«وصفة عون» ليست ناجعة للمرض اللبناني
تدوير الزوايا هو ما يحاول الرئيس اللبناني ميشال عون أن يفعله في املـشـاورات التي أطلقها مع الكتل والكيانات الرئيسية في مجلس النواب، للبحث عن مخرج من املأزق الذي وضع فيه «حزب الله» لبنان سلطة وشعبًا ومؤسسات، مأزق االرتهان إلى قرار السالح الذي يتحرك عبر«الريموت كونترول» املتواجد في طهران. مـنـذ عــام 2005 وحـتـى هــذه اللحظة وتـحـديـدًا مــن لحظة اغــتــيــال رئــيــس الـــــــوزراء الــســابــق رفــيــق الـــحـــريـــري، مرورًا باملغامرات الحدودية والغزوات الداخلية وكل املآسي التي يتعرض لها لبنان من قتل وتدمير واغتياالت إنما تحصل وفــقــًا لــأجــنــدة اإليــرانــيــة، وبــعــيــدًا كــل الـبـعـد عــن املصالح اللبنانية وعن رغبات الشعب اللبناني وخياراته السياسية. اتخذ التوجيه اإليـرانـي للرؤى اللبنانية أبشع صـوره في األيام األخيرة مع املسعى الذي يقوم به هذا املحور لتشويه روابـــط الـعـالقـة مــا بــن لـبـنـان والــســعــوديــة، وكـــأن مصالح مــا يــزيــد عـلـى 250 ألـــف لـبـنـانـي يـعـمـلـون فــي السعودية، أي مـا يــوازي أكثر مـن مليوني لبناني يعتمدون على ما يجنونه في اململكة للعيش بحرية وكرامة، ال توازي أهمية أمام حفنة من التنظيمات وامليليشيات التي تأتمر بأوامر ايرانية لتنفيذ أجندة فارسية. إن تدوير الزوايا ال يبدو وصفة ناجعة للمرض اللبناني املــتــأزم، فـكـمـادات املـيـاه الــبــاردة تنفع فـي بـدايـة الحمى ال فـي تـأزمـهـا، ففي هــذه اللحظة الحرجة ينقل املـريـض إلى العناية الفائقة، وبالنسبة للوضع اللبناني يجب االنتقال إلى طاولة حوار واضحة تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، طــاولــة حـــوار تـبـحـث بـشـكـل صــريــح ودون مــواربــة مصير سالح «حزب الله» الالشرعي لتعلن إغالق «موانئ تصدير اإلرهــــــاب» مــن لـبـنـان إلـــى شــواطــئ الــعــرب ومجتمعاتهم. فلبنان -يا سادة -إما أن يغلق موانئه امليليشاوية وإما أن تقفل أبواب الدنيا بوجهه. هذا ما يجب أن يقال على طاولة الـحـوار وهــذا ما يجب أن يفهمه من سيجلس على طاولة الحوار، ولكن هل من طاولة ستعقد لكي يقال ما يجب أن يقال؟! وكان عون قد بدأ أمس (اإلثنن) إجراء مشاورات مع الكتل النيابية الرئيسية في البرملان، للوقوف على رأيها تجاه األزمة الحكومية الحالية. وقال مسؤول لبناني كبير إن املـــشـــاورات فــي الـقـصـر الــرئــاســي فــي بـعـبـدا تــهــدف إلى مساعدة حكومة الحريري على «الوقوف على قدميها» بعد أسابيع مـن عــدم االسـتـقـرار السياسي الناجم عـن استقالة الـحـريـري فــي الــرابــع مــن نـوفـمـبـر. واعـتـبـر الـزعـيـم الدرزي وليد جنبالط أنــه مـن املهم الحديث عـن «الـنـأي بالنفس» وكيفية تحقيقه. لكنه زعم أن من الحكمة عدم طرح مسألة سـالح حـزب الله في املـحـادثـات، مشيرا إلـى جــوالت سابقة من الحوارات غير املجدية حول هذه النقطة. وقال مسؤول لبناني كبير «إن املـشـاورات قد تنتهي بتأكيد لبنان على البيان الوزاري الذي يحتوي ضمنا على النأي بالنفس». مــن جــانــبــه، ذكـــر عــضــو كـتـلـة «املــســتــقــبــل» الــنــائــب محمد الــحــجــار، فــي تـصـريـح لـــه: إنــنــا بـانـتـظـار مــا سـيـصـدر عن املــشــاورات التي يجريها عـون مـن تـوافـقـات، وكـذلـك نتائج املــشــاورات الـتـي سيجريها كــل مــن رئـيـس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء سعد الحريري. ومـــن جـهـتـه، أفـــاد عـضـو كـتـلـة الــرئــيــس نـبـيـه بـــري النائب مـيـشـال مــوســى، بــأن هــنــاك اتـفـاقـًا عـلـى نــقــاط عــدة ونوايا جيدة لحل املشكلة، وأضــاف أن األسهل هو بقاء الحكومة ذاتها لتعالج القضايا محل الخالف.