مصر.. حالة خاصة
رغم املحاوالت اإلعالمية من البعض املصري، وخصوصا اإلخوانية ومن يرى في السعودية خــطــرا عــلــى مـخـطـطـاتـهـم وفــضــحــا ألفكارهم الــشــريــرة الــتــي تـظـهـر فــي عـــدة أزمــنــة وعهود ســابــقــة والحـــقـــة، إال أن مــصــر تــظــل بالنسبة لــلــســعــوديــن حــالــة خـــاصـــة، ويــظــل االرتباط بن البلدين والشعبن ارتباطا روحيا قويا، ال تغيره مــوجــات الـفـتـور أو التباين الفكري الــســيــاســي فــي بــعــض الــقــضــايــا؛ فالسعودية بالنسبة ملـصـر عـمـق إسـتـراتـيـجـي ذو قاعدة صلبة، وحتى بالنسبة للسعودية فــإن مصر لـهـا ذات الــعــمــق، ويــكــاد االرتـــبـــاط السعودي املـــصـــري بـــقـــوتـــه، يـــفـــوق فـــي بــعــض األحيان االرتباط السعودي الخليجي، ويكفي أن عدد املصرين املقيمن في اململكة يقرب من أربعة مـــاليـــن يــمــثــلــون نــصــف عــــدد املـــصـــريـــن في الخارج. هذا ملخص سريع لطبيعة االرتباط السعودي املــــصــــري، أود بـــعـــده الـــحـــديـــث عــــن اإلنسان املـــصـــري الـــــذي هـــو أيـــضـــا حـــالـــة خـــاصـــة في كــل أطـــــواره وأشــكــالــه وســلــوكــه وفــطــرتــه التي يتعامل بها مع اآلخـريـن، وعندما أقـول حالة خاصة فإني أقصد أنه حالة نـادرة ال تجدها فــي أي أمـــة؛ فــاملــصــري راق فــي تـعـامـلـه حتى وإن كــان مـن طبقة دنـيـا، تحسبها جاهلة أو ضحلة التفكير، قليلة الثقافة، فهو يبتدرك بـ «حضرتك» و«سعاتك» وال تغيب عنه كلمات االعـــتـــذار واالســتــســمــاح واملــالطــفــة واملجاملة مــثــل «المــــــواخــــــذة» و«إنـــــــت تـــؤمـــر يــــا باشا» وعندما تطلب الحساب لتدفع أي شيء تسمع قـبـل املـبـلـغ جملة «خـلـي عـنـك» وهــي نــوع من املجاملة واألدب الــذي تسمعه لـو دخلت معه في حوار ساخن، او استمعت لشجار في شارع أو سوق مصرية حيث ال يغيب ذلك االحترام بــن املـتـخـاصـمـن، وال أنـسـى ارتــفــاع الصوت وحرارة الخصام بن متصادمن بسيارتيهما؛ إذ لم تخل مفردات مثل «واملصحف حضرتك مـــا بــتــعــرفــش تـــســـوق»، فــيــأتــيــه الــــرد «ياليت والنبي سعاتك تعلمني السواقة». قضيت في القاهرة املحافظة بضعة أيام بعد غياب عنها دام أكثر من ست سنوات تقريبا، وحقيقة فقد ملست فـرقـا فــي عــدة نـــواح منها تطور نظام املـــرور، فرغم تـزايـد السكان الذي وصــل فـي القاهرة الكبرى (الـقـاهـرة، الجيزة، القليوبية) إلــى نحو 22 مليونا إال أن نظام املــــرور واحــتــرام رجــالــه، هــو أبـــرز مــا الحظته بعد أن كــان آخــر هـم بعض املـصـريـن التقيد بـــاإلشـــارة، أو احــتــرام رجــل املـــرور وصفارته، لـكـنـه الــيــوم يــقــف أمــــام إشــــارة املــــرور املزودة بـكـامـيـرا تسجل مــن يـتـعـدى عليها، وأضيف إلـى ذلـك إجـــراءات الـقـدوم والسفر فـي صاالت املطار الفخمة التي ال تقل مستوى عن أي دولة أوروبية، رغم الترحيب الحار الذي يصل إلى درجــــة املــنــافــســة عــلــى كـسـبـك زبــونــا لخدمات املــــواصــــالت أو الــحــجــز فـــي الـــفـــنـــادق والتي تلتقيك بمجرد خروجك من الجمارك. أخــيــر أود أن أذكــــر بـــأن أجــمــل مــا فــي مصر، هـــو هــــذا الــخــلــيــط مـــن الـتـعـبـيـر عـــن السعادة واالنبساط الذي تشاهده وتسمعه في الشارع وفي املحالت التجارية وفي كل ركن أو زاوية، فــهــنــا تــســمــع صــــــوت شــيــخــنــا عبدالرحمن السديس ينطلق من سيارة أجرة، أو من مطعم فول وطعمية، وبجواره محل آخر تسمع أغنية «أنــا صعيدي لكن روش»، وتنطلق بجوارك سيارة «مـالكـي» لتسمع من داخلها وبصوت مرتفع «ملا شفتها قلبي دق 3 دقـات، والطبلة دخلت لعبت جوا دماغي حاجات». الــكــالم عــن مـصـر واملــصــريــن إيــجــابــا وسلبا يـحـتـاج إلــى كــتــاب، لكنهم فــي الـنـهـايـة شعب سعيد يكره األلم والتعاسة والشقاء حتى وإن ضاقت بهم الحال. للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة