سعودية تدير 62 ألف موظف في «عمالق النفط»

ثمة من توصف في تاريخ أرامكو أيضا اليوم بأول سيدة سعودية تشغل منصب مدير تنفيذي في الشركة، أال وهي «هدى محمد الغصن» املدير التنفيذي للموارد البشرية في أرامكو السعودية. فما هي قصتها؟ وكيف وصلت إلى هذه الوظيفة الرفيعة التي لم يسبقها إليها أحـد من مواطناتها؟ وكيف تتعامل مع مسؤولية إدارة برامج املــوارد البشرية وتنميتها وتطويرها ألكثر من 62 ألف موظف من 80 جنسية مختلفة؟ ولدت الغصن لعائلة سعودية في البصرة، حيث كان يقيم والداها اللذان حرصا منذ نعومة أظفارها على أن يغرسا بداخلها مـبـادئ الثقة واالجـتـهـاد واالعـتـمـاد على الـــذات فـي االخـتـيـار، فنشأت صلبة الــعــود، قـــادرة على مواجهة التحديات، تتملكها آمال وأحالم عريضة لالرتقاء بنفسها. درست الغصن املرحلة االبتدائية في الكويت التي انتقل إليها والداها، ثم انتقلت معهما إلى الرياض حيث أكملت باقي مراحل تعليمها بما فيها املرحلة الجامعية التي قضتها بجامعة امللك سعود طالبة في كلية اآلداب. وفي عام 1980 تخرجت في الجامعة املذكورة حاملة درجة ليسانس آداب اللغة اإلنجليزية التي عادة ما يوظف أصحابها في التدريس. غير أن الغصن لم تستوعب فكرة أن تكون معلمة. كان طموحها أكبر من ذلك بكثير، فآثرت االنتظار والبحث عن وظيفة تلبي رغباتها وأحالمها. وذات يوم وقع نظرها على إعـالن عن وجـود وظائف للسعوديني والسعوديات في أرامـكـو السعودية، فتقدمت لها، وبعد أسبوعني مـن مقابلتها مـع مكتب التوظيف تلقت نبأ قبولها. كان ذلك في سنة ،1981 التاريخ الذي بدأت منه رحلتها املهنية مع أكبر منتج للنفط في العالم.. مع الشركة العمالقة التي قدرت مجلة إكسبلوريشن Exploration قيمتها بـ01 تريليونات دوالر. في بادئ األمر تم تعيينها في دائرة الخدمات الطبية كممثلة للمرضى، ثم تمت ترقيتها لتصبح مستشارة لرئيسة برامج التدريب في الدائرة نفسها. غير أن الغصن الطموحة املتطلعة إلى مراكز ومراتب أعلى قـررت في عام 1984 أن تحصل من أرامكو على إجازة ملدة سنتني كي تواصل تعليمها العالي. وهكذا سـافـرت إلــى الــواليــات املتحدة لــدراســة تخصص جـديـد هـو اإلدارة املالية، فنالت درجة املاجستير من الجامعة األمريكية في العاصمة واشنطن دي سي عام .1986 في تلك السنة عادت للعمل ضمن دائرة الخدمات الطبية، لكن تخصصها الجديد ودرجتها العلمية الجديدة أتاحا لها االنتقال في عام 1989 إلى قسم الهيئة االستشارية للنائب األعلى للرئيس للعالقات الصناعية. ومن خالل هذا القسم ساهمت في إعداد الكثير من الدراسات والتحليالت الخاصة بتخطيط املنشآت، واملالية، والخدمات املجتمعية، وأســــواق الـعـمـل، والــعــالقــات الـصـنـاعـيـة، وســيــاســات املــــوارد البشرية، وأنـظـمـة الــرواتــب واألجــــور، وآثـــار تكلفة املعيشة على نـظـام الرواتب، وغيرها، بل إن عملها وجهدها في هذا القسم أتاحا لها فرصة االنخراط في عدة برامج للقيادة واإلدارة في عدد من الجامعات العاملية. وعليه نرى أن الغصن صعدت سلم النجاح الذي كانت تطمح إليه خطوة خـطـوة ووفــق رؤيــة واضـحـة وعـزيـمـة صلبة، فحققت مـع أرامــكــو مسيرة مهنية ناجحة تتوجت في عـام 2012 بتعيينها مديرة تنفيذية لعالقات املوظفني والتدريب (تغير مسمى وظيفتها الحقا إلى املدير التنفيذي إلدارة املــوارد البشرية)، لتكون بذلك أول امــرأة تتبوأ هـذا املنصب في تاريخ أرامكو، علما بأنها كانت قبل هذا التعيني املديرة العامة للتدريب والتنمية، أي املسؤولة عن تصميم وتنفيذ برامج التعليم املؤسسي وبرامج التدريب والتنمية ملختلف أقسام القوى العاملة في املناصب الصناعية واإلدارية واملهنية والقيادية.