عيرنا ذاك األّول

ضـرب( منحوس)بيده على ركبته، وزفـر زفـرة طويلة. التفت إليه شقيقه( ملحوس) وقال:عسى ما شر وشبك ياخي تزفر؟ أجـاب: الشيبة الله يعفي عنه خلف لنا مال وحـالل، وأنـت ما تملى عيني، تتضيمر، وتتسدح، وتتبطح، وكل يومني وأنت جايب تنكة حالوة طحينية يا الطرع. نقل املتكى مـن اليمني لليسار وقــال «والــلــه يـا ملحوس إني ألبيضها مـعـك، لكن فـلـوس أبــوك مـا فيها بـركـة، وأنــا تراني ما أرقد الليل بطوله من كثرة الهواجيس واألفكار في رأسي» سأله: أفكار أيش يا منحوس، قال يا ملحوس املـال والحالل يحتاج مـصـاالة، وإذا قعدنا على حق الشيبان سنتني ثالث والــلــه مــا يـبـقـى مـعـنـا لـقـمـة، واقــتــرح عـلـيـك نـتـاجـر لـعـل ربك يفرجها. ذهبا إلى فقيه القرية يستشيرانه، فلم يبخل عليهما بنصحهما، وقال: يا سفان الله ال يعمي لنا بصيرة، القرية مليانة دجاج، والبيض تجارة رابحة، تشّروا من الكهيل وأجمعوه، وننقله لكم إلى مكة،ولكم عليه تكسبون الطاق طاقني. امــتــأ مـنـزلـهـمـا بــقــفــاف الــبــيــض، فــقــال الــفــقــيــه، يــا مطاليق، اهبطوا سوق الخميس، واشتروا شنط حديد بأقفال، وأكياس مــلــح، واعــطــونــي روســكــم، قـــال مــنــحــوس: أخـــرج عــشــان نقفل البيت، انفعل عليهما: ويـن أخـرج خرجت معيانك من جنبك إنــت وايــاه يـا أهـبـل، أنــا باختبر البيض الصالح مـن الفاسد لني تصدرون. ولع الفقيه النار، ونصب الطاوة،وأخذ يفقس البيض ويطرح، ويلتهم،حتى انتفخ بطنه بالغازات،وانتبه لخصفة القسبة فوجدها فرصة يحلي من مال األيتام.عادوا إليه بعد الظهر بست شنط وعشرين قطمة ملح وبدأت تعبئة البضاعة، طبقة ملح، وطبقة بيض. قــال الفقيه شـيـلـوا مـعـي، نـنـزلـه الـسـفـل، وأوصــــى: خـلـوه هنا حـتـى يـرتـفـع سـعـر الــبــيــض.لــم تـمـر أيــــام حـتـى فــاحــت رائحة تزكم األنوف. اشتغل عليهم الفقيه سمسرة حتى باعوا كل ما يملكون حتى حمار الشيبة. اضطرا للعمل عطوان حتى جمعا بعض املــال، فقال الفقيه: نشتري لكم مشدود تحملون عليه ويصير ثالثكم،هبطوا وراه، ووقعت أعينهم على مشدود فخم، فأبى الفقيه، قال: خذوا هذا املصبوغ بحناء في رأسه،أبو الخطام املكتل. شروه بما معهم من مال، وعندما وصال به القرية إذا به ماهر بالطريق، انطلق إلى سفله ونهق. نظر منحوس إلى ملحوس وقال «عيرنا ذاك األول». علمي وسالمتكم.