Okaz

نحن أيضا في عجلة من أمرنا

- يحيى األمير yameer33@ hotmail.com

«إن الحياة قصيرة جدا، وقد تحدث الكثير من األمور، كما أنني حريص جدا على مشاهدته بأم عيني، ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري». كانت هذه هي الجملة التي اختتم بها سمو ولي العهد األمير محمد بن سلمان حواره مع نيويورك تايمز. كان العالم كله ربما بحاجة ألن يسمع تعليق ولي العهد السعودي بعد الضربات القوية التي وجهتها الدولة في الحرب على الفساد وبخاصة في مواجهة ذلك التأويل اإلعالمي الهزيل الذي روجت له بعض وسائل اإلعالم غير املهنية بأن ما يحدث ليس سوى محاولة لإلمساك بمقاليد السلطة في اململكة. «إنــه ألمــر مضحك»، فـاألعـضـا­ء الــبــارز­ون مـن املتهمن واملشمولن بـهـذه الحملة أعلنوا سابقا مبايعة ولي العهد وأعلنوا دعمهم إلصالحاته. لقد تأثرت التنمية لدينا جدا جراء الهدر الذي ظل يمثله الفساد، وقد رأى امللك حفظه الله أننا ال يمكن أن نكون حقا ضمن مجموعة العشرين ما دام الفساد يواصل هـدر التنمية وإضعاف مخرجاتها. ومع أن اململكة أطلقت أكثر من حملة ملواجهة الفساد، إال أنها لم تنجح ألنها كانت تبدأ من األسفل ال من األعلى. هذا الرأي الواقعي يذكرك وأنت تقرأه بتلك الوسائل التي ظلت ترد على هواتف السعودين وتلك اللوحات املنتشرة في الشوارع التي تحث على رفض الفساد وتمتلئ بالوعظ البسيط غير املؤثر والتي بالتأكيد ال يراها املعنيون الحقيقيون بالفساد ممن يمرون أمامها في مواكب حافلة وفي سيارات مظللة، وهي في لغتها وفي طريقتها إنما تخاطب العامة وال تبني وعيا وتتعرض لكثير من التهكم والسخرية، لقد وصل الحال بتلك الحمالت الوعظية الستخدام جمل وعبارات غاية في السطحية والتكرار من أشهرها: ال للفساد. ومثلما أنك ال تستطيع بناء اقتصاد جديد دون فاعلية حقيقية لكل شرائح املجتمع ودون إعادة تموضع لواقع املــرأة ودورهــا ودون بناء طبيعي للحياة اليومية يبتعد تدريجيا عن مختلف مظاهر التشدد، فأنت وبذات املستوى ال يمكن لك ذلك دون شكل جديد ومختلف تماما في الحرب على الفساد. موجة االندهاش التي رافقت هذه الحرب على الفساد هي ذاتها التي رافقت الحرب على التشدد، حيث إن كال من املواجهتن تمت بلغة جديدة وأدوات جديدة أيضا تختلف عن األدوات السابقة وتحمل نتائج مباشرة وتمثل أيضا إعالنا صارما، إنها القضاء على كل تلك الـدوائـر املعطلة للتنمية وللحياة الطبيعية. لم يترك الفساد مساحة لالقتصاد والنمو الطبيعي إال قلص منها وتـرك آثــاره السلبية عليها، ظهرت لدينا في السعودية طبقة ثرية وتقليدية، حتى وصلنا إلى الثنائية األخطر في أي مجتمع وهي: الفاسد املتشدد، أو الفاسد الذي يواري فساده بمزيد من التشدد واملراوغة الفكرية واملمانعة لكل خطوات التحديث واالنفتاح واإلصــالح وطاملا تندر السعوديون في مجالسهم وفي مواقع التواصل االجتماعي على أصحاب القصور الفخمة والسيارات الفارهة الذين ما فتئوا يحظون الناس على الزهد والقناعة ويحذرون من سماع األغاني وقيادة املـرأة للسيارة بينما تتضخم أرصدتهم وتتسع مساحات األراضي التي يتملكونها. هؤالء اآلن هم خارج العصر وخارج اإليقاع اليومي للحياة املتجددة في السعودية. ملاذا تحدث كل هذه الخطوات اآلن؟ ربما كان الزمن الذي يجلس فيه على كرسي امللك رجل مثل سلمان بن عبدالعزيز هو األنسب واألقدر على كل هذه الخطوات، ووجود سمو ولي العهد كشاب سعودي يافع ومتطلع نحو املستقبل يعكس تلك الشريحة الهائلة في مجتمعه التي باتت ترى فيه انعكاسا حقيقيا ألفكارها وتطلعها جعل املعادلة في أسمى درجات االكتمال لتنطلق نحو هذا األداء العالي السريع واملتوازن والفعال؛ كل الحكمة والتجربة الطويلة في الحكم واإلدارة والقوة الكامنة في شخصية امللك ومسيرته، وكل التطلع والروح السعودية الواعية املؤمنة بوطنها وأهله الكامنة في وعي وأداء سمو ولي العهد تجعل املرحلة السعودية الحالية هي األبرز واألكثر تأثيرا في مواجهة كل التحديات واالنتصار عليها أيضا. طاملا عمرت مجالس السعودين وأحاديثهم تلك النقاشات الطويلة عن الفساد والتشدد وطاملا تأزمت عالقة الشباب السعودي بحياتهم اليومية واتسعت الشكوى من الفراغ وامللل والحياة املحفوفة باملحاذير. اليوم حن ينتهي كل ذلك ستحل محل تلك النقاشات أحاديث عن الفرص واالستثمار والنجاح واالستمتاع الحقيقي بالحياة وبناء ذكريات ولحظات عامرة باإلنتاج واالستمتاع، وتلك أبرز عوامل ترسيخ العالقة بن الناس وبن وطنهم.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia