التينة وشطوة الكهلة
تسامعت القرى بانتشار الوباء، وغدت أسبابه محور حديث الرجال والنساء، أقسمت (سعدى) أن الله انتقم منهم بسبب شــهــادة الــــــزور، وردت عـلـيـهـا (رفــيــعــة): الــبــاء سـبـبـه الغل والـحـقـد، والـلـه يحمي بــاد الفسد، وال يحمي بــاد الحسد. نـشـر الـفـقـيـه مـابـسـه الــداخــلــيــة فــي الـشـمـس لـتـحـريـرهـا من الحشرات املحتلة، وعـلـق عليهن «ذلـحـن أنــنت عرفنت سبب الـوبـاء والــواحــدة منكن مـا تعرف كوعها مـن بوعها». ردت «رفيعة» عليه: «إال والله لو أن قراء تك ودعاك من قلبك يكون ربي استجاب ورحمنا، لكن ما ها من طرف لسانك، تتحلل بها زكاة الفطر، دخلوا من خشمك». دخلت سيارة الوحدة الصحية املدرسية القرية فنفر الطاب، وزاد قلق األمهات، فتطعيم األطفال باإلبر مفزع، خصوصًا أن بعض الطاب الخبثاء يزيد على املـد جلدة، ويـهـول من حـجـم اإلبــــرة، ومــا يتبع الـطـبـز مــن تـشـريـط ملـوضــع اللقاح، وحــن نــزل مــن (الــفــان) األبــيــض طبيب عــربــي طــويــل أسمر البشرة يحمل حقيبة، ووراءه تمرجي سعودي يحمل دافورا، وقـــدرا لغلي اإلبـــر، حـــاول بـعـض الــطــاب الــهــرب، وتكركبت الكراسي واملاصات، وتعالى الزعيق. تسامعت الـفـصـول الستة بــوصــول فـريـق (املـتـيـنـة) البعض بدأ يهل الدمع، والبعض يرتجف، وثرثرة األبرياء تعج في املكان (بيتينونا). األنظار مركزة على الصف السادس، فأول إبرة اخترقت جسد عريف فصلهم. خرج يفرك موضع الغرز، والــتــف طـــاب الــفــصــول حــولــه، أوجــعــتــك، مــن طـــزك اإلبرة، و ّرنا. الفراش لحق بيتيم واستخرجه من شقيق الحطب، وحمله فوق كتفه، الطاب طابور أشبه بطوابير الجند، وحراسات مشددة، تحول الفضاء إلى مناحة وعويل، واألمهات يصرخن من البيوت املجاورة، هيل الله عليكم إن كان غزلتم بالسفان، إحدى الجدات الشجاعات حملت شونها وندرت على املدير، وأقسمت إن ما فك عيالها لتكسر رأسه بالعصاة، استدرجها بقصيدتن، وطلب لها فنجان شاهي، وقـال لها، هذي اإلبر يا خالة تعيد املجد إلى صباه، وتبعث فيك نشاط وحيوية، وأكــــد لــهــا أن الـتـيـنـة بـتـعـم الـجـمـيـع دون اســتــثــنــاء، سألته: فـي ذمـتـك؟ قــال إي ورب محمد، قـالـت: هـيـه خلهم يـا هبون لـي معهم، فـأخـذ بيدها وأدخـلـهـا اإلدارة، وتـعـالـت أصوات الصغار «جدتنا بتتن». حفشت ومع الشكة طقت بالصيح يا شطوتي شطوتاه، علمي وسامتكم.