Okaz

التغافل.. العقل كله

- فهيمة الحسن

مـن املـواقـف السلبية التي تستوقفني، تصيد األخطاء، ألنها تروي واقعا نعيشه مع أصحاب النفوس املريضة، التي تستمتع بالبحث عن املشاكل وإثارتها والتربص باآلخرين وقتل اإلبداع في مهده، وهي صفة ذميمة من صفات أهل النفاق، كأنها الحرب وما عليك إال أن تكون بكامل الجهوزية واالستعداد لها، وتصيد األخطاء يظهر بجاء في العمل، ففيه تـحـاك املــؤامــ­رات وتصبح الـعـاقـات متوترة، ويـــزيـــ­د فــيــه هـــاجـــس الـــشـــك والــــخــ­ــوف، فكيف ستحقق املنظمة أهدافها بشكل صحيح وناجح إذا كان هناك صراع بني العاملني؟ إنه أشبه بمعركة تتسم بالكر والفر جولة لي وأخرى لك. األخــطــا­ء تـقـع، ونـحـن لسنا مائكة أو مثاليني، ويجب علينا تقبل وقوع األخطاء، الناس الواثقون من الداخل هــم األكــثــر تقبا للتسامح والــتــرف­ــع عــن تصيد أخطاء اآلخـريـن ألنهم متصالحون مـع أنفسهم، تمأل حياتهم اإليجابية، ويعلمون أنه أسلوب سلبي يؤثر عليهم وعلى محيطهم، يجب أن تعلم أن النجاح لن تحققه بمفردك، أنت كائن اجتماعي تعيش وسط مجتمع وتتعامل معه وتتفاعل مع بيئتك، وتعمل من أجله وأجـل أسرتك، وال يـمـكـن أن تـعـيـش بــعــزلــ­ة عــمــن حولك، وهـــذا املـجـتـمـ­ع هــو الـــذي يمنحك النجاح. فـــلـــم ال نـــحـــول هـــــذه العادات الــســيــ­ئــة إلــــى حــســنــة ونحمي أنفسنا ومجتمعنا من أمراض يـــبـــغـ­ــضـــهـــ­ا الـــــلــ­ـــه، فــــالـــ­ـعــــادات السيئة مثل حب تصيد األخطاء والــحــقـ­ـد والــحــسـ­ـد لـهـا آثـــار سلبية على النفس البشرية، والعادات الحسنة مثل حب التغافل والتسامح والتركيز على اإليجابيات تساعدنا لنرتقي بديننا ووطـنـا، وتدفعنا إلــى التقدم والرقي. كل شـيء منذ خلق الله الكون إلـى يـوم القيامة مكتوب، ومنها الــرزق والعمل، فلن يأخذ أحـد شيئا لم يكتب له ولن يقاسمك في رزقك أحد، يجب على الفرد أن يتغافل عن أخطاء البشر، فبدال من تصيدها عليه أن يعالجها ويجد الحلول لكل تقصير، فا نضيع الوقت في أمور ال تثمر غير البغض والكراهية، ولنعمل سوية نحو التقدم والتطوير واإلنجاز، فلن نصل إلى الرقي وقلوبنا تحمل الكره يجب تطهيرها بالحب والتعاون والتغافل والعمل بروح الفريق. يقول اإلمــام أحمد رحمه الله عندما قيل له إن التغافل تسعة أعـشـار العقل، قــال: «بــل هـو العقل كـلـه».. التغافل فن من فنون الحياة فهو أدب وخلق جميل فيجب على اإلنسان أن يتغافل بعض األحيان عن أصدقائه، وعلى املــديــر­يــن أن يــتــجــا­وزوا عــن مـوظـفـيـه­ـم إذا هــم قصروا بشيء فا يبرزوا تقصيرهم وال يبحثوا عن زالتهم، بل على املدير أن يكون ناصحا لهم، ويذكرهم بما عليهم من حقوق وواجبات باألسلوب الحسن ويجب أن يكون الجزاء على قدر املخالفة، حتى ال يكون لها آثار عكسية، وتفقد املنظمة والء املوظف وتأثر العقوبة على قدراته ونفسيته.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia