منبر ثقافي أضاء «ساحة إسالم» لنحو 17 عاما
وعـــلـــى غـــــرار إثــنــيــنــيــة عــبــداملــقــصــور كــــان للبالدي «إثنينيته» أيــضــا، وقــد تـطـرق الـبـاحـث التاريخي السعودي بدر اللحياني إليها وإلى تاريخ وظروف نشأتها في مقال له بصحيفة املدينة )1431/3/17( فقال إنها بدأت في شهر ذي القعدة من عام 1414 املــوافــق لـعـام 1993 فـي حـي سـاحـة إســالم بمكة، واســتــمــرت تعقد بـحـضـور لفيف مــن أهــل العلم واملــعــرفــة مــن الـــداخـــل والـــخـــارج كـمـنـبـر ثقافي مضيء إلى ما قبل عامني من مرض صاحبها، مضيفا: «كــان شيخنا -يرحمه الـلـه- ينتظرنا في داره كل مساء اثنني ويتفقد الغياب، ويدعو لهم خاصة املالزمني لجلساته، ثم يسألنا عن األخبار، ويقول لنا أنا هنا منقطع للقراء ة وال أهتم كثيرا باألحداث. وكنا نحمل له أخبارا مــتــنــوعــة عــــن املــجــتــمــع وبـــعـــض املناخات السياسية الدولية ويعّلق عليها مـن واقع خــبــرتــه ويــضــفــي عــلــيــهــا عــبــقــا تاريخيا أشـبـه (بــهــوامــش) يرسمها على مــا ننقله له، ويثبت شخصيته التاريخية بكل قوة خاصة مـا يحتفظ بـه مـن أخـبـار املذياع منذ 50 عاما أو أكثر عندما كان هو ذاته متابعا بحكم عمله». قــلــنــا إن مـــن ضــمــن مــؤلــفــات البالدي كـتـاب «طــرائــف وأمــثــال شعبية» الذي طبعت منه طبعتان في عامي 1975 .1976و وقـــد تــطــرق الــكــاتــب صالح الزامل إلى هذا املؤلف القيم الرشيق فــــي عـــمـــود لــــه بــصــحــيــفــة الرياض )1431/3/4( فـأخـبـرنـا أن املؤلف قام بجمع محتوى الكتاب من خالل مــا عــاشــه ورآه وســمــعــه عــن قرب، وأن فكرته طرأت عليه عندما كان ينشر مقاالته في مجلة املنهل عن األمثال؛ إذ رأى أنه من املفيد جمعها بني دفتي كتاب، وأنه من األكثر فائدة أال يقتصر املحتوى على األمثال الشعبية الدارجة في منطقة الحجاز، وإنما أيضا التراث القصصي والــحــكــواتــي والـنـكـت واملــواقــف الـطـريـقـة واملـضـحـكـة وكل مـا تختزنه ذاكـرتـه مـن هــذه األشـيـاء منذ سـنـوات طفولته وصباه وشبابه، خصوصا أن املؤلف -كما سبق أن ذكرنانشأ في بادية مكة املكرمة ابنا لصاحب مجلس كان يفد إلــيــه فـــي كـــل لـيـلـة رجــــال الــحــي لــالســتــمــاع إلـــى القصص والحكايات والطرائف واألمثال واألشعار الشعبية، ناهيك عــن أن الــبــالدي اخـتـلـط فــي ســنــوات دراســتــه فــي مــكــة، ثم في مرحلة دراسـتـه العسكرية بالطائف، ثم خـالل خدمته العسكرية فـي مناطق سعودية عـديـدة (مـن تبوك وحائل شماال، إلى قرى جازان جنوبا، ومنها إلى الرياض شرقًا، ومكة املكرمة والطائف غربا) مع الكثير من أبناء املناطق السعودية األخرى فاستمع منهم إلى املزيد من الحكايات والطرائف والنوادر الخاصة بمناطقهم. وعن دوافع إصدار مثل هذا الكتاب كتب الزامل على لسان البالدي ما مفاده أن الدافع األول هو إخراج صورة اجتماعية واضحة ألبناء هــذه الجزيرة كما رآهــا وسمعها املـؤلـف، والــدافــع الثاني هـو إيـــراد الـنـصـوص فـي الـكـتـاب بلهجة أهلها زيـــادة في اإليضاح وأمانة في النقل كي «يعلم من يأتي بعدنا كيف كان شعبنا». عبر له سائل ذات مـرة عن خشيته من أن يــؤدي االهتمام بــاألنــســاب وإعــــــداد املــؤلــفــات حــولــهــا إلـــى نــشــر التعصب والتفرقة العنصرية، فكانت إجابته «بالنسبة لعلم األنساب يعد فنًا من فنون العلم، تزينه الحقيقة وتحري الصدق، ويشينه التعصب، فكلكم آلدم وآدم من تراب. فتركه أورثنا هذه املعمعة التي أصبح كثير من الخائضني فيها يهرفون بما ال يعرفون». وسأله سائل آخر عن موقع قريته «خليص» من فؤاده بعد أن هجرها إلى مكة املكرمة، فكانت إجابته «بـالد اإلسالم إطــــار وجــــدانــــي، وبــــالد الـــعـــرب دمــــي وكــيــانــي، والحجاز سويداء قلبي، وليس خليص ببعيد عن هذا كله».