Okaz

حظر االنتشار النووي.. االرتباط القاتل!

-

بـعـد فـتـرة قـصـيـرة مــن تـطـويـر تقنية اسـتـغـالل الــقــوة الــنــووي­ــة لألغراض الحربية، وتمكن اإلنسان من التحكم في عملية االنشطار النووي، استطاع العلماء أن يــوجــدوا طـرقـا وأسـالـيـب السـتـخـدا­م الـقـوة الـنـوويـة لألغراض السلمية. فبعد االستخدام العسكري الناجح لهذه الطاقة، اتضحت إمكانية استخدام تلك الـقـوة مـن أجـل البناء والـرفـاه البشري، وليس مـن أجـل القتل والتدمير. وأصبحت القوة النووية مصدرا للطاقة، وغيره من االستخداما­ت السلمية العديدة، ومن مظاهر رفاه الحاضر وأمل املستقبل، أدى كل ذلك إلى تزايد االهتمام بالطاقة النووية بشقيها، وانتشار املعرفة والتقنية واملنشآت النووية في معظم أرجاء العالم املعاصر، ومنها اآلن املنطقة العربية، ومنطقة الخليج العربي تحديدا. إن االرتـبـاط الوثيق بن منشآت الطاقة النووية، ومشاريع صناعة أسلحة نووية هو ارتباط عضوي وثيق و«مقلق» جدا لألطراف والدول التي يهمها استتباب األمن والسلم الدولين، وتخشى الحروب النووية، وهو أكبر ما يحد من التوسع في هذه االستخداما­ت، إن كال من املشاريع النووية السلمية واملشاريع النووية العسكرية يعتمد (تقريبا) على نفس املنشآت، ونفس التقنية، يتم الحصول على الطاقة النوية من املفاعالت النووية املصممة خصيصا لتوليد الكهرباء، ولكن تلك املفاعالت تنتج أيضا مادة «البلوتونيو­م»... وهـي عنصر أساسي لصناعة األسلحة النووية تنتجه املفاعالت النووية كـ«فضالت» نتيجة تشغيلها. ويمكن صناعة أسلحة (قنابل) نووية بسهولة إذا توفر البلوتونيو­م هذا بالقدر املناسب، ومن ناحية أخرى، فإن نفس مادة الوقود التي تستعمل غالبا لتشغيل املفاعالت النووية (اليورانيوم )235 يمكن تحويلها إلنتاج قنابل نووية، مع وجوب اغناء اليورانيوم 235 إلى %80 على األقل، لرفع درجة تخصيبه من 4 أو %5 (وهى درجة التخصيب األدنى عند استعمال ذلك النوع من اليورانيوم كوقود للمفاعالت النووية).

*** وباختصار، معروف أن هناك تقنيا طريقتن لصنع متفجرات نووية هما: )1( طـريـق الـيـورانـ­يـوم: حيث تصنع القنبلة الـنـوويـة مـن الـيـورانـ­يـوم عـالـي الخصوبة U( – .)235 توجد في اليورانيوم الطبيعي )238-U( نسبة ضئيلة جدًا من اليورانيوم ( 235-U ) تقدر بـــ7,0% فقط، وبـذلـك، ال بد من عملية «إخـصـاب» تتم على اليورانيوم الطبيعي لرفع نسبة محتوياته من اليورانيوم - 235 ( 235-U ) إلـى درجـة %80 على األقل، حتى يمكن استخدام املستحضر الجديد في صنع القنابل، وهذه العملية تستلزم إقامة منشآت تخصيب بالغة التكلفة والتعقيد. )2( طريق البلوتونيو­م: يتم استخالص معدن «البلوتونيو­م –( ‪Pu »239‬ – )239 من الوقود املستهلك للمفاعالت النووية العادية، فهذا املعدن بالذات ال يوجد في الطبيعة... ويكون «البلوتونيو­م» املستخرج بهذه الطريقة جاهزا الستخدامه (مباشرة) في صنع القنابل النووية.

*** لقد أصبحت املعلومات والتقنية النووية الالزمة الستغالل القوة النووية لالستخداما­ت السلمية، وأيضا العسكرية، متوفرة بشكل واسـع، وذلك يمكن أن يؤدي النتشار السالح النووي ‪)Nuclear Proliferat­ion(‬ الذي يشكل خطرا فادحا على السالم واألمـن الدولين. فتلك مشكلة بالغة الـخـطـورة، يـشـار إليها بـ«مشكلة ان» ‪،)Nth Problem(‬ أو «الورطة النووية»، ووجـود هذه اإلشكالية أدى إلى وجود املحاوالت الدولية الحثيثة لرصد أي نشاط نووي خارج إطار الدول الكبرى، ومنعه وعرقلته. فمن أشد ما يخشاه املجتمع الدولي هو انتشار التقنية النووية، ومن ثم انتشار السالح النووي في عدد متزايد من الدول، وأكثر ما يخشاه هذا املجتمع اآلن هو امتالك جماعات إرهابية أسلحة نووية، حتى ولو في هيئة قنابل نووية بدائية، أي غير مكتملة الصنع، يشار إليها بـ «القنابل القذرة»، فوقوع هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل في يد إرهابين أشرار سيعني إيقاع كوارث بشرية هائلة، من هنا بدأت املحاوالت الدولية لحظر انتشار السالح النووي، عبر حظر تداول املعلومات واملنشآت واملواد والتقنيات النووية الخطيرة. وتعود محاوالت نزع التسلح النووي إلى عام ،1946 غير أن أهم االتفاقيات الدولية في هـذا الشأن، حتى اآلن، هي «اتفاقية حظر انتشار األسلحة النووية» ،)NPT( التي بادر بطرحها كل من االتحاد السوفييتي والواليات املتحدة وبريطانيا في العام ،1968 وهي االتفاقية التي تحرم على الدول غير النووية عندئذ امتالك سالح نووي، ولكنها تتيح االستخدام السلمي للطاقة النووية تحت رقابة دولية مشددة من «وكالة الطاقة الذرية الدولية» ،)IAEA( وقد وقعت معظم دول العالم هذه االتفاقية، وصادقت عليها.

*** في إطار مكافحة االنتشار النووي، وعد الرئيس األمريكي السابق باراك أوباما بإعطاء موضوع حظر التسلح الـنـووي أهمية قصوى خـالل فترة رئاسته، التي شهدت الكثير من التحركات في هذا الصدد، ومن ذلك: عقد قمم األمن النووي، مرة كل سنتن، والتي تهدف إلى: توسيع نطاق األمن النووي، باعتباره أهم أنواع األمن، وتشديد الرقابة على النشاط النووي في العالم ككل، علما بأن هذه املؤتمرات تتجاهل دائما - تحت ضغوط من واشنطن - النشاط النووي اإلرهابي للكيان الصهيوني اإلجرامي، حيث عقدت هذه القمم أربعة اجتماعات حتى اآلن. عقدت األولى منها في واشنطن عام ،2010 والثانية في سيول ،2012 والثالثة في الهاي ،2014 وعقدت في واشنطن 2016 القمة الرابعة. ومـن املنتظر أن تعقد القمة الخامسة عـام ،2018 ويبدو أن الرئيس األمريكي الحالي «دونالد ترمب» مهتم أيضا بهذه املسألة، وإن كان معظم اهتمامه منصبا على التنمية النووية في إيــران. إضافة إلى كوريا الشمالية، التي أضحت دولـة نووية كاملة. ولهذا الحديث صلة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia