غياب الفنون ولذة التخريب
مــــن الــقــيــم الـــتـــي مــــن املـــتـــوخـــى أن تساهم الـــقـــرارات واملـــبـــادرات الــتــي تـتـخـذهـا هيئة الــتــرفــيــه ووزارة الــثــقــافــة واإلعـــــــالم قيمة اســتــشــعــار الــجــمــال وتـثـمـيـنـه فـــي مختلف جوانب الحياة، وذلك ال يمكن له أن يتحقق إال بـالـعـمـل الـــــدؤوب عــلــى الــرقــي بالذائقة وقبل ذلك تطهير مختلف الفنون من النظرة الدونية التي كانت تحيط بها وتعمل على عزوف الناس عنها، ولعل دور السينما التي ســوف تشرع أبوابها قريبا وكـذلـك حفالت الـغـنـاء واملـوسـيـقـى الـتـي ينبغي انتقاؤها بعناية هي أنجع األدوات وأنجحها للرقي بالذائقة وتكريس قيمة الجمال، إضافة إلى املــســرح الـــذي ينبغي إيـــالؤه عناية خاصة تؤطر الجهود الفردية التي لم تبرح تتفانى فــي الـعـمـل رغــم ضـعـف اإلمــكــانــات وافتقار الدعم. وإذا كـان لهذه التربية الجمالية مردودها من حيث تكريسها للشعور باملواطنة حني يستشعر املواطن أنه يحيا في وطن معني بما يتجاوز تحقيق متطلباته الجسدية من عذاء وكساء ودواء ويحرص على أن يحقق له تطلعاته في الترفيه الـذي يمنحه دعما ويعينه على مزيد من العمل والعطاء، إذا كانت هـذه التربية الجمالية تحقق له ذلك فإنها في الوقت نفسه تكرس لديه الحرص على املحافظة على كـل ملمح جمالي يراه حوله، ولعل االفتقار للشعور بالجمال هو الــذي يقف وراء مـحـاوالت تخريب املنشآت الجميلة وخـيـر نـمـوذج على ذلــك مـا حدث مـــــن تـــخـــريـــب لـــكـــورنـــيـــش جــــــدة الشمالي أخيرا ومـا تتعرض له كثير من املجسمات الـجـمـالـيـة مــن تــشــويــه كــذلــك، وقـــد أصابت الدكتورة ملياء باعشن حني أملحت إلى ذلك في حوار معها حني قالت (في غياب الفنون املسرحية وطقوس االستمتاع بها قد ندرك معنى تخلفنا في سلوكيات الفضاء العام وتحطيم ممتلكات الدولة ونزعات التشويه في الشوارع ولذة التخريب).