محمد بن سلمان.. في عجلة من أمره

بغض النظر عن املضامن الهامة التي حملتها مقابلة سمو ولي العهد األمير محمد بن سلمان التي أجراها الصحفي األمريكي توماس فريدمان ونشرتها «نيويورك تايمز» والتي تحتاج إلى عـشـرات املـقـاالت والتحليالت املوسعة عـن املـحـاور التي أوردها اللقاء الصحفي الهام مع سموه، إال أنني سألتقط بحسب مساحة املقال العبارة األخيرة من املقابلة عندما سئل األمير الشاب عن سر العمل واملتابعة الدائمة لفريقه بالشكل الــذي يشعر املراقب وكأن «الوقت يداهمه»، فأجاب األمير قائال: «ألنني أخشى أنه في يوم وفاتي، سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني. إن الحياة قصيرة جدا، وقد تحدث الكثير من األمور، كما أنني حريص جدا على مشاهدته بأم عيني – ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري». وأقـول بداية فليحفظك الله وليباركك لوطنك وشعبك السعودي الشاب، ونحن جميعنا معك في عجلة من أمرنا، ألن الوقت حان ألن تتحول اململكة العربية السعودية ليس كدولة مؤثرة ورائدة كـمـا كـانـت فـحـسـب، بــل إلــى دولـــة عظمى مـتـفـردة بـكـل املقاييس السياسية واالقتصادية والعسكرية والعلمية والثقافية… إلخ. دولة ينعم فيها السعوديون جميعًا ومعهم من يريد أن يشاركهم طموحاتهم وآمالهم بمستقبل زاهر يعبر بنا إلى القرن الحادي والعشرين ونحن أكثر قوة ومنعة ورخاء ونماء. الـسـعـوديـة وعـبـر أكـثـر مــن ثمانية عـقـود مــن العمل هــي اآلن في مـرحـلـة الـجـاهـزيـة ألن تــبــدل مـحـركـاتـهـا ذات الـسـرعـة املتوسطة والبطيئة أحـيـانـًا إلــى مـحـركـات فـائـقـة الـسـرعـة تختصر الزمان واملكان على نحو يجعلنا نجابه التحديات القائمة واملستقبلية وفي أكثر من مجال إستراتيجي بثبات وبروح واثقة من تحقيق الغاية واالنتصار رغم كل التحديات والعقبات! وال يهم أن تكون هذه التحديات صعبة أو عميقة، بل املهم أن يكون لدينا اإليمان الكامل والقناعة الالزمة والـرؤيـة الواضحة بأننا قادرون على أن نتغلب على هذه التحديات مهما عال شأنها. والسعودية اآلن وقــد وضعت رؤيتها 2030 محل التنفيذ وفق مــحــاور ثــالثــة عـمـق الــعــالــم الــعــربــي واإلســـالمـــي والــقــوة الرائدة استثماريا في العالم واملـوقـع اإلستراتيجي بن الـقـارات الثالث تعمل اآلن بـنـجـاح عـلـى مــا يـرسـخ هــذه املــحــاور لـبـالدنـا ويعبد الطريق أمامها، فهي قــررت سياسيًا وعسكريًا أن تجابه الخطر اإلرهابي إليـران في اليمن والعراق وسورية ولبنان واعتبار كل هــذه الجبهات الـتـي تـبـدو وكأنها متعددة إال أنـهـا فـي الحقيقة جبهة واحدة وعدو واحد قررت السعودية أن تخوض معه معركة مصيرية لردعه وتأديبه، وهي في ذات الوقت لم تنس أن تستغل موقعها اإلسـتـراتـيـجـي لتبني للعالم حلمًا جــديــدًا فــي «نيوم» و«البحر األحمر»، كما هي قررت أن أول سبل إعادة برمجة قوتها االقـتـصـاديـة واالسـتـثـمـاريـة هــو مـحـاربـة الـفـسـاد بــجــرأة أدهشت العالم أجمع وقد علمنا التاريخ أنه ما نخر الفساد في جسد دولة إال وجعلها أثــرًا بعد عــن! كما أن خططها االسـتـثـمـاريـة ورأس حربتها االقتصادية «أرامــكــو» ستكون على منصة اإلطــالق في العام القادم بـإذن الله ليتكون لـدى البالد قـوة استثمارية رائدة تبتلع على حـد قــول األمـيـر الـشـاب كـل مشاكل التعليم والصحة وأرقام السكن والبطالة! األمير الشاب محمد بن سلمان مدهش حتى ألعدائه في الخارج قبل شعبه ومحبيه في الـداخـل، ومـن يقترب من جدوله اليومي يعرف حجم العمل والتحدي الكبير الــذي يخوضه هـذا الرجل، لكن مـا يطمئننا أن الغاية والـهـدف تستحق هــذا الـعـزم والحزم الذي يطبع هذه املرحلة من تاريخ بالدنا، ولذلك فنحن وهو ليس لدينا وقت ألن نضيعه في سبيل أن نجرب حلوال ثبت فشلها ثم ننتظر نتائج مختلفة!