° nK²
رﻏم أن الذي صدر عنه الحكم شخص واحد لم يتغير! مـن املـؤكـد أن هـذه ليست املــرة األولــى التي يصدر فيها حكمان مختلفان على موقفني متماثلني، بناء على اختالف املكان الذي حدثا فيه، أو األشخاص الذين قاموا به. هناك مـواقـف كثيرة أخــرى كهذه يصدر الحكم على صوابها أو خطئها بناء على من يكون فاعلها، ربما ألن أكثر ما نصدره من أحكام على املواقف، ال تعد أحكاما متجردة، فهي في حقيقة أمرها أحكام متدثرة بعديد من الصور السابقة الكامنة في العقل الباطن عن الفاعل. فغالبا الدولة املتخلفة أو األشخاص الجهلة أو املنتمون إلى الطبقة الدنيا، ال يرى الناس في أفعالهم جماال أو مزايا حتى وإن كانت على شيء من ذلك، بل إنهم قد يستقبحون ما يبدر منهم أيا كان وربما نسبوه إلـى التخلف أو الجهل، أمـا مـا يصدر عـن الــدول املتقدمة أو األشخاص األثرياء أو الرموز، فإنه في أﻏلب الحاالت يعامل بما هو نقيض ذلك، حيﺚ ينظر إليه كمثال للجمال والحضارة والتقدم حتى ما كان منه قبيحا أو تافها. ومن املتوقع أن األحكام املتأثرة بالصور الذهنية الكامنة في داخل النفس، يكون لها تأثير سيﺊ على الـنـاس، ليس ألنها تضللهم عـن معرفة الحقيقة فحسب، وإنما ألنها تحرمهم من رؤية الجوانب الجميلة التي قد تكون متوفرة في بعض األفعال التي تصدر من الطبقة الدنيا أو الدول النامية. ومــن نـافـلـة الــقــول إن الــنــاس الــذيــن تــصــدر عنهم مـثـل تـلـك األحــكــام الضالة، أﻏلبهم ال يمارسون التفكير النقدي، وإنما ينساقون وراء انطباعاتهم العامة وانفعاالتهم السريعة، بدون التبصر في الفعل نفسه ومدى نفعه أو ضره، الفعل في حد ذاته ليس له اعتبار عندهم، هو بالنسبة لهم، يستمد قيمته من فاعله وليس من ذاته.