Okaz

مشكلتي مع الكرسي املتحرك

- عبداهلل الغامدي

«الخبر الـسـار هـو أنــك ستحصل على كـرسـي متحرك يناسبك، الخبر السيئ هو أنك لن تستطيع تجريب ذلك الكرسي قبل ثاثة شهور.. على األقـل.»، هكذا رحب بي الطبيب عندما قابلته، لكي استلم الكرسي جاهزًا، ابتسمت وقلت لنفسي إنني متعود على األخبار السيئة. الـطـبـيـب كـــان غـريـبـًا بـعـض الـــشـــي­ء؛ كــأنــه يـلـعـب دور العبقري املـتـخـبـ­ط فــي كــومــيــ­ديــا هــزلــيــ­ة، كــانــت لــديــه عــــادة الــشــتــ­م تحت أنفاسه، بلغته اإلنجليزية، ومن ثم االعتذار عن هذه العادة، كان منزعجًا من التحديث املفاجئ لجهازه اآليباد وعبر عن انزعاجه باستمرار، عندما ذكرت له أنني أعاني من تقرح في أسفل الظهر بسبب الجلوس غير املائم، استدار بحماس، وطلب مني أن أشير بإصعبي إلى مكان التقرح بالضبط، ضحكت بشيء من اإلحراج وحاولت أن أشير، كما طلب مني بدقة. لكن األغــرب من عاداته ومـراوغـات­ـه، هـو أنــه أنصت إلــى كامي وأخــذ ماحظاتي بعن االعـتـبـا­ر، عندما يتعلق األمــر بــكــراس متحركة، لقد اضطررت إلى قبول ما هو متوفر حتى وإن لم يتوافق إطاقًا مع حالتي الصحية، وحتى إذا لم يكن مريحًا على اإلطــاق. من هنا يأتي التعود على األخبار السيئة. قبل نحو سنتن، ذهبت إلى شركة تـوزع األدوات الصحية، من ضمنها كــــراس للمقعدين، اقــتــرح والــــدي مـراجـعـتـ­هـم ملحاولة تعديل كـرسـي جــاء عـن طريقهم. لـم أجـلـس على الكرسي سوى مرة أو مرتن رغم أنه كرسي جديد وثمن وأراد والـدي إصاح املشكلة، قابلنا مسؤوال في الشركة وفي الحقيقة، ال أذكر صفته أو اختصاصه ربما إلنه لم يأت بفائدة. بعد العديد من املكاملات لتحديد مـوعـد، وبـعـد االنـتـطـا­ر لنحو نصف الساعة فـي غرفة االستقبال، وبعد حشري في كراس أخرى أصغر بكثير من حجم جــســدي، نـظـر إلـــي املــســؤو­ل وسـألـنـي عــن مشكلتي مــع الكرسي الجديد والثمن. كان اإلحباط واضحًا في نبرة صوته. شــرحــت لــه أن الــكــرسـ­ـي يـؤملـنـي بـسـبـب الــحــشــ­وة املـــوجــ­ـودة بن الرجلن. فرح عندها بإجابتي، ربما ألنه اعتقد أن الحل بسيط، وبشرني أنه يستطيع إزالة الحشوة. قلت له إنني أزلتها بنفسي فـي السابق ولـكـن واجهتني مشكلة أخــرى وهــي مشكلة فقدان التوازن واالنزالق. سكت املسؤول قليا ثم قدم لي نصيحة تمثل حــا - بالنسبة لــه - طـلـب مـنـي أن أتـحـمـل األلــــم. عـنـدهـا فقدت أعصابي ورفـعـت صـوتـي بـسـؤال لــه: «لــو كنت مكاني، لـو كنت تجلس بالساعات، وتعلم أن ليس لديك خيار آخر غير الجلوس، هل تتحمل األلم ولو لساعة؟» «ال، طبعًا ال!» رد املسؤول على الفور ..« لكن هذا هو املتوفر». هـي عـبـارة سمعتها ضمنًا وصــراحــة مـن هــذا الشخص وغيره وســــــــ­ـواء تــعــلــق األمــــــ­ر بــــكــــ­راس أو ســــيــــ­ارات مــخــصــص­ــة لــــذوي االحــتــي­ــاجــات الــخــاصـ­ـة، أو حــتــى مــوضــوع عـــدم تــوفــر العاج الطبيعي املتخصص بأسعار مناسبة، ال يـزال التعامل مع فئة ذوي االحتياجات الخاصة على أنهم كلهم متجانسون بالتمام؛ لديهم نفس اإلعاقات ونفس االحتياجات، ولم نرتق حتى اآلن ملرحلة الفهم واإلدراك إلى حقيقة أنهم مختلفون، وأن احتياجات كل فرد منهم تختلف عن اآلخر باختاف نوع إعاقتهم. «هــذا املتوفر»، ما في داعــي يكملوا الباقي «إذا ما عجبك، طق رأسك في الجدار».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia