Okaz

العيسى: الصراع الديني يعود إلى التفكير غير املؤمن بالتنوع وحق االختيار

- «عكاظ» (فيينا)

ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻨﻤﺴﺎﻭﻳﺔ ﻓﻴﻴﻨﺎ ﺃﻣﺲ ﻟﻘﺎﺀ ﻣﺆﺗﻤﺮﻳًﺎ ﻣﻬﻤًﺎ ﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﺣﺘﻀﻨﻪ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻀﺮﺕ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺇﻣﺎﻡ ﻭﺧﻄﻴﺐ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﻭﻋﻀﻮ ﻫﻴﺌﺔ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭﺍﻷﻣﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ ﻟﻠﺮﺍﺑﻄﺔ ﻭﻋﻀﻮ ﻫﻴﺌﺔ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ. وأكـــد الـعـيـسـى أن الــوئــام اإلنــســا­نــي ضــــرورة تكامل بقائه وكرامة ذاته، و«أننا عندما نتفهم خصوصية بعضنا نحو القناعة الدينية واملذهبية والثقافية (والفكرية عمومًا) نصل إلى مستوى عال من الحكمة والتحضر، لقد كرم اإلسالم بني اإلنسان وضمن لهم حرية االختيار ابتداء وأرشدهم إلى مكارم األخالق». وأضاف العيسى: «قيم العدالة واألخالق ليست رهن نـظـريـات وال سـيـاقـات معينة ومشتركاتها عديدة، وإن أســـرى الــتــاري­ــخ وأســـرى رجــالــه هــم فــي التحول واإلبـــــ­ـداع رهـــن زمـــن مــضــى خــلــدوه وعــكــفــ­وا عليه، والــحــكـ­ـمــة أيــــًا كــــان مــصــدرهـ­ـا هـــي مطلب الــعــقــ­الء، مــا أحــوجــنـ­ـا لــجــودة حياتنا وإنسانية وجودنا وصــوال لعدالتنا االجتماعية والسياسية واألخالقية، ومـــا أجــمــل أن تــكــون الــقــيــ­م بحسب كـل سـيـاق مـدونـة فـي دسـاتـيـر األمم ترجع إليها عندما تتيه أمام تيارات االنسحاب اإليماني»، وقـــــال إن االنـــســ­ـحـــاب اإليـــمــ­ـانـــي جعل كـونـنـا املــدهــش محسوبًا عـلـى خـيـال عـدمـي عبثي ناسيًا عندما أنكر غيبيات اإليمان أنه وقع في إيمان أشـــد غـيـبـًا مـــن غـيـبـه املــجــحـ­ـود، الــقــيــ­م تــرســم مسار املصالح ال العكس، والقيم تمنع طغيان البراغماتي­ة املــفــتـ­ـوح دون ســقــف عــلــى حــســاب قــيــم الطوباوية اإليجابية. وزاد: ندعو في سياق تنوعنا الحاضر إلى املحافظة عــلــى قــيــم فــطــرتــ­نــا اإلنــســا­نــيــة املــشــتـ­ـركــة الـــتـــي ال تـعـبـر عــن خـاصـيـة ديـنـيـة وال فـكـريـة وال ثــقــافــ­يــة مــعــيــن­ــة، مـــشـــددًا عــلــى وجوب أن نـحـافـظ عـلـى طـبـيـعـة إنسانيتنا حـتـى ال تـتـحـول إلــى طبيعة أخرى فـــيـــخـ­ــتـــل وضــــعـــ­ـنــــا الــــبـــ­ـشــــري على أرضـنـا املشتركة، غالب قيم العدالة واألخالق مشتركات إنسانية ال خالف حولها، الحوار البناء والفعال يقضي على العزلة اإلنسانية التي ولدت الكراهية والــتــطـ­ـرف والــتــطـ­ـرف املــضــاد، والــكــاس­ــب فــي معركة الـكـراهـي­ـة واإلقــصــ­اء مـرحـلـي فـقـط خـاسـر فــي نهاية مطافه، وقــد ضمنت سنة الخالق اسـتـدامـة مجتمع الـقـيـم وبـركـتـه وســعــادة أهــلــه، وأنـــه يـجـب علينا أن نتقاسم معًا مشتركات الفضائل وهي كثيرة. وتــــــاب­ــــــع: أصــــــل األديـــــ­ــــــان بــــــــر­يء مـــــن حــــــــر­وب ظاملة واضــطــهـ­ـادات مــورســت باسمها ومــن إعــاقــة مسيرة املـعـرفـة والـتـنـوي­ـر فــي الــشــرق والــغــرب، وأن الصراع الــدامــي عبر امــتــداد­ه الزمني تحت أي شـعـار كــان ال يتحمله سوى أفراده وجماعاته املباشرة له، وعاملنا بحادة إلى تنوير في العدالة والقيم بحجم ما وصل إليه من التنوير في مكتشفات املادة وقوانني التنمية، والـعـقـل الـبـشـري الــذي أدرك املــعــار­ف املــاديــ­ة ال يزال جريحًا في مادة القيم بمشتركاتها التي نتفق عليها جميعًا، مضيفًا: كلما استوعبنا حكمة تنوعنا اإلثـــنــ­ـي كــنــا عــلــى يــقــني بـــأنـــه مـــصـــدر تكامل وتعاون وإثراء ال كراهية وتخوف وإقصاء، فإلى نص كلمة الشيخ العيسى: نـــجـــتـ­ــمـــع ونــــحـــ­ـن أحــــــــ­ــوج مـــــا نكون لـدعـم وئامنا وتعايشنا فـي سبيل تـحـقـيـق املـــزيــ­ـد مـــن إســهــامـ­ـنــا في بنائنا الحضاري؛ لنمأل بقوتنا الناعمة فراغه الشاغر. إن اإلنسانية ال تزال تعاني من هذا الفراغ حتى اليوم، حيث خلف وراءه متاعب مدفوعة الــثــمــ­ن مــن قـيـمـنـا وسالمنا ومحبتنا وتعاوننا، بل ومن مستقبل أجيالنا. وكــــل ذلــــك يــــصــــ­ب فـــي أواصــــــ­ـر رابــطــتـ­ـنــا اإلنسانية واألخالقية، وال بد أن نكون أقرب لوصفنا اإلنساني واألخالقي؛ فكلما ابتعدنا عنه، كلما فقدنا قدرًا من استحقاقنا لهذا الوصف بقدر الهجر والبعد. عندما نتأمل في تاريخ الصراع الديني والثقافي بني

ُْ بني النفس البشرية الواحدة، نجده يعود إلى صيغة تفكير خاطئة، لم تؤمن ـ ابـتـداء ـ بسنة الخالق جل وعال في االختالف والتنوع، وال حق االختيار الحر.

ِّْ بــل وفــي بـعـض مــشــهــد تـطـرفـهـا العنيف لــم تؤمن حتى بحق الوجود، وما يجب أن نتعامل مــع ذلـــك الــتــنــ­وع فــي بــعــض سياقاته الفكرية والثقافية بـاعـتـبـا­ره شكال مهمًا من أشكال الثراء واإلبداع. كما لم تؤمن ـ ثانية ـ أن تسامحها وتــعــاون­ــهــا ضــــرورة مــن ضرورات تــــكــــ­امــــل بـــقـــائ­ـــهـــا، وكـــــرام­ـــــة ذاتها، (والـتـاريـ­خ اإلنساني شاهد على ذلك بتفاصيل مؤملة تحكي وقائع همجية التطرف ووحشية اإلرهــاب الناتج عن هـذا العته العقلي). عــنــدمــ­ا نـتـفـهـم خــصــوصــ­يــة بــعــضــن­ــا نــحــو القناعة الدينية واملذهبية والثقافية، بـل والفكرية عمومًا، نصل إلى مستوى عال من الحكمة والتحضر. وديـــن اإلســـالم (ونــحــن هـنـا نـتـحـدث بـاسـم الشعوب اإلسالمية املنضوية تحت رابطة العالم اإلسالمي) كـــرم بـنـي اإلنــســا­ن، وضــمــن لـهـم حــريــة االختيار ابــــتـــ­ـداء، وأرشـــدهـ­ــم إلـــى مــكــارم األخالق حيث قال نبي اإلسالم صلى الله عليه وســـلـــم: «إنـــمـــا بــعــثــت ألتــمــم مكارم األخالق». ولعلنا نتفاء ل كثيرًا عندما نحسن الظن بعزائمنا التي تترجمها مثل هذه اللقاءات؛ لنرى بكل استشراف، أن عــــصــــ­رنــــا هــــــو عـــــصـــ­ــر الفلسفة الــســيــ­اســيــة واألخـــال­قـــيـــة، بــعــد أن أنهكت

ُِ البشرية الـصـراعـا­ت الدينية واملذهبية والثقافية والـسـيـاس­ـيـة، مـخـلـفـة وراءهـــا تـاريـخـًا يفتقد الوعي الحقيقي بقيم العدالة واألخـــال­ق، التي ال تقف عند نظريات أرسـطـو وأفــالطــ­ون وابــن رشــد وغيرهم من فالسفة الـحـركـة اإلصـالحـي­ـة فـي عـصـور االنتفاضة الفكرية «من زمن آلخر».

ُُ بل إننا جميعًا نختار ما يناسب قناعتنا املشتركة الـتـي تضمن لنا وئـامـنـا وتعايشنا وتـــــــب­ـــــــادل­ـــــــنــ­ـــــا اإلنــــــ­ســــــانـ­ـــــي والــــحــ­ــضــــاري دون أن نـــــكـــ­ــون أســـــرى ‪)017( 2270008‬ 2271510 بريدة: ‪)016( 3249990‬ فاكس: 3244018 ‪)012( 7366444‬ فاكس: 7334118 ‪)016( 5329190‬ تبوك: ‪)014( 4235713‬ فاكس: 4231556 ‪)017( 3220421‬ ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺑﺎﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺆﺗﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﻍ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻳﺸﻬﺎ ﻭﻭﺋﺎﻣﻬﺎ، ﻭﺃﻥ ﻓﺮﺍﻍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﻤﻬﺎ ﻭﺗﻌﺎﻭﻧﻬﺎ ﻣﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﺟﻴﺎﻟﻨﺎ، ﻭﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻨﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺑﺘﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻘﺪﻧﺎ ﻗﺪﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻟﻪ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﻟﻬﺠﺮ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻟﻢ ﺗﺆﻣﻦ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺑﺴﻨﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﻭﻻ ﺣﻖ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ، ﻭﺃﻥ ﻣﺸﻬﺪ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ ﻟﻢ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻟﻠﻤﺨﺎﻟﻒ. ظرف أو سياق معني، ال يناسب إال وقته. وإذا جاز القول بأن األحوال والظروف الخاصة (عبر امتداد التاريخ البشري) تتطلب قوانني وقيمًا خاصة تقبل الـتـحـول والتغير، وال تـكـون مــقــلــد­ة لنظريات صممت لغير وقتها، فإن زمننا أولى بهذا القول في كثير من أحواله. وال شــك أن أســرى الــتــاري­ــخ، أو أســرى رجــالــه هــم في التحول واإلبداع والتصحيح رهن زمن مضى خلدوه وعكفوا عليه.

ُُ ومع هذا فالحكمة أيًا كان زمنها ومكانها ورجالها هـي مطلب الـعـقـالء، بـل هـي الـبـعـد الـغـائـب والحلقة املفقودة في كثير من أحــوال عاملنا اليوم، والحكمة تقول: «الحق ال يعرف بالرجال وإنما الرجال يعرفون بالحق، لكن رجال الحق أهل تقدير وإجالل». ما أحوجنا لجودة حياتنا، وإنسانية وجودنا وصوال لعدالتنا االجتماعية والسياسية واألخالقية. وما أجمل أن تكون تلك القيم بحسب كل سياق مدونة فــي دسـاتـيـر األمـــم، تـرجـع إليها (عـنـدمـا تتيه) أمام تيارات االنسحاب اإليماني. هــذا االنـسـحـا­ب الـــذي جعل انـسـجـام كوننا املدهش بمادته امللموسة ـ محسوبًا ـ فـي ظـن البعض ـ على خيال عدمي عبثي، ناسيًا عندما أنكر غيبيات اإليمان أنه وقع في إيمان أشد غيبًا من غيبه املجحود.. وهي متالزمة عجيبة تلتصق بتلك الحالة من االنسحاب. وكذلك أيضًا (عندما تتيه) أمام االنسالخ من القيم،

َِّ ثــم تطلبها فــال تـجـدهـا حـيـث ال تــحــاكــ­م حينئذ إال للنص الدستوري أو القانوني املجرد منها. وأذكــر في هـذا قصة لصديق يعمل أسـتـاذًا للقانون الــدســتـ­ـوري فــي جــامــعــ­ة عــاملــيـ­ـة مــرمــوقـ­ـة، وقـــد تألم كثيرًا من تشريع في بلده، فسألته وإن كنت أوافقه فــي االعـــتــ­ـراض مــن حــيــث املــبــدأ األخـــالق­ـــي، مــا وجه اعتراضك عليه؟. فـــقـــال: إنــــه يــخــالــ­ف قـيـمـنـا املـجـتـمـ­عـيـة واألخالقية والـروحـيـ­ة، فأجبته ملــاذا لـم تـدونـوا ذلـك فـي دستور األمة لترفعوا الحرج عن رجال العدالة وهم ينظرون في دستورية هذا التشريع؟. إننا متى انتهينا إلى أن املصالح تنشأ عنها القيم،

‪ُِّ ُُ‬ فـتـصـمـمـ­هـا عـلـى مقاسها املــــادي، مـخـالـفـة النظرية الصحيحة بأن القيم هي التي ترسم مسار املصالح وتـرشـدهـا لتمنع طغيان البراغماتي­ة املفتوح دون سقف على حساب قيم الطوباوية اإليجابية، فإننا حتمًا سنعود إلى حالة الصراع والصدام، ليس مع ‪)017( 5220071‬ فاكس: 5221962 ‪)014( 3225653‬ فاكس: 3224812 ‪)017( 7254669‬ فاكس: 7271253 ‪)017( 6225116‬ 5314001 )013( فاكس: 5341002 عرعر: ‪)014( 663844‬ فاكس: ‪)014( 6634445‬ الجوف: ‪)014( 788042‬ فاكس: ‪)014( 0368426‬

‪)017( 732018‬ مجرد تلك القيم، بل مع الفطرة البشرية التي استقام معها ناموسنا الكوني من بدء الخلق حتى اليوم. ولـــــذا فــنــحــن ال نــفــتــر­ض أن يـــكـــون الــــنـــ­ـاس جميعًا على ديـن أو مذهب أو فلسفة أو فكر واحــد؛ فديننا اإلســـالم­ـــي عـلـمـنـا بــنــص صــريــح أن ذلـــك مستحيل، ومنطق العقل والوعي يؤكد ذلك، وهذا كله ال يضيع الحقيقة، وال يعذرنا عن إيصالها. ولكننا ندعو إلى املحافظة على قيم فطرتنا اإلنسانية املشتركة التي ال تعبر فقط عن خاصية دينية، وال فكرية، وال ثقافية معينة، بل عن إنسانيتنا كبشر، ميزنا الخالق بعقولنا وقيمنا املشتركة عن بقية املخلوقات. إنــنــا يـجـب أن نـحـافـظ عـلـى طبيعة هــــذه اإلنــســا­نــيــة، حــتــى ال تتحول إلى طبيعة أخرى، فيختل وضعنا الـــبـــش­ـــري عـــلـــى أرضــــنــ­ــا املشتركة املهددة قبل اإلخالل بتوازنها البيئي بنسف قيم توازن عدالتها وأخالقها. لــــم تــســعــد الـــشـــع­ـــوب وال الــــــــ­دول وال الـبـشـريـ­ة جـمـعـاء فــي رغــدهــا وأمـنـهـا واستقرارها إال عندما حفلت بالعدالة واألخــالق.. وهي في كثير منها قيم إنسانية مشتركة. واالخـتـال­ف الديني والثقافي في تلك القيم ال يطال فــي الـغـالـب هـدفـهـا املـعـيـشـ­ي الـبـحـت، أمــا الجوانب الروحية فلكل منا فيها قناعته اإليمانية التي يجب تفهمها. نخلص بعد هذا إلى أهمية تواصلنا الحضاري وتبادلنا الثقافي من خالل الحوار البناء والفعال، لنقضي على العزلة اإلنسانية الــتــي ولــــــــ­دت الــكــراه­ــيــة والتطرف، والـتـطـرف املــضــاد.. والـكـاسـب فيها إنــــمـــ­ـا هــــو كــــاســـ­ـب مـــرحـــل­ـــي فقط.. «خاسر في نهاية مطافه». وعــلــى جـمـيـع الــعــقــ­الء أن يــعــوا بأن الــتــنــ­افــس الــحــقــ­يــقــي إنـــمـــا يـــكـــون في ســبــاق الـقـيـم والـعـمـل الـشـريـف وهــو الذي ضمنت سـنـة الـخـالـق جــل وعــال اســتــدام­ــتــه وبركته وسعادة أهله. يجب علينا أن نستوعب بشكل دقيق مفهوم الفضائل في ثقافة كل أمٍة وحضارٍة، بل في كل بلد. كما يجب أن نتقاسم معًا مشتركات الفضائل وهي كثيرة جدًا، ومن ثم نعمل عليها. هــذا االسـتـيـع­ـاب يجنبنا الــصــدام بـــصـــور­ه كافة، نـــقـــول هــــذا لـــنـــقـ­ــرر أن األديـــــ­ــان عبر تـــاريـــ­خـــهـــا كــــانـــ­ـت بريئة

مـــن حـــــروب ظاملة، جدة: ‪)012( 6760000‬ فاكس: ‪)012( 6764077‬ ‪)012( 6763901 - )012( 6763412‬ ‪)012( 6763914‬ واضــطــهـ­ـادات مـــورســـ­ت باسمها ورفــعــت بـهـا (كذبًا وزورًا) رايــة الــرب جل وعـال، وبريئة كذلك من إعاقة ملسيرة املعرفة والتنوير، مورست أيضًا باسمها في الشرق والغرب. كما يجب أن نقرر أيضًا أن التاريخ والصراع الدامي عبر امـتـداده الزمني تحت أي شعار كـان ال يتحمله سوى أفراده وجماعاته املباشرة له. ونــقــرر كـذلـك مــن جــانــب آخــر أن عـاملـنـا بـحـاجـة إلى تنوير فـي الـعـدالـة والقيم بحجم مـا وصــل إلـيـه من التنوير في مكتشفات املادة وقوانني التنمية، وذلك أن تــجــاوز زمـنـنـا لــعــصــو­ر االنــحــط­ــاط لم يتوشح بالقدر الـالزم من رداء العدالة والقيم. وعــلــى املـنـظـوم­ـة الــدولــي­ــة مــن خالل رابــطــتـ­ـهــا األمــمــي­ــة أن تــــدرك أهمية هــــذا األمـــــر وتــعــمــ­ل عــلــيــه بقرارات ومبادرات فاعلة وجادة. إن العقل البشري، وقد بلغ ما بلغ من املعارف املادية، ال يزال جريحًا في مادة القيم بمشتركاتها التي نتفق عليها جميعًا. إننا كلما أدركنا معنى: «نفسنا البشرية الواحدة» والــــتــ­ــي خــاطــبــ­نــا الـــخـــا­لـــق بـــهـــا فــــــقــ­ــــال:«وال تقتلوا أنفسكم». وكــلــمــ­ا اتــســعــ­ت آفــاقــنـ­ـا، فــأدركــن­ــا طـبـيـعـة االختالف البشري، وضرورة احترمنا لحريات بعضنا البعض، وأدركنا كذلك طبيعة تنوعنا بوجه عـام.. وتفهمنا ذلك بوعي كامل. وكـلـمـا اسـتـوعـبـ­نـا أيــضــًا حـكـمـة تنوعنا اإلثـــنــ­ـي، وكــنــا عـلـى يــقــني بـــأن املشهد الغالب لذلك التنوع هو في حقيقته مــصــدر تــكــامــ­ل وتـــعـــا­ون وإثــــــر­اء، ال كراهي ٍة وتخو ٍف وإقصاء. عـــنـــدم­ـــا نـــكـــون عـــلـــى مـــســـتـ­ــوى هذا الوعي فإننا سنكون أقرب إلى إسعاد الــبــشــ­ريــة، وتــحــقــ­يــق أمــلــهــ­ا املنشود، وتـــجـــا­وز مـعـانـاتـ­هـا الــتــي تـــــزداد مــن حني آلخر بالرغم من تقدمها املعرفي والتقني وعوملتها الشاملة وبالرغم أيضًا من رابطتها األممية. وختامًا نؤكد مـن خـالل هـذا املحفل املـهـم، أن عشرة بــاملــائ­ــة فـقـط مــن مـشـتـركـا­تـنـا كـافـيـة إلحـــالل السالم والوئام في عاملنا. وأننا بالوعي املنشود نستطيع مواجهة كافة أساليب ‪َُ ِّْ‬ الهيمنة الفكرية والثقافية التي ال تطرح رؤيتها في سياق حضاري وأخالقي يستدعي حرية االختيار. وإنــمــا تــحــمــل فــي أجـنـدتـهـ­ا همجية الــفــرض لذات الفكر، أو توظيف الفكر ألهــداف أخــرى، وللتاريخ مع أولئك عظة ال تنسى، لكن من يسلك هذه املسالك ال يتعظ حتى بنفسه. وفي ختام مشاركته قال الشيخ العيسى في حديث لــوســائـ­ـل اإلعــــــ­ـالم: وجـــدنـــ­ا إشــــــاد­ة عــاملــيـ­ـة فـــي هذا املؤتمر الذي يضم كبار أتباع األديان والثقافات وعددًا من املفكرين والسياسيني واإلعالمين­ي البارزين وجدنا إشادة كبيرة بمركز امللك ســلــمــا­ن لــلــســا­لم الـــعـــا­ملـــي، وتعويلهم الكبير عليه في إرساء معايير السالم بــمــنــط­ــلــقــات الـــعـــد­الـــة والوسطية واالعــــت­ــــدال الـــــذي تــتــوافـ­ـق عليه دولـــــــ­ــتـــــــ­ــا الــــــتـ­ـــــأســـ­ـــيــــــ­س وهــــمـــ­ـا املــمــلـ­ـكــة الــعــربـ­ـيــة السعودية ومـالـيـزي­ـا، مــؤكــدًا أن خطاب املـمـلـكـ­ة ومـنـهـجـه­ـا املعتدل وضـــع األمــــور فــي نصابها الصحيح. ‪)011( 4657434‬ ‪)013( 8022729‬ ‪)013( 8022709‬ ‪)013( 8022794‬ ‪)012( 5506212‬

المنورة: ‪)014( 8455353‬ تبوك: ‪)014( 425371‬ ‪)014( 4239826‬ فاكس ‪)014( 4221556‬ ‪)017( 2281253‬

 ??  ?? شهد مؤتمر قادة األديان بمركز الملك عبداهلل للحوار بين أتباع األديان والثقافات بفيينا حضورًا الفتًا من قادة الديانات والباحثين. (عكاظ) شدد العيسى في كلمته على أن اإلسالم كرم اإلنسان وضمن له حرية االختيار.
شهد مؤتمر قادة األديان بمركز الملك عبداهلل للحوار بين أتباع األديان والثقافات بفيينا حضورًا الفتًا من قادة الديانات والباحثين. (عكاظ) شدد العيسى في كلمته على أن اإلسالم كرم اإلنسان وضمن له حرية االختيار.
 ??  ?? حظي مركز الملك سلمان للسالم العالمي بإشادات واسعة تناولت مؤتمر أتباع األديان والثقافات األخير.
حظي مركز الملك سلمان للسالم العالمي بإشادات واسعة تناولت مؤتمر أتباع األديان والثقافات األخير.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia