خالد الفيصل وشجرة بني سعد !
أظــهــرت املــواقــف واألحــــــداث أن األمــيــر خــالــد الفيصل أحرص الناس على الفضيلة والهوية واللباس والوطن بكل مقدراته. وظهر أخيرًا موقفه الشجاع وغيرته على التوحيد، فأثلج صدور املــايــن بـــقـــراره الــتــاريــخــي بـــإزالـــة شــجــرة يــطــاف حــولــهــا اعتقادًا ببركتها. إن الــتــبــرك بـالـشـجـر شــاهــد عــلــى ســذاجــة بــعــض الناس الذين يبحثون عن مخرج ألحزانهم واستعجاال لتحقيق أحامهم. لـقـد دأب الــعــوام عـلـى الـبـحـث عــن الــبــركــة فــي كــل شيء، وتصبح البركة كبيرة إذا ارتبطت بمكان مقدس كمكة واملدينة أو في األماكن التي عاش فيها النبي صلى الله عليه وسلم لذا استغل كبار املنتفعن هذه الرغبة فلبسوا على العوام وأوهموا بعض الحجاج واملعتمرين بوجود مكان مقدس في ديار بني سعد في الطائف. إن منظر البلدوزر وهو يجتث هذه الشجرة أبهج الجميع، كما أن فيه إرغامًا ألهل البدع الذين عانى منهم املسلمون منذ القرن الثاني وحتى هذا اليوم. ولـقـد اعــتــرض بعض الـكـتـاب على هــذه اإلزالـــة ورأى أن الـحـوار والتوعية والتثقيف أفضل مـن الـهـدم أو اإلزالة وزعموا أن الشجرة من اآلثار وحمايتها من مهام إدارة اآلثار وهيئة الـسـيـاحـة، فـهـل هــم يــدافــعــون عــن شـجـرة أم عــن الـفـكـرة الـتـي تكمن فيها؟ ولو أنـهـم كـلـفـوا أنفسهم عـنـاء الـبـحـث لـعـرفـوا أنــه قــد تــوالــت على مركز الطائف توجيهات األمير خالد الفيصل بتكثيف الجهود في صرف الناس عنها، وإرشــاد الناس وتوعيتهم بالتوحيد والسنة، والتحذير من البدع والـشـرك، وشكلت العديد من اللجان من كافة الجهات الحكومية، ووضعت اللوحات اإلرشادية في تلك املواطن، وانـتـدب إليها العديد مـن الـدعـاة للوعظ واإلرشـــاد، وهيئات األمر باملعروف، ومع ذلك مـازال املرتزقة يلبسون على العوام ويذهبون بهم لتلك األماكن وإال فكيف عرف الحجاج والعمار الغريبون عن البلد بموقع واحة حليمة السعدية وهي بالطائف؟ من املؤكد أنهم لم يصلوا لهذا املكان البعيد جدًا والذي ال يقع على الطريق العام، إال بواسطة بعض املطوفن والذين هم محل ثقة هؤالء املساكن ويرون فـي فعلهم الصحة كونهم سعودين أو محسوبن على هـذا البلد املعروف عنه حرصه على التوحيد واتباعه للسنة. إن املعتمرين يعتبرون املطوفن بمثابة املرشد السياحي الذي يوثق فيه، لذا فإن احتكار الطوافة من قبل عوائل معينة هو عبث بمقدرات الوطن وسمعته، وعبث بفكر الحاج املسكن الذي تعب وجمع املال وتـحـمـل املــشــاق رغــبــة فــي طــاعــة الــلــه وفــعــل مــا يرضيه سبحانه. لـــذا فــإنــنــا نــأمــل مــن الــقــيــادة الـحـكـيـمـة مـحـاسـبـة بعض املــــطــــوفــــن الــــذيــــن روجـــــــــوا لــــهــــذه الـــشـــركـــيـــات وسحب تــراخــيــصــهــم، وااللـــتـــفـــات ملـــا يــجــري فـــي جــبــال مــكــة من مـخـالـفـات عـقـديـة، والـعـمـل عـلـى زرع أشــجــار كـثـيـرة في نفس املكان منعًا لتعظيم شجرة بعينها. كما نأمل مـن الـقـيـادة الحكيمة تحويل خدمة الحجاج واملعتمرين إلــى هيئة أو شركة حكومية منظمة يصب ريعها الــذي يبلغ عـشـرات املـلـيـارات فـي ميزانية الدولة تنفق منه على مشاريع الحرم وزمـزم والتوسعة وفقراء مــكــة، عـلـى أن تــكــون شــركــة مـسـاهـمـة يـتـم فـيـهـا توظيف عــشــرات اآلالف مــن الـشـبـاب الــســعــودي، الــذي تـربـى على العقيدة السليمة. إن وجود هيئة حكومية مسؤولة ستكون محل ثقة الناس، وأقترح إنشاء أكاديمية للطوافة تخرج الشباب للرفادة والسقاية، وتعمل توفير (مــطــوف) إلرشـــاد ضـيـوف املسجد الــحــرام واملسجد النبوي ولــزيــارة املـعـالـم واآلثـــار فـي منطقة الـحـجـاز، وتصحيح معتقدات الحجاج. وحــبــذا فــتــح بـــاب الــتــطــوع لــشــبــاب الــوطــن مــن الــحــجــازيــن، الذين يـتـشـرفـون بـخـدمـة ديـنـهـم ورعــايــة ضــيــوف بـيـت الــلــه، فـلـقـد كانوا يوقفون اآلبار واملزارع لفقراء الحجاج ويخدمونهم دون مقابل قبل اإلســام، وسـوف يخدم الحجاج أبناؤهم اليوم، فحبذا منح هؤالء الـشـبـاب الـفـرصـة، مـع العناية باختيار األكــفــاء منهم وإخضاعهم لدورات واختبارات تؤكد أحقيتهم لهذا العمل العظيم؛ ألن التساهل في هذا األمر هو تساهل في التوحيد، وتساهل في سمعة هذا البلد الكريم.