احلقيقة مطلوبة مهما كانت مرة !
بني اقتصاد السعودية على أيـاد رجـال عاهدوا الــلــه وصــدقــوا فــي تـجـارتـهـم وأعــمــالــهــم وكانوا الـعـضـد األمـــني والــســنــد املـخـلـص لــلــدولــة فــي ما يقدم ويتم طرحه من مشاريع وأعـمـال ساهمت في تكوين ما نــراه الـيـوم مـن إعـمـار وبـنـى تحتية هـي مـصـدر فخر واعتزاز للجميع. واألســــمــــاء فـــي هــــذا املـــجـــال ثــريــة وغــنــيــة عـــن الــتــعــريــف وهي كثيرة كما ونــوعــا. وفــي القطاع املـهـم، قـطـاع املــقــاوالت، برزت شــخــصــيــات اســتــثــنــائــيــة وعــصــامــيــة كــافــحــت بــالــعــرق واملــــال والجهد واألعصاب وكانت تعمل بجد وأمانة وتنافح بالحق والصدق. وفي هذا القطاع برزت العديد من األسماء العظيمة التي سطرت حضورها بأحرف من نور لقاء ما بذلوا من عطاء مخلص وجـهـد عظيم. ومــن أبــرز وأهــم األســمــاء الـتـي كــان لها الـــدور العظيم فــي هــذا الـقـطـاع واملـسـاهـمـة املخلصة فــي بناء مـشـاريـع الـبــالد الــراحــل الـعـم عبدالله القصبي مـؤسـس شركة (كرا) للمقاوالت، وهي كما كان معروفا واحدة من أهم وأنجح شركات املقاوالت في فترة الثمانينات من القرن املاضي (قبل أن ينالها مـا نـال شـركـات مـقـاوالت أخــرى مـن «مـجـزرة» وزارة املالية بعدم صرف مستحقاتها في الوقت املناسب وتحميلها غرامات مالية ظاملة عن التأخير في تسليم املشاريع أدت إلى تدمير الشركة مثلما تم تدمير غيرها وبقي املسؤول عن هذه األزمة االقتصادية بال عقاب مستحق). كان العم عبدالله القصبي دائما وأبــدا له حضوره الكبير في املحافل االقتصادية املختلفة، وكل من عرفه يتذكر دفاعه النبيل واألســـطـــوري عــن حـقـوق شــركــات املــقــاولــني وعــن مستحقاتهم املتأخرة وخصوصا في اللقاء ات واملحافل السنوية الجتماعات الغرف التجارية. كان حضوره مميزا رحمه الله تعالى، وفقد املـقـاولـون بغيابه بـرجـا هـائـال ومـئـذنـة شامخة تـصـدح بقول الــحــق دفـــاعـــا عــنــهــم كــانــت تـــنـــادي دومـــــا بــإنــصــافــهــم وســــداد مستحقاتهم. تذكرت العم الجليل عبدالله القصبي وترحمت عليه وسألت نفسي مــاذا كـان سيقول وأنــا أقــرأ تصريح ابنه معالي الوزير ماجد القصبي وزيــر التجارة واالستثمار حينما أكـد أنـه تم: «تــســديــد جـمـيـع مـسـتـحـقـات املــقــاولــني املــتــأخــرة» نـافـيـا تأخر مستحقات املقاولني املالية. ولقد جانب معاليه الدقة في هذا التصريح؛ ألن الواقع غير ذلك وهناك بالفعل تأخير في السداد لصالح املقاولني وهناك معاناة لــدى البعض تقتضي القضاء عليها وهــي حتما ال تتم بهذه النوعية من التصريحات، وهي تذكرنا بأسلوب وزارة املالية في الثمانينات إصدار املوازنات التي تطلق عليها ميزانية الخير. نحن في عهد املكاشفة واملصارحة وبالتالي ال يمكن القبول بتصريحات الغرض منها «راحــة املتلقي» فهذه تمنح دقائق من الراحة وفترات طويلة من املعاناة بدال من التصريح بواقع األمر الذي سيمنحنا دقائق من املعاناة ولكن راحة طويلة بعد ذلك. أملي أن يتفضل معالي الوزير ماجد القصبي بتصريح جديد يـفـصـل فــي واقــــع املــقــاولــني ومـسـتـحـقـاتـهـم بـشـكـل أدق وأقرب للواقع حتى يكون ذلك فيه راحة للجميع.