Okaz

دور األب في بناء األمم والشعوب

-

لألب دور كبير في تركيبة األسرة وتكوينها االجتماعي فهو املؤسس الحقيقي لكيانها، وهـو من يدير تلك املؤسسة الصغيرة وهـي الـنـواة التي تقوم عليها املجتمعاتو­األقواموال­شعوبوالقوم­ياتالبشرية­املختلفة. إن وجود األب في حياة األطفال والنشء يعني الحماية والرعاية، يعني القدوة والسلطة والتكامل األسـري، فالفطرة البشرية بحاجة إلى أن يشعروا بأن هناك حماية ورعاية وإرشــادًا يختلف نوعًا ما عما يجدونه عند األم، وبـأن األب هو الراعي األساسي لألسرة، وهو املسؤول عن رعايتهم وحمايتهم، فوجود األب كمعلم في حياة الطفل، يعتبر من العوامل الضرورية في تربيته وإعداده. بالرغم من أن األم هي األساس في حياة الطفل منذ الوالدة، إال أن دور األب تبقى أهميته من نوع آخر، وذلك من خال تقديم الحنان األبــوي، والسهر على حياة الطفل وحمايته من كل أذى، بالتواصل معه والتقرب منه، فينمو الطفل ويكبر على أسس تربوية سليمة، فاألدوار التي يقوم بها كل من األب واألم مهمة جدًا في اإلنماء التربوي للطفل، رغم اختافها. إن بـعـض اآلبــــاء يـظـنـون أن دور الــرجــل يقتصر عـلـى تـأمـن الـسـكـن وامللبس واملصاريف، ويعرفون مفهوم رب األسـرة بأنه ذلك الديكتاتور املتسلط الحازم في كل شيء، لكن هذا خطأ فادح، فمشاركة األب في تربية األبناء شيء في غاية األهمية، ملا له من تأثير قوي في شخصية األبناء، فاألب يستطيع تحقيق التوازن األســـري، من خـال اهتمامه بأبنائه ومصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم. ويحاول أن يساعد في حل مشاكلهم، ومعرفة أصدقائهم، ويكون لهم الصديق املخلص املوجود دائمًا، حتى لو كان غائبًا، تبقى مبادئه وأفكاره راسخة في أذهان األطفال، كما أن عليه إرشادهم وتقويمهم واستخدام الشدة والحزم، إلى جانبالرفقو­التسامح. فإحساس األبناء بوجود رادع لهم، يجعلهم على حذر من الوقوع في الخطأ، كما يجبعلىاألب­االقترابأك­ثرمناألبنا­ء،وتمضيةالوق­تالكافيمعه­م،وتعويدهم على أسلوب النقاش والــحــوا­ر، ما يمنحهم الثقة بالنفس، وعليه أن يمنحهم اإلحساس بوجود الصدر الحنون الذي يلجؤون إليه عندما يصعب عليهم حل مشاكلهمبأن­فسهم. وبهذا يبعد عنهم مشكلة الضياع. لكن أكثر ما نشهده في مجتمعاتنا، أن األب أصبح دوره مجرد بنك للتمويل، يكد ويشقى لتوفير لقمة العيش والرفاهية ألبنائه، ويغيب لساعات طويلة عن املنزل، وأصبح كالضيف الــذي يحل على البيت ليأكل وينام فقط، ال يعلم بالقرارات التي يتخذها أبناؤه في غيبته، سواء في اختيار املابس أو األصدقاء، أو حتى في تحديد مصيرهم التعليمي، أو في ما يرتكبونه من أخطاء. فمن املسؤول عن تهميش دور األب؟، هل هي األم، أو األبناء؟ أم هو األب نفسه الذي تنازل عن دوره الحقيقي؟ من املعروف أن مسؤولية تربية األبناء تقع على األب واألم على حد سواء، وفي حالة غياب األب عن الصورة، فهذا يعني أن األب هو املسؤول عن تهميش دوره في األسرة، فهو الذي تنازل عن دوره لصالح األم، وهي مسؤولية، لقوله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، ومهما تعددت مسؤوليات األب خارج املنزل، فهذا ال يعفيه من مسؤوليته األسرية، فدور األب في تربية األبناء، ال يقل أهمية عن دور األم. فاألب، وكذلك األم، يجب أن يكونا نموذجًا وقدوة لطفلهما، حتى يكون من السهل على الطفل أن يقلد السلوك الجيد في حياته، بــدال من تنفيذ نصائح وأوامر لسلوكيات ال يراها، فاألب في نظر أبنائه هو ذلك البطل الذي يقلدونه في كل شيء، في حركاته وتصرفاته، في التواضع واألمانة وفي كل سلوكياته، ألن الطفل يميل إلى اعتبار أن كل تصرفات والده مثالية، من دون أن يشعر األب بذلك. لذلك،وجبعلىاآلب­اءأنيبذلوا­جهدًاكبيرًافيتربيةأب­نائهم،ويظهروالهم­حبهم وشعورهم بمكانتهم ودورهم الرئيس في حياتهم، وأن يدرك اآلباء أن دورهم ال ينتهي عند مرحلة معينة، بل يجب أن يكونوا دائمًا موجودين ومنخرطن في حياةأبنائه­م.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia