العيسى: الصراع الديني يعود إلى التفكير غير املؤمن بالتنوع وحق االختيار
ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻨﻤﺴﺎﻭﻳﺔ ﻓﻴﻴﻨﺎ ﺃﻣﺲ ﻟﻘﺎﺀ ﻣﺆﺗﻤﺮﻳًﺎ ﻣﻬﻤًﺎ ﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﺣﺘﻀﻨﻪ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻀﺮﺕ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺇﻣﺎﻡ ﻭﺧﻄﻴﺐ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﻭﻋﻀﻮ ﻫﻴﺌﺔ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭﺍﻷﻣﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ ﻟﻠﺮﺍﺑﻄﺔ ﻭﻋﻀﻮ ﻫﻴﺌﺔ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ. وأكـــد الـعـيـسـى أن الــوئــام اإلنــســانــي ضــــرورة تكامل بقائه وكرامة ذاته، و«أننا عندما نتفهم خصوصية بعضنا نحو القناعة الدينية واملذهبية والثقافية (والفكرية عمومًا) نصل إلى مستوى عال من الحكمة والتحضر، لقد كرم اإلسالم بني اإلنسان وضمن لهم حرية االختيار ابتداء وأرشدهم إلى مكارم األخالق». وأضاف العيسى: «قيم العدالة واألخالق ليست رهن نـظـريـات وال سـيـاقـات معينة ومشتركاتها عديدة، وإن أســـرى الــتــاريــخ وأســـرى رجــالــه هــم فــي التحول واإلبــــــداع رهـــن زمـــن مــضــى خــلــدوه وعــكــفــوا عليه، والــحــكــمــة أيــــًا كــــان مــصــدرهــا هـــي مطلب الــعــقــالء، مــا أحــوجــنــا لــجــودة حياتنا وإنسانية وجودنا وصــوال لعدالتنا االجتماعية والسياسية واألخالقية، ومـــا أجــمــل أن تــكــون الــقــيــم بحسب كـل سـيـاق مـدونـة فـي دسـاتـيـر األمم ترجع إليها عندما تتيه أمام تيارات االنسحاب اإليماني»، وقـــــال إن االنـــســـحـــاب اإليـــمـــانـــي جعل كـونـنـا املــدهــش محسوبًا عـلـى خـيـال عـدمـي عبثي ناسيًا عندما أنكر غيبيات اإليمان أنه وقع في إيمان أشـــد غـيـبـًا مـــن غـيـبـه املــجــحــود، الــقــيــم تــرســم مسار املصالح ال العكس، والقيم تمنع طغيان البراغماتية املــفــتــوح دون ســقــف عــلــى حــســاب قــيــم الطوباوية اإليجابية. وزاد: ندعو في سياق تنوعنا الحاضر إلى املحافظة عــلــى قــيــم فــطــرتــنــا اإلنــســانــيــة املــشــتــركــة الـــتـــي ال تـعـبـر عــن خـاصـيـة ديـنـيـة وال فـكـريـة وال ثــقــافــيــة مــعــيــنــة، مـــشـــددًا عــلــى وجوب أن نـحـافـظ عـلـى طـبـيـعـة إنسانيتنا حـتـى ال تـتـحـول إلــى طبيعة أخرى فـــيـــخـــتـــل وضــــعــــنــــا الــــبــــشــــري على أرضـنـا املشتركة، غالب قيم العدالة واألخالق مشتركات إنسانية ال خالف حولها، الحوار البناء والفعال يقضي على العزلة اإلنسانية التي ولدت الكراهية والــتــطــرف والــتــطــرف املــضــاد، والــكــاســب فــي معركة الـكـراهـيـة واإلقــصــاء مـرحـلـي فـقـط خـاسـر فــي نهاية مطافه، وقــد ضمنت سنة الخالق اسـتـدامـة مجتمع الـقـيـم وبـركـتـه وســعــادة أهــلــه، وأنـــه يـجـب علينا أن نتقاسم معًا مشتركات الفضائل وهي كثيرة. وتــــــابــــــع: أصــــــل األديـــــــــــان بــــــــريء مـــــن حــــــــروب ظاملة واضــطــهــادات مــورســت باسمها ومــن إعــاقــة مسيرة املـعـرفـة والـتـنـويـر فــي الــشــرق والــغــرب، وأن الصراع الــدامــي عبر امــتــداده الزمني تحت أي شـعـار كــان ال يتحمله سوى أفراده وجماعاته املباشرة له، وعاملنا بحادة إلى تنوير في العدالة والقيم بحجم ما وصل إليه من التنوير في مكتشفات املادة وقوانني التنمية، والـعـقـل الـبـشـري الــذي أدرك املــعــارف املــاديــة ال يزال جريحًا في مادة القيم بمشتركاتها التي نتفق عليها جميعًا، مضيفًا: كلما استوعبنا حكمة تنوعنا اإلثـــنـــي كــنــا عــلــى يــقــني بـــأنـــه مـــصـــدر تكامل وتعاون وإثراء ال كراهية وتخوف وإقصاء، فإلى نص كلمة الشيخ العيسى: نـــجـــتـــمـــع ونــــحــــن أحــــــــــوج مـــــا نكون لـدعـم وئامنا وتعايشنا فـي سبيل تـحـقـيـق املـــزيـــد مـــن إســهــامــنــا في بنائنا الحضاري؛ لنمأل بقوتنا الناعمة فراغه الشاغر. إن اإلنسانية ال تزال تعاني من هذا الفراغ حتى اليوم، حيث خلف وراءه متاعب مدفوعة الــثــمــن مــن قـيـمـنـا وسالمنا ومحبتنا وتعاوننا، بل ومن مستقبل أجيالنا. وكــــل ذلــــك يــــصــــب فـــي أواصـــــــر رابــطــتــنــا اإلنسانية واألخالقية، وال بد أن نكون أقرب لوصفنا اإلنساني واألخالقي؛ فكلما ابتعدنا عنه، كلما فقدنا قدرًا من استحقاقنا لهذا الوصف بقدر الهجر والبعد. عندما نتأمل في تاريخ الصراع الديني والثقافي بني
ُْ بني النفس البشرية الواحدة، نجده يعود إلى صيغة تفكير خاطئة، لم تؤمن ـ ابـتـداء ـ بسنة الخالق جل وعال في االختالف والتنوع، وال حق االختيار الحر.
ِّْ بــل وفــي بـعـض مــشــهــد تـطـرفـهـا العنيف لــم تؤمن حتى بحق الوجود، وما يجب أن نتعامل مــع ذلـــك الــتــنــوع فــي بــعــض سياقاته الفكرية والثقافية بـاعـتـبـاره شكال مهمًا من أشكال الثراء واإلبداع. كما لم تؤمن ـ ثانية ـ أن تسامحها وتــعــاونــهــا ضــــرورة مــن ضرورات تــــكــــامــــل بـــقـــائـــهـــا، وكـــــرامـــــة ذاتها، (والـتـاريـخ اإلنساني شاهد على ذلك بتفاصيل مؤملة تحكي وقائع همجية التطرف ووحشية اإلرهــاب الناتج عن هـذا العته العقلي). عــنــدمــا نـتـفـهـم خــصــوصــيــة بــعــضــنــا نــحــو القناعة الدينية واملذهبية والثقافية، بـل والفكرية عمومًا، نصل إلى مستوى عال من الحكمة والتحضر. وديـــن اإلســـالم (ونــحــن هـنـا نـتـحـدث بـاسـم الشعوب اإلسالمية املنضوية تحت رابطة العالم اإلسالمي) كـــرم بـنـي اإلنــســان، وضــمــن لـهـم حــريــة االختيار ابــــتــــداء، وأرشـــدهـــم إلـــى مــكــارم األخالق حيث قال نبي اإلسالم صلى الله عليه وســـلـــم: «إنـــمـــا بــعــثــت ألتــمــم مكارم األخالق». ولعلنا نتفاء ل كثيرًا عندما نحسن الظن بعزائمنا التي تترجمها مثل هذه اللقاءات؛ لنرى بكل استشراف، أن عــــصــــرنــــا هــــــو عـــــصـــــر الفلسفة الــســيــاســيــة واألخـــالقـــيـــة، بــعــد أن أنهكت
ُِ البشرية الـصـراعـات الدينية واملذهبية والثقافية والـسـيـاسـيـة، مـخـلـفـة وراءهـــا تـاريـخـًا يفتقد الوعي الحقيقي بقيم العدالة واألخـــالق، التي ال تقف عند نظريات أرسـطـو وأفــالطــون وابــن رشــد وغيرهم من فالسفة الـحـركـة اإلصـالحـيـة فـي عـصـور االنتفاضة الفكرية «من زمن آلخر».
ُُ بل إننا جميعًا نختار ما يناسب قناعتنا املشتركة الـتـي تضمن لنا وئـامـنـا وتعايشنا وتـــــــبـــــــادلـــــــنـــــــا اإلنــــــســــــانــــــي والــــحــــضــــاري دون أن نـــــكـــــون أســـــرى )017( 2270008 2271510 بريدة: )016( 3249990 فاكس: 3244018 )012( 7366444 فاكس: 7334118 )016( 5329190 تبوك: )014( 4235713 فاكس: 4231556 )017( 3220421 ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺑﺎﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺆﺗﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﻍ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻳﺸﻬﺎ ﻭﻭﺋﺎﻣﻬﺎ، ﻭﺃﻥ ﻓﺮﺍﻍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﻤﻬﺎ ﻭﺗﻌﺎﻭﻧﻬﺎ ﻣﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﺟﻴﺎﻟﻨﺎ، ﻭﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻨﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺑﺘﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻘﺪﻧﺎ ﻗﺪﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻟﻪ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﻟﻬﺠﺮ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺻﻴﻐﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺧﺎﻃﺌﺔ ﻟﻢ ﺗﺆﻣﻦ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﺑﺴﻨﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﻭﻻ ﺣﻖ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ، ﻭﺃﻥ ﻣﺸﻬﺪ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ ﻟﻢ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻟﻠﻤﺨﺎﻟﻒ. ظرف أو سياق معني، ال يناسب إال وقته. وإذا جاز القول بأن األحوال والظروف الخاصة (عبر امتداد التاريخ البشري) تتطلب قوانني وقيمًا خاصة تقبل الـتـحـول والتغير، وال تـكـون مــقــلــدة لنظريات صممت لغير وقتها، فإن زمننا أولى بهذا القول في كثير من أحواله. وال شــك أن أســرى الــتــاريــخ، أو أســرى رجــالــه هــم في التحول واإلبداع والتصحيح رهن زمن مضى خلدوه وعكفوا عليه.
ُُ ومع هذا فالحكمة أيًا كان زمنها ومكانها ورجالها هـي مطلب الـعـقـالء، بـل هـي الـبـعـد الـغـائـب والحلقة املفقودة في كثير من أحــوال عاملنا اليوم، والحكمة تقول: «الحق ال يعرف بالرجال وإنما الرجال يعرفون بالحق، لكن رجال الحق أهل تقدير وإجالل». ما أحوجنا لجودة حياتنا، وإنسانية وجودنا وصوال لعدالتنا االجتماعية والسياسية واألخالقية. وما أجمل أن تكون تلك القيم بحسب كل سياق مدونة فــي دسـاتـيـر األمـــم، تـرجـع إليها (عـنـدمـا تتيه) أمام تيارات االنسحاب اإليماني. هــذا االنـسـحـاب الـــذي جعل انـسـجـام كوننا املدهش بمادته امللموسة ـ محسوبًا ـ فـي ظـن البعض ـ على خيال عدمي عبثي، ناسيًا عندما أنكر غيبيات اإليمان أنه وقع في إيمان أشد غيبًا من غيبه املجحود.. وهي متالزمة عجيبة تلتصق بتلك الحالة من االنسحاب. وكذلك أيضًا (عندما تتيه) أمام االنسالخ من القيم،
َِّ ثــم تطلبها فــال تـجـدهـا حـيـث ال تــحــاكــم حينئذ إال للنص الدستوري أو القانوني املجرد منها. وأذكــر في هـذا قصة لصديق يعمل أسـتـاذًا للقانون الــدســتــوري فــي جــامــعــة عــاملــيــة مــرمــوقــة، وقـــد تألم كثيرًا من تشريع في بلده، فسألته وإن كنت أوافقه فــي االعـــتـــراض مــن حــيــث املــبــدأ األخـــالقـــي، مــا وجه اعتراضك عليه؟. فـــقـــال: إنــــه يــخــالــف قـيـمـنـا املـجـتـمـعـيـة واألخالقية والـروحـيـة، فأجبته ملــاذا لـم تـدونـوا ذلـك فـي دستور األمة لترفعوا الحرج عن رجال العدالة وهم ينظرون في دستورية هذا التشريع؟. إننا متى انتهينا إلى أن املصالح تنشأ عنها القيم،
ُِّ ُُ فـتـصـمـمـهـا عـلـى مقاسها املــــادي، مـخـالـفـة النظرية الصحيحة بأن القيم هي التي ترسم مسار املصالح وتـرشـدهـا لتمنع طغيان البراغماتية املفتوح دون سقف على حساب قيم الطوباوية اإليجابية، فإننا حتمًا سنعود إلى حالة الصراع والصدام، ليس مع )017( 5220071 فاكس: 5221962 )014( 3225653 فاكس: 3224812 )017( 7254669 فاكس: 7271253 )017( 6225116 5314001 )013( فاكس: 5341002 عرعر: )014( 663844 فاكس: )014( 6634445 الجوف: )014( 788042 فاكس: )014( 0368426
)017( 732018 مجرد تلك القيم، بل مع الفطرة البشرية التي استقام معها ناموسنا الكوني من بدء الخلق حتى اليوم. ولـــــذا فــنــحــن ال نــفــتــرض أن يـــكـــون الــــنــــاس جميعًا على ديـن أو مذهب أو فلسفة أو فكر واحــد؛ فديننا اإلســـالمـــي عـلـمـنـا بــنــص صــريــح أن ذلـــك مستحيل، ومنطق العقل والوعي يؤكد ذلك، وهذا كله ال يضيع الحقيقة، وال يعذرنا عن إيصالها. ولكننا ندعو إلى املحافظة على قيم فطرتنا اإلنسانية املشتركة التي ال تعبر فقط عن خاصية دينية، وال فكرية، وال ثقافية معينة، بل عن إنسانيتنا كبشر، ميزنا الخالق بعقولنا وقيمنا املشتركة عن بقية املخلوقات. إنــنــا يـجـب أن نـحـافـظ عـلـى طبيعة هــــذه اإلنــســانــيــة، حــتــى ال تتحول إلى طبيعة أخرى، فيختل وضعنا الـــبـــشـــري عـــلـــى أرضــــنــــا املشتركة املهددة قبل اإلخالل بتوازنها البيئي بنسف قيم توازن عدالتها وأخالقها. لــــم تــســعــد الـــشـــعـــوب وال الــــــــدول وال الـبـشـريـة جـمـعـاء فــي رغــدهــا وأمـنـهـا واستقرارها إال عندما حفلت بالعدالة واألخــالق.. وهي في كثير منها قيم إنسانية مشتركة. واالخـتـالف الديني والثقافي في تلك القيم ال يطال فــي الـغـالـب هـدفـهـا املـعـيـشـي الـبـحـت، أمــا الجوانب الروحية فلكل منا فيها قناعته اإليمانية التي يجب تفهمها. نخلص بعد هذا إلى أهمية تواصلنا الحضاري وتبادلنا الثقافي من خالل الحوار البناء والفعال، لنقضي على العزلة اإلنسانية الــتــي ولــــــــدت الــكــراهــيــة والتطرف، والـتـطـرف املــضــاد.. والـكـاسـب فيها إنــــمــــا هــــو كــــاســــب مـــرحـــلـــي فقط.. «خاسر في نهاية مطافه». وعــلــى جـمـيـع الــعــقــالء أن يــعــوا بأن الــتــنــافــس الــحــقــيــقــي إنـــمـــا يـــكـــون في ســبــاق الـقـيـم والـعـمـل الـشـريـف وهــو الذي ضمنت سـنـة الـخـالـق جــل وعــال اســتــدامــتــه وبركته وسعادة أهله. يجب علينا أن نستوعب بشكل دقيق مفهوم الفضائل في ثقافة كل أمٍة وحضارٍة، بل في كل بلد. كما يجب أن نتقاسم معًا مشتركات الفضائل وهي كثيرة جدًا، ومن ثم نعمل عليها. هــذا االسـتـيـعـاب يجنبنا الــصــدام بـــصـــوره كافة، نـــقـــول هــــذا لـــنـــقـــرر أن األديـــــــان عبر تـــاريـــخـــهـــا كــــانــــت بريئة
مـــن حـــــروب ظاملة، جدة: )012( 6760000 فاكس: )012( 6764077 )012( 6763901 - )012( 6763412 )012( 6763914 واضــطــهــادات مـــورســـت باسمها ورفــعــت بـهـا (كذبًا وزورًا) رايــة الــرب جل وعـال، وبريئة كذلك من إعاقة ملسيرة املعرفة والتنوير، مورست أيضًا باسمها في الشرق والغرب. كما يجب أن نقرر أيضًا أن التاريخ والصراع الدامي عبر امـتـداده الزمني تحت أي شعار كـان ال يتحمله سوى أفراده وجماعاته املباشرة له. ونــقــرر كـذلـك مــن جــانــب آخــر أن عـاملـنـا بـحـاجـة إلى تنوير فـي الـعـدالـة والقيم بحجم مـا وصــل إلـيـه من التنوير في مكتشفات املادة وقوانني التنمية، وذلك أن تــجــاوز زمـنـنـا لــعــصــور االنــحــطــاط لم يتوشح بالقدر الـالزم من رداء العدالة والقيم. وعــلــى املـنـظـومـة الــدولــيــة مــن خالل رابــطــتــهــا األمــمــيــة أن تــــدرك أهمية هــــذا األمـــــر وتــعــمــل عــلــيــه بقرارات ومبادرات فاعلة وجادة. إن العقل البشري، وقد بلغ ما بلغ من املعارف املادية، ال يزال جريحًا في مادة القيم بمشتركاتها التي نتفق عليها جميعًا. إننا كلما أدركنا معنى: «نفسنا البشرية الواحدة» والــــتــــي خــاطــبــنــا الـــخـــالـــق بـــهـــا فــــــقــــــال:«وال تقتلوا أنفسكم». وكــلــمــا اتــســعــت آفــاقــنــا، فــأدركــنــا طـبـيـعـة االختالف البشري، وضرورة احترمنا لحريات بعضنا البعض، وأدركنا كذلك طبيعة تنوعنا بوجه عـام.. وتفهمنا ذلك بوعي كامل. وكـلـمـا اسـتـوعـبـنـا أيــضــًا حـكـمـة تنوعنا اإلثـــنـــي، وكــنــا عـلـى يــقــني بـــأن املشهد الغالب لذلك التنوع هو في حقيقته مــصــدر تــكــامــل وتـــعـــاون وإثــــــراء، ال كراهي ٍة وتخو ٍف وإقصاء. عـــنـــدمـــا نـــكـــون عـــلـــى مـــســـتـــوى هذا الوعي فإننا سنكون أقرب إلى إسعاد الــبــشــريــة، وتــحــقــيــق أمــلــهــا املنشود، وتـــجـــاوز مـعـانـاتـهـا الــتــي تـــــزداد مــن حني آلخر بالرغم من تقدمها املعرفي والتقني وعوملتها الشاملة وبالرغم أيضًا من رابطتها األممية. وختامًا نؤكد مـن خـالل هـذا املحفل املـهـم، أن عشرة بــاملــائــة فـقـط مــن مـشـتـركـاتـنـا كـافـيـة إلحـــالل السالم والوئام في عاملنا. وأننا بالوعي املنشود نستطيع مواجهة كافة أساليب َُ ِّْ الهيمنة الفكرية والثقافية التي ال تطرح رؤيتها في سياق حضاري وأخالقي يستدعي حرية االختيار. وإنــمــا تــحــمــل فــي أجـنـدتـهـا همجية الــفــرض لذات الفكر، أو توظيف الفكر ألهــداف أخــرى، وللتاريخ مع أولئك عظة ال تنسى، لكن من يسلك هذه املسالك ال يتعظ حتى بنفسه. وفي ختام مشاركته قال الشيخ العيسى في حديث لــوســائــل اإلعـــــــالم: وجـــدنـــا إشــــــادة عــاملــيــة فـــي هذا املؤتمر الذي يضم كبار أتباع األديان والثقافات وعددًا من املفكرين والسياسيني واإلعالميني البارزين وجدنا إشادة كبيرة بمركز امللك ســلــمــان لــلــســالم الـــعـــاملـــي، وتعويلهم الكبير عليه في إرساء معايير السالم بــمــنــطــلــقــات الـــعـــدالـــة والوسطية واالعــــتــــدال الـــــذي تــتــوافــق عليه دولـــــــــتـــــــــا الــــــتــــــأســــــيــــــس وهــــمــــا املــمــلــكــة الــعــربــيــة السعودية ومـالـيـزيـا، مــؤكــدًا أن خطاب املـمـلـكـة ومـنـهـجـهـا املعتدل وضـــع األمــــور فــي نصابها الصحيح. )011( 4657434 )013( 8022729 )013( 8022709 )013( 8022794 )012( 5506212
المنورة: )014( 8455353 تبوك: )014( 425371 )014( 4239826 فاكس )014( 4221556 )017( 2281253