Okaz

مصر.. حالة خاصة

- عبدالعزيز محمد النهاري

رغم املحاوالت اإلعالمية من البعض املصري، وخصوصا اإلخوانية ومن يرى في السعودية خــطــرا عــلــى مـخـطـطـات­ـهـم وفــضــحــ­ا ألفكارهم الــشــريـ­ـرة الــتــي تـظـهـر فــي عـــدة أزمــنــة وعهود ســابــقــ­ة والحـــقــ­ـة، إال أن مــصــر تــظــل بالنسبة لــلــســع­ــوديــن حــالــة خـــاصـــة، ويــظــل االرتباط بن البلدين والشعبن ارتباطا روحيا قويا، ال تغيره مــوجــات الـفـتـور أو التباين الفكري الــســيــ­اســي فــي بــعــض الــقــضــ­ايــا؛ فالسعودية بالنسبة ملـصـر عـمـق إسـتـراتـي­ـجـي ذو قاعدة صلبة، وحتى بالنسبة للسعودية فــإن مصر لـهـا ذات الــعــمــ­ق، ويــكــاد االرتـــبـ­ــاط السعودي املـــصـــ­ري بـــقـــوت­ـــه، يـــفـــوق فـــي بــعــض األحيان االرتباط السعودي الخليجي، ويكفي أن عدد املصرين املقيمن في اململكة يقرب من أربعة مـــاليـــ­ن يــمــثــل­ــون نــصــف عــــدد املـــصـــ­ريـــن في الخارج. هذا ملخص سريع لطبيعة االرتباط السعودي املــــصــ­ــري، أود بـــعـــده الـــحـــد­يـــث عــــن اإلنسان املـــصـــ­ري الـــــذي هـــو أيـــضـــا حـــالـــة خـــاصـــة في كــل أطـــــوار­ه وأشــكــال­ــه وســلــوكـ­ـه وفــطــرتـ­ـه التي يتعامل بها مع اآلخـريـن، وعندما أقـول حالة خاصة فإني أقصد أنه حالة نـادرة ال تجدها فــي أي أمـــة؛ فــاملــصـ­ـري راق فــي تـعـامـلـه حتى وإن كــان مـن طبقة دنـيـا، تحسبها جاهلة أو ضحلة التفكير، قليلة الثقافة، فهو يبتدرك بـ «حضرتك» و«سعاتك» وال تغيب عنه كلمات االعـــتــ­ـذار واالســتــ­ســمــاح واملــالطـ­ـفــة واملجاملة مــثــل «المــــــو­اخــــــذة» و«إنـــــــت تـــؤمـــر يــــا باشا» وعندما تطلب الحساب لتدفع أي شيء تسمع قـبـل املـبـلـغ جملة «خـلـي عـنـك» وهــي نــوع من املجاملة واألدب الــذي تسمعه لـو دخلت معه في حوار ساخن، او استمعت لشجار في شارع أو سوق مصرية حيث ال يغيب ذلك االحترام بــن املـتـخـاص­ـمـن، وال أنـسـى ارتــفــاع الصوت وحرارة الخصام بن متصادمن بسيارتيهما؛ إذ لم تخل مفردات مثل «واملصحف حضرتك مـــا بــتــعــر­فــش تـــســـوق»، فــيــأتــ­يــه الــــرد «ياليت والنبي سعاتك تعلمني السواقة». قضيت في القاهرة املحافظة بضعة أيام بعد غياب عنها دام أكثر من ست سنوات تقريبا، وحقيقة فقد ملست فـرقـا فــي عــدة نـــواح منها تطور نظام املـــرور، فرغم تـزايـد السكان الذي وصــل فـي القاهرة الكبرى (الـقـاهـرة، الجيزة، القليوبية) إلــى نحو 22 مليونا إال أن نظام املــــرور واحــتــرا­م رجــالــه، هــو أبـــرز مــا الحظته بعد أن كــان آخــر هـم بعض املـصـريـن التقيد بـــاإلشــ­ـارة، أو احــتــرام رجــل املـــرور وصفارته، لـكـنـه الــيــوم يــقــف أمــــام إشــــارة املــــرور املزودة بـكـامـيـر­ا تسجل مــن يـتـعـدى عليها، وأضيف إلـى ذلـك إجـــراءات الـقـدوم والسفر فـي صاالت املطار الفخمة التي ال تقل مستوى عن أي دولة أوروبية، رغم الترحيب الحار الذي يصل إلى درجــــة املــنــاف­ــســة عــلــى كـسـبـك زبــونــا لخدمات املــــواص­ــــالت أو الــحــجــ­ز فـــي الـــفـــن­ـــادق والتي تلتقيك بمجرد خروجك من الجمارك. أخــيــر أود أن أذكــــر بـــأن أجــمــل مــا فــي مصر، هـــو هــــذا الــخــلــ­يــط مـــن الـتـعـبـي­ـر عـــن السعادة واالنبساط الذي تشاهده وتسمعه في الشارع وفي املحالت التجارية وفي كل ركن أو زاوية، فــهــنــا تــســمــع صــــــوت شــيــخــن­ــا عبدالرحمن السديس ينطلق من سيارة أجرة، أو من مطعم فول وطعمية، وبجواره محل آخر تسمع أغنية «أنــا صعيدي لكن روش»، وتنطلق بجوارك سيارة «مـالكـي» لتسمع من داخلها وبصوت مرتفع «ملا شفتها قلبي دق 3 دقـات، والطبلة دخلت لعبت جوا دماغي حاجات». الــكــالم عــن مـصـر واملــصــر­يــن إيــجــابـ­ـا وسلبا يـحـتـاج إلــى كــتــاب، لكنهم فــي الـنـهـايـ­ة شعب سعيد يكره األلم والتعاسة والشقاء حتى وإن ضاقت بهم الحال. للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250,‬ موبايلي, ‪738303 زين تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia