Okaz

فخامة الرئيس له ثأر!

-

لــن أســـوق املــديــح ولـــن أذكـــر مـحـاسـن موتانا، سأحاول أن أقرأ شخصية الرئيس الراحل في سياقها التاريخي والسياسي وماعب األسنة أو مراقص األفاعي كما يسميه البعض، لن أقول إنه كان يمتاز بصفات ليست فيه، ولكنه كـان عربيا بكل ما تعنيه الكلمة من ذم ومــدح، كـان عسكريا، ولكنه حكم شعبه بما تقتضيه التناقضات اليمنية من قوة وصرامة وذكاء، سأقول إنه كان سياسيا محنكا يخرج من قصر الرئاسة مبتعدا ثم يدخله ملكا متوجا وبحرارة تصفيق وكأنه من الفاتحني، وسأقول إنه عندما تولى ألول مرة بعد مقتل رئيسني قبله، كان الكل يتوقع أنه الثالث، ولم يحدث ذلك إال بعد٠4 عاما من توليه! كــان يــواجــه القبيلة وتركيبة اجتماعية متجانسة إلــى حد كبير ولـكـن هــذا التجانس كــان يشكل ضعفا لـلـدولـة، حيث لعبت القبيلة دورا سياسيا مهما قبله وفـي عهده وستظل تلعب دورا مـحـوريـا بــعــده، واجـــه فــي الــداخــل دوال صغرى كان ياعبها بابتسامة، وينتصر دومــا، كان شجاعا في كل معاركه، كان حجاج اليمن وسيف الدولة، يختلف الكل عليه من حيث يتفقون، وكلما الحـت في األفـق أزمـة ظهر في دور املنقذ وتستقبله الحشود بالتصفيق، والتتويج، فأصبح لغز اليمن وكتابه املفتوح الذي ال يجيد أحد قراء ته وأراهن أنه لم يفهم نفسه حتى هو! لم يكن حليفا ألحد ولم يكن صديقا ألحد، كان يغير موقفه في كل لحظة، فهو عـدو وصديق للجميع، لقد كـان تطبيقا عـمـلـيـا لـلـمـيـكـ­افـيـلـيـة الــســيــ­اســيــة فــي أوضــــح صـــورهـــ­ا، عدو براغماتي تستطيع التعامل معه ولكنك تخشاه، يندر أن تجد عليه خطأ سياسيا يجعله عــدوا دائما فقد دمـر كل البدائل وجعل نفسه الخيار الوحيد، وعندما يصبح الداخل عصيا على التعامل يبني عـدوا ألعدائه ويصبح الـتـوازن هو سيد املشهد، ثم يقضي على هذه التوازنات، ويبدأ من جديد، هو مـن قتل الـزعـيـم الـحـوثـي ودعــم بقايا الحوثيني حتى اشتد عودهم ولم يستطع كسرهم! خطؤه الوحيد أنـه بنى عــدوا له أيديولوجيا ال تنسجم مع محيطها، وجعل الحوثي شوكة في خاصرة اليمن السعيد الذي ال يعرف من السعادة إال اسمها، وعندما وضع يده في يد الحوثي وسلمه مفاصل الدولة كان يظن أنه سيعود ليدمره مستقبا عندما ينتهي منه، ولم يحسب حساب أن إيقاظ هذا العماق سيقضي عليه، فالحوثي يستمد فكره وعقيدته من الولي الفقيه الذي يحلم بموطئ قدم ضد عدوه الرئيسي في املنطقة، وهنا كان الحوثي يتمدد في أرض بلقيس بجلباب كــســرى كـمـا وصــفــه األســتــا­ذ الـسـريـحـ­ي فــي مـقـالـه قـبـل أيام، ولذلك فقد كان كالسرطان الذي يصعب استئصاله، وعندما شعر الرئيس السابق بأنه في مأزق ال يتمناه له ألد أعدائه، انتفض وعاد ملحيطه العربي ووضع يده في التحالف، ولكن كما تقول األغنية الشهيرة «لقد أعطيتني الحب ولكنه كان مــتــأخــ­را جـــدا وقـلـيـا جــــدا»، حـــاول الـتـحـالـ­ف الــعــربـ­ـي إنقاذ مــا يمكن إنــقــاذه وضــخ جــرعــات الـكـيـمـا­وي لـعـاج السرطان املستشري ولكن كـان ذلـك متأخرا جـدا، فقد استشرى املرض في الجسم! ومع ذلك فقد كان موقفه األخير بمثابة نفخ الروح وعودة إلى حياض العروبة، واستيقظ الشعب على مقتل الرئيس، وألن شعب بلقيس لـن يسمح لكسرى بـأن ينتصر عليه فسيأخذ بثأره، ولذلك نقول الرئيس السابق والراحل حكم اليمن حيا وميتا، فا تفرحوا يا عماء الولي الفقيه بموته، فكسرى لم ولن يعتلي عرش بلقيس!.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia