Okaz

الفرق بني النتيجة واُملْخَرج في التدريب

-

يــتــحــد­ثــون عـــن الــتــدري­ــب مــنــذ عــقــود ويـــعـــا­فـــرون الستحداث مخرجات تليق بسوق العمل الذي عانى من اتساع الفجوة بني مخرجات التعليم والتدريب واحتياجاته على أرض الواقع. اجتهد الكثيرون على مدى سنوات عدة إلنقاذ التدريب من معضلته، فأتت فكرة كليات التميز كخطة مـوازيـة الستحداث مخرج أكثر كـفـاءة يواكب احتياجات سوق العمل فنجحت من هذه الكليات ما نجحت وتعثرت ما تعثرت، ولكن السؤال الـذي يطرح نفسه اليوم هو: هل البديل املــوازي هو الـحـل؟ وإلــى متى تبقى األنظمة الـتـي طــال عليها الـزمـن هـي الشوكة في حنجرة كل من يفكر في دخول هذه املغامرة سواء كان حكوميا أو أهليا؟ مغامرة االستثمار في قطاع التدريب املهني في اململكة؟ رغم أني واحـدة ممن آمنوا وما زلت أؤمـن بأن التدريب هو نـواة التغيير في عجلة التنمية لكونه يجابه التحديات ويتعاطى مع احتياجات السوق بديناميكية مباشرة بدون وسيط، ويتغير وفق معطيات السوق وحاجاته بمحتواه املحلي ليمكن الشعوب من تحقيق أحالمها وتحسني أحوالها.. فالتدريب مفاهيميًا وجد لتعزيز ورفع األداء من خالل استهداف الجوانب املعرفية واملهارية والسلوكية والوجدانية بطريقة منظمة وهادفة يخطط لتنفيذها بمنهجية تحقيق األهداف املرجوة. ولكل مهنة تحدياتها، ولكن من أبـرز التحديات التي يواجهها التدريب األهلي في اململكة العربية السعودية هي غياب األهداف املتعلقة باملتغيرات واملستجدات ومواكبة التقنيات، فنجد أن الكثير من املؤسسات التدريبية تتساهل في تجربة املنهج التدريبي قبل تعميمه، والتأكد من إيجابية هذا البرنامج وتعديل ما عليه من مالحظات، فتصبح الكثير من البرامج غير متفقة مع االحتياج الفعلي للسوق خاصة بعد انضمام اململكة للجات في ٤١٠٢م، فقد أصبح من امللح اليوم أن تتوافق مجاالت التدريب مع كل نشاط اقتصادي وتقني سواء كان محليًا أو عامليًا، وإال سنجد أنفسنا مجتمعًا عزل نفسه بنفسه عن العالم املتحضر. مـا نقوم بـه اآلن هـو مللمة ماهو مبعثر لننفضه ليتبعثر ثـانـيـة.. فلدينا نــواتــج تــدريــب مهلهلة رفـضـهـا الـقـطـاع الــخــاص ولـديـنـا أنـظـمـة تناقض بعضها، تعمل بطريقة غير مباشرة، لتكبيل وتعطيل أي استثمار جاد في قطاع التدريب األهلي، هذا املستثمر الذي يخدم القطاع الخاص مباشرة، والجميع يعلم بأن القطاع الخاص هو املحك في قياس كفاء ة األفراد ومدى إنتاجيتهم؛ ألن رأس املال لن يجامل بتوظيف من ال يملك كفاء ة. هناك فرق بني النتيجة )result( واملخرج )outcome( في التدريب، النتيجة تركز على قياس تحقق املهارات واملعارف واالتجاهات لدى املشارك عبر اخــتــبــ­ارات ومـقـايـيـ­س مقننة يمكننا بـعـدهـا الــقــول إنــه اجــتــاز البرنامج التدريبي، بينما املخرج بشكل عام يركز على مدى مساهمة هذا البرنامج التدريبي في تحسني نوعية الحياة للمشارك في التدريب، وأثر البرنامج عـلـى نـمـو شخصية الــفــرد وتــوافــق­ــه مــع مــن حــولــه وقــدرتــه عـلـى اإلنجاز واملنافسة في املجاالت املختلفة، ولـذا ال بد أن يكون املخرج هو األولوية لدى القطاع الخاص والتدريب األهلي ليتمكن من التجدد واملنافسة. وعلى مدى ٠٤ عامًا ظل التدريب لدينا يركز على النتيجة وليس املخرج! مـا زال يــدور فـي فلك أولـويـات أصبحت بديهية لكل مـن يعيش تحديات العصر وتحديات ٠٣٠٢. واملـعـضـل­ـة األكــبــر لـديـنـا أن املــشــرع والــضــاب­ــط واملــشــغ­ــل هــو واحـــد لسوق الــتــدري­ــب. فـكـيـف يــكــون املــشــرع مـنـافـسـًا يــزاحــم مــقــدم الــخــدمـ­ـة؟ منافسًا يفرض شروطه املتقادمة التي تطبق على الجميع بال تمييز بني مجتهد وتقليدي؟ أختم قولي إن الوجه املنير واملطمئن لحال التدريب اليوم هو أننا نعيش حقبة سعودية لن ترحم البليد املتحجر سـواء كان بليدًا من خلف مكتب يـرمـي سهامه بصمت، أو متحجرًا بفكر يـرفـض التغيير، أو تــاجــرًا أتى مهروال بشنطة ليسرق مستقبل وطن... فقد جاء الرقيب.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia