــم­ــان فــرنــجــ­يــة إلـــى تــرشــيــ­ح مـيـشـيـل عون، كلف الرئيس الحريري من شعبيته خصوصا في القاعدة الشعبية السنية، لكنه ضحى بذلك سعيا ملصلحة لبنان. الـــيـــو­م يــســتــق­ــيــل الـــحـــر­يـــري لــيــقــو­ل إن حــكــومــ­ة «الــــــا نأي بالنفس»، حكومة فعليا هي الغطاء السياسي لحزب الله، أمـر يضر بمصالح لبنان واللبنانين، حكومة يضر وزير خارجيتها بعاقاتها العربية في كل محفل، ويحولها إلى حكومة تابعة للمصالح اإليرانية، ال يرضى طيف واسع من اللبنانين أن يكون ضمن هذه األجندة. هــنــاك وضــــع ابــتــدعـ­ـه حــــزب الــلــه فـــي لــبــنــا­ن بــعــد الخروج الــســوري، حيث قــام بافتعال حــرب مـع إسـرائـيـل فـي ،2006 إليجاد مبرر لساحه وتخفيف الضغط السياسي املتزايد على هذا الساح، الذي ال معنى لوجوده خارج إمرة الجيش بعد االنسحاب اإلسرائيلي في .2000 بعدها قام حزب الله بتوجيه الساح اللبناني للداخل، ليصل بذلك إلى اتفاق الدوحة الذي منحه الثلث املعطل للحكومة، والذي استخدمه بالفعل إلسقاط حكومة الحريري في 2011 مع بداية األزمة السورية. هذا الوضع غير سوي، أن تكون معارضة وتستطيع إسقاط األغــلــب­ــيــة فــقــط ألن لــديــك بــدعــة «الــثــلــ­ث املــعــطـ­ـل»، الوضع الطبيعي إما أن تكون هناك حكومة وزراؤهــا من األكثرية، وللمعارضه تقييم أدائــهــا فـي الـبـرملـا­ن، أمــا وإذا كــان قرار حزب الله أن ال يكون هناك حكومة تنأى بنفسها عن األزمات اإلقليمية. فليشكل حزب الله حكومة من حلفائه، ال يستخدم فيها باقي اللبنانين ليكونوا غطاء على حكومته، وال أعـرف حينها من سيتعامل مع هذه الحكومة، عدا عن إيران بالطبع.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia