تقنني األحكام الشرعية املدنية واجلنائية
قطعت اململكة شـوطـا لـيـس بقصير فــي تطوير وتقنني أغلب األنظمة أمــام املحاكم واللجان الــقــضــائــيــة وشـــبـــه الــقــضــائــيــة الـــتـــي تحكم بـمـوجـب أنـظـمـة مقننة كــاألحــكــام اإلداريــــة والــــتــــجــــاريــــة. آن األوان لــتــقــنــني األحكام الشرعية املدنية كالبيوع والشراء والتأجير والــــــرهــــــن ومــــســــائــــل األحــــــــــــوال الشخصية واألحــــــكــــــام الـــشـــرعـــيـــة الـــجـــنـــائـــيـــة لعقوبات الحدود والتعزير، إذ باتت في أمـس الحاجة إلى التقنني لوضع عقوبات محددة، خصوصًا حاالت الحكم بـالـشـبـهـة، السـيـمـا أن الـشـريـعـة اإلســالمـيـة مناسبة لجميع العصور، ونــرى حسم أوجــه االخـتـالف بني آراء القضاة في األحــكــام الــشــرعــيــة، وتـقـنـني الــــرأي الـــراجـــح، مــا يـسـهـل على القضاء الجالس والقضاء الواقف االستناد عليها في أمور التقاضي، وال يخفى على علمائنا وشيوخنا األفاضل بأن الحاجة استدعت أن يجمع عثمان بن عفان رضي الله عنه القرآن، وال يخفى على بعض املتخصصني بأن أصل مصدر الـتـشـريـعـات املــدنــيــة الـحـديـثـة فــي الــــدول األوروبـــيـــة مجلة األحكام العدلية املستسقاة من الفقه الحنفي، التي أخذ منها نسخة نابليون بـونـابـرت فـي حملته الفرنسية على مصر عام ،1798 وحيث ال يوجد نص في الكتاب أو السنة يمنع تقنني األحكام الشرعية الثابتة بالكتاب والسنة واإلجماع والقياس، وبما أننا نحظى بعلماء وشيوخ أفاضل لديهم العلم الكافي لجمع هـذه األحـكـام الشرعية املدنية والجنائية، بما لدينا من زخـم األحـكـام الشرعية منذ عـهـد الـنـبـي صـلـى الـلـه عليه وسـلـم مرورا بالخلفاء الراشدين وعصر التابعني وحتى تاريخه وهــي حصيلة 1439 عـامـًا، وأرى أن يمنح القاضي سلطة تقديرية فـي االجتهاد في حكمه حال وجود واقعة لم ينص عليها النظام الذي إذا ما تم تأييده من محكمة االستئناف يرفع للمحكمة العليا لتدقيقه للعمل به، وإدراجه في مادة تضاف إلى مواد النظام حتى ال تتعارض مـع اجتهاد آخــر، مـا يحد مـن اجتهادات الـقـضـاة، وســرعــة الـفـصـل فــي املـعـامـالت الـقـضـائـيـة، كـمـا أن اطـالع العموم عليه يزيد من الوعي الشرعي في املعامالت املـدنـيـة والـجـنـائـيـة، وتـرجـمـتـه بـلـغـات عـــدة، لـيـؤكـد أنــه من أفضل األنظمة والتشريعات على اإلطالق، إذ يحمي الحقوق دون تحيز أو تمييز ألديان املتقاضني.