جدة تتزين.. هل تتغير الطباع قبل أن يجف األخضر؟
كعادتها تتهيأ العروس اليوم (األربعاء) إلطاللة جـديـدة، ليست األولــى فـي تاريخها، ولــن تكون األخيرة، لكن واقـع الحال يخشى معه أن يتربع الــســؤال، هـل تصمد الواجهة البحرية الجديدة أمام عبث الصغار؟ وهل تقف «الصيانة» حاجزا صلبا يحمي املمتلكات، ويحافظ على املنشآت، أم يـتـحـول املــشــروع الـحـلـم إلــى أغــضــان يابسة، وأوراق ذابلة، وممرات يكسوها التراب، وأعمدة يحفها الــظــالم، ودورات مـيـاه تـسـوء مـن يراها، وتطرد من يقترب منها، ويصبح الوضوء على قــارعــة الـطـريـق ملــن أراد الـلـحـاق بـالـصـالة على شــاطــئ الــبــحــر، وظـــهـــور األطـــفـــال أمـــــام واجهة األبواب املغلقة ملن أراد إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ بـــاألمـــس، اســتــيــقــظ أهـــالـــي جــــدة عــلــى مشاريع متعددة حولت للمرة األولــى شـواطـئ العروس إلـى منتجعات يفد إليها الحاملون بمشهد زبد البحر، ومن يسحرهم صوت املوج، فكان العزف جماعيا، إذ تـأألت األنــوار، وفاحت رائحة عطر الــريــحــان والـــــــورود لــيــل نـــهـــار، وتـــمـــددت أقدام الصغار لتمأ فراغات األلعاب وتنشر الضحكة وراء األخرى، معلنة ميالد أرضية جديدة لجمال العروس. وبــــــني عــشــيــة وضــــحــــاهــــا، اخـــتـــفـــى املراقبون، وتراجعت سقيا الزروع، وتآكلت أيادي املتابعة، لتظهر يـرقـات «غــض الــطــرف»، فيصبح العبث بـاألشـجـار شــعــارا ملــن أراد التسلية على وتيرة الــعــاشــقــني، لـيـتـرجـمـوا شــعــار «تــحــبــنــي وال ما تحبني» فيما تتساقط حولهم أوراق األغصان، وعندما يفشلون في الوصول إلى نتيجة الرضا فـي مصطلح «تحبني»، يجن الـجـنـون، فتخلع الشجرة منكسرة، بعدما عجزت عن إرضاء غرور الطائشني. وبعدما كانت مياه البحر تفوح عبقا، باتت الفئران تنافس العناكب، والقطط تخجل مـــن الــقــفــز، فــتــرتــمــي مـنـتـفـخـة عــلــى صــخــرة أو رصيف، بعدما أعياها كم «ما لذ وطـاب»، فنأت بنفسها عن سنة الحياة، وغيرت طباعها، وأبقت «توم وجيري» في ذاكرة التاريخ. وتحت غطاء الظالم يستباح كل شـيء، فتتناثر املكسرات في مشهد فسيفسائي يجتمع فيه اللوز والجوز والفصفص، مختلطا ببقايا ما ينساب من قارورة املياه الغازية، ليشكل واقعا افتراضيا ملـــن أراد الــبــقــاء لــدقــائــق عــلــى مــقــاعــد صخرية صمدت أقدامها أمـام واجهة البحر، ولم يصمد أعالها أمام «وسخ العابثني». هكذا املشهد في واجهة جدة، التي صرفت عليها الدولة املاليني من أجل نزهة مواطن واستراحة مقيم، واليوم تستعيد جدة نضارتها بمشروع أكــثــر بــذخــا مــن أجـــل إرضـــــاء األهـــالـــي والـــــزوار، ليتنفس الـــســـؤال هــل يـبـقـى نـــاضـــرا، أم تتغير الطباع؟