هضبة الصنه قلعناها 2-2
طلبهم سعد الله الفزعة. قـال العريفة: أبشر بنا، إال أن القرية انقسمت إلــى ثـاثـة أقــســام؛ قسم يــرى أن وصــول الـسـيـارة إلى الــقــريــة مـنـفـعـة، تـنـقـل مـريـضـهـم، وتــســوق بـضـائـعـهـم، وتنقل عرائسهم. الــقــســم املــــعــــارض يــقــولــون يـــا جــمــاعــة ال تــغــيــرون عاداتنا، وتتنكرون لسالف اآلبـاء واألجــداد، الحمير تقضي اللزوم في الـحـط والـشـيـل، والـجـمـال تنقل مـن هنا إلــى مكة فـي نهارين، واملــريــض مــا يـحـتـاج نـقـلـه لطبيب فـكـل قــريــة طبيبها فيها، ودخول السيارة مضاره أكثر من منافعه. أمــا القسم الـثـالـث، فما عـنـده مـبـدأ، إن قابلوا مـالـك الشاحنة قـالـوا: والله إنـك ابـن حــال، لكن وش لك وش لخيطي ميطي، وإن لقيوا املعارضني قالوا: احذروا يدخل السواقني واملعاونية قريتكم، ويكشف معوركم ملتقنص الطير وشبار الخير، وإن واجهوا املؤيدين قالوا: الشاحنة مصلحة لنا كلنا، وسعدالله يبغى يتكسب من ظهور الفدغ، وكلن شيخ حبه. لم يكن العريفة ممن يتأثر بالقيل والقال. كانت كلمته ترد على صميد الــحــنــان، نــدر ســوق الخميس، وصـعـد فــوق الدكاكني، وبدا ببدوة: صائحًا «الله وأكبر ال إله إال الله، يا قبيلتي ويا عصابة رأسي، معنا موتر نشب على رفيقنا سعدالله والصقر ما ينفر إال بجنحانه». لم تغب شمس الخميس إال وبيت العريفة متروس رجاجيل، وحــــــال، ومــــــال، وأدوات عــمــل مـــن عــتــل ومـــســـاحـــي ومناقب وزنابيل. أمـن (أبـو صالح) الجمال واملشاديد، وفجر الجمعة انطلقوا باتجاه الشرق. فريق النفاثات في العقد أصبح يتنشد النسوان والسفان: هاه افلحوا ما افلحو، أمـا املعارضون فصلوا فرضهم في املسيد ومــا أشــرقــت الـشـمـس إال وهــم فــي غــثــران، صــاحــوا بالعريفة: وقفوا لنا، التفت، وقال: أبشروا أنا فدى الحس ومن هو حسه. أمــضــو أســبــوعــني غــائــبــني عـــن الــقــريــة، وصـــبـــاح ســـوق األحد فـي رغــدان كانت شاحنة عـابـرة وســط الـقـرى، والـزيـر يــدن في الصندوق، وصـدى أصــوات املطاليق يعانق عنان السماء (يا معلم علم الباحة، هضبة الصنه قلعناها، امللد وبشير والراعب، والقرايا جتك فـزاعـه) اصطف النساء على الطريق، وصدحن بزغاريد تهز الجبال وقلوب الرجال. دخل النفاثون في العقد بيوتهم، وأغلقوا البيبان على أنفسهم، وقال كل واحد لزوجته: إذا حد نشد عني ما نيب هنيه. علمي وسامتكم.