غربة الشباب
هــنــاك الـكـثـيـر مــن األســـبـــاب الــتــي قــد تــدفــع ببعض الشباب للتجاوز والتمرد على قيم املجتمع وقوانينه العامة، وهي طريقة مخالفة مؤداها لفت االنتباه في ظل الشعور باإلهمال، فتأتي من صور هذا السلوك مــظــاهــر تــتــعــدد أضــــرارهــــا عــلــى املــســتــوى الفردي واالجتماعي، كاإلدمان والتحرش وإتالف املمتلكات العامة، فضال عن املجاهرة باالنحراف السلوكي أو التباهي به. إن الضدية القائمة فـي سلوك بعض الشباب تفسر مدى الصراع القائم بني هوية الفرد وصاحبها، كما أن الهوية تدفع بالفرد للتعبير عن نفسه حتى تحقق وجـودهـا في سلوكه؛ إذ إن الطاقة التي يتمتع بها الـشـبـاب كبيرة وحــصــار الــفــراغ وعـــدم وجـــود الدور االجتماعي املسؤول يجعلها في أزمــة، وإذا لم تجد متنفسا في البناء ستذهب للبحث عن متنفس آخر في الطريق املعاكس، بينما يقابل املجتمع سلوكيات شبابهم بالتذمر والغضب والعقوبات الصارمة مما يزيد املسألة تعقيدًا. النفسيات املغتربة واملدفوعة بالتمرد؛ تحرر طاقاتها الكامنة من خالل السلوك، وكأسلوب ناقم على القيود املحيطة بواقع الفرد والتي تسلب رغباته الذاتية وال تستوعب احتياجاته األساسية وال تساعده على فهم نفسه، وقد ينشأ رافضا للقيم واملعايير االجتماعية وبالتالي فاقدا الثقة، كذلك هو يشعر بعدم االنتماء والعدوانية وقلة املسؤولية. هـنـاك الكثير مـن الــحــاالت الـتـي تتطلب أن ندرسها بإنسانية أكثر من الحكم عليها بتسلط أخالقي غير مبني عـلـى عـقـل أو مـعـرفـة، علينا الــبــدء مــن الجذر وإيجاد آليات وبرامج مجدية يتم تفعيلها في جميع املنافذ ذات الصلة بالتنشئة لالستفادة من طاقات الـشـبـاب فــي الـبـنـاء واإلنـتـاجـيـة والـتـحـرر مــن املناخ الرتيب الذي يسيطر على حياتهم ويجعلهم عديمي الجدوى، عالة على مجتمعهم ال عونا له.