Okaz

حتديات تعيق حماية البيئة في السعودية

- م. محمد بن إبراهيم الشريف

تواجه الجهود البيئية في اململكة، تحديات عدة، منها قلة عــدد العاملني فـي مـجـال البيئة، إذ يعمل حاليا في وظائف رسمية قرابة 0٥2 موظفا مختصا في املــجــال البيئي وأضــيــف لـهـم عــشــرات مــع تأسيس الـوزارة، وبدمج الوظائف املساعدة وتأهيل بعض التخصصات، فلن يصل مجموع العاملني الرسميني فـي مجال البيئة إلــى 2000 مـوظـف، فـي املقابل تزيد املواقع املحتملة للتلوث على 0٥ ألف موقع أو نقطة يجب مراقبتها والتفتيش عليها دوريا، لضمان عملها وفـــق املـقـايـي­ـس واملــعــا­يــيــر والضوابط البيئية، ومـن الصعب توظيف عـدد ضخم من املـفـتـشـ­ني الـبـيـئـي­ـني لتغطية هـــذا االحــتــي­ــاج امللح للمراقبة املستمرة الفاعلة، لذا أرى أن الحلول العملية املتاحة والجاهزة للتنفيذ هي بيانات رقمية وصور األقمار الصناعية عالية الدقة، ونواتج االستشعار عن بـعـد، وذلــك عقب تحليل بياناتها وتدقيقها مـن قبل مختصي البيئة في مراكز عاملية لألقمار الصناعية، فاالستشعار عن بعد يلعب دورًا مهمًا في دراسة الكرة األرضــيــ­ة وبــيــان الـتـغـيـر­ات الـتـي تظهر على سطحها، ومكافحة التلوث بشتى أشكاله، ويساعد االستشعار عن بعد على دراسة، تلوث الجو والهواء، وتلوث املياه، وتأثير املصانع على البيئة، وتأثير النفايات في تلوث البيئة، وإعداد خرائط خاصة باملناطق املحمية. إن املــراقــ­بــة الـــدوريـ­ــة للبيئة الطبيعية مــن ارتفاعات مختلفة، يعني إتــاحــة املــجــال أمـامـنـا للحصول على نتائج مستمرة تمكننا مراقبة وتقييم أي تلوث ومن وضـع الـدراسـات الصحيحة، وكذلك الحلول الناجعة، ويــشــمــ­ل جــمــيــع بــــؤر الــتــلــ­وث املــحــتـ­ـمــلــة بـــال استثناء ومراقبة مستمرة ودائمة، كما أنها ذات تكلفة اقتصادية تغني عن توظيف فريق من املراقبني، إضافة أن جودة ودقة املعلومات عن املواقع تصدر آليا دون تزييف أو تعديل مـا يعطيها املوثوقية واالعـتـمـ­اديـة، وأيـضـا ال تتطلب بنية تحتية أو تجهيزات وتـحـتـاج فقط االشتراك مع مركز عاملي في تحليل صور األقمار الصناعية من املراكز األوروبية أو األمريكية أو حتى مـراكـز الشرق األدنى املتطورة. وأثــبــتـ­ـت هـــذه الـتـقـنـي­ـة فعاليتها وجــــودتـ­ـــهــــا فــــي تــــجــــ­ارب وطنية سابقة، ويجب إشراك املواطنني في العمل الرقابي لحالة التلوث البيئي عبر منح كل من يبلغ عن حاالت تلوث بـيـئـي مــكــافــ­أة بنسبة مـئـويـة مــن قيمة الغرامة على املخالفة البيئية املضبوطة، ما يخلق روح املنافسة لضبط مخالفات التلوث البيئي ويؤدي ذلك للحد من التجاوزات واألضرار البيئية. وتعاني الدراسات االستشارية عن البيئة من صعوبة في تطبيقها، والسبب في ذلك أن الشركات االستشارية فــي اململكة تتصف بمشكلتني رئـيـسـتـن­ي، أوالهــمــ­ا أن غالبيتها تعتمد عـلـى مـوظـفـني عــرب وال تمثيل ألي من املختصني الغربيني أو الشرقيني وخصوصا الذين يـمـلـكـون املـعـرفـة والـتـقـنـ­يـة الـعـالـيـ­ة، وال أقــلــل هـنـا من قــدرات إخواننا العرب ولكن جميع الــدول العربية بال استثناء تعاني من مشاكل بيئية كبيرة، فال يمكن أن يقدموا ما ال يمتلكونه، كما أن االستشارات املقدمة ذات طـابـع تنظيري ال يرتبط بـالـواقـع على األرض فتأتي هذه الدراسات كأنها أحالم في مدينة أفالطون املثالية. والــــحــ­ــل يــكــمــن فــــي اســتــعــ­انــة جـــهـــاز الــبــيــ­ئــة بخبراء متخصصني في أحسن مركز بيئي ناجح وبارز، ليقدموا تـوصـيـات لتطوير أعــمــال ونـشـاطـات البيئة مــن واقع خبرتهم في إنجاح جهاتهم ومن واقع عملهم اليومي في بلدانهم. و يطمح املـــــجـ­ــــتـــــ­مـــــع إلــــــــ­ــــــى جـــــهـــ­ــاز بـــــيـــ­ــئـــــي يحقق الـكـثـيـر مــن الجهود فـــــــي نـــــشـــ­ــر املــــعــ­ــلــــومـ­ـــات الرقمية (غير السرية) لنتائج املراقبة البيئية لجودة الهواء وجودة املياه وجـودة التربة، وذلك األمر يعتبر تغيرا جذريا ونجاحا لجهاز البيئة، ومن الصعب تغيير مفاهيم مــوظــفــ­ني مـــا زالـــــوا حــتــى اآلن يــنــاقــ­شــون هـــل البريد اإللكتروني رسمي أم ال، والـحـل هنا فـي بناء قواعد بيانات رقمية جغرافية يتم توثيق وحصر وفــــــرز جــمــيــع املـــعـــ­لـــومـــا­ت والبيانات الـــورقــ­ـيـــة والـــرقــ­ـمـــيـــة خـــصـــوص­ـــا ما يتم تنفيذه في فيما ذكرته سابقا ووضعها في موقع جهاز البيئة أو بــوابــتـ­ـه اإللــكــت­ــرونــيــ­ة، وليس األمــر بصعب لكنه يحتاج إلرادة وعـــزيـــ­مـــة صــــادقــ­ــة مــــن قــبــل أعلى مـــســـؤو­ل فــقــط, ويــتــمــ­يــز الــعــمــ­ل في مــــجــــ­ال الـــبـــي­ـــئـــة بـــمـــيـ­ــزتـــني مهمتني، األولى أنه حديث العهد فليس هناك إرث تاريخي يرهق جهاز البيئة ويعيق من تقدمه. والثانية أن مجال حماية البيئة هو التوجه العاملي في الفترة الحالية، ولذلك فقد توفرت الكثير من الدراسات والتنظيمات واللوائح والتوصيات والخدمات البيئة العاملية املنتشرة كنماذج عملية جـاهـزة تساعد في تطوير أي جهاز بيئي. ومع هذا، فإن أي جهاز بيئي ال يستفيد مـن هاتني امليزتني خصوصا بعد مرور سـنـة وســتــة أشــهــر مــن تأسيسه فـهـو ال يـــزال مكبال بـالـبـيـر­قـراطـيـة الـنـمـطـي­ـة الــحــكــ­ومــيــة، والــحــل هنا األخــــذ بــجــهــا­ز بـيـئـي عــاملــي نــاجــح وبـــــارز كقدوة والعمل على تطبيق تنظيماته وخدماته البيئية واالستعانة بمستشارين من نفس الجهاز القدوة والعمل على مواء مة أنظمة وخدمات ومهام ذلك الجهاز للتنظيمات واللوائح الوطنية.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia