«أم خبز» وأمانة الطائف.. لت وعجن!
حي الفيصلية يعاني نقصًا حادًا في املشاريع التنموية
استهوى حي «أم خبز» العريق (وسط الطائف) كثيرًا من املؤرخني الذين تناولوه في املعاجم املختلفة بالشرح والتفصيل، إال أن سكانه اآلن يرون أن حيهم الذي أصبح اسمه حاليا «الفيصلية» لم يستهو أمانة املحافظة، فغابت عنه كثير من املشاريع التنموية األســاســيــة، مـنـهـا تــدنــي مـسـتـوى اإلصــحــاح الـبـيـئـي وتكدس النفايات لقلة الحاويات فيه، فضال عن معاناتهم التي تتفاقم بهطول األمطار مطالبني بمشروع تصريف لـهـا، إضــافــة إلــى أن مـدخـل الـحـي ضيق بحاجة لتوسعة، وعــالج شوارعهم املتهالكة بسفلتتها وإنارتها واالهتمام بالحي التاريخي الذي نال اهـتـمـام املــؤرخــني، ويــبــدو أنــه لــم يـحـظ برعاية الجهات املختصة وفي مقدمتها األمانة ــ على حد قولهم. وأفاد خلف هزاع الجودي أن حي أم خبز من أقدم أحياء الطائف، تكون في بادئ األمر من بيوت صغيرة مبنية من اللنب والطني، مشيرًا إلى أنه سكن فيه منذ عام ،1388 في بيت لنب له ثالث مداخل ضيقة، على شارع عرضه ال يزيد على 8 أمتار. وبني أن الحي كان صغيرًا وسكانه سابقًا من الجواد والعصمة وطويرق، أما اآلن فتوسع وزاد عدد السكان، مبينًا أن حدود الحي غربًا مزارع الفتة، ومن الجنوب والشرق طريق الحوية الطائف، وشماال البالد األثرية القديمة العائدة للدولة واملسماة الربع. وذكر أحمد زبن الجودي أن حي أم خبز اشتهر بطابعه األصيل وتـاريـخـه الـعـريـق ومـوقـعـة املـمـيـز، الفـتـا إلــى أن املـسـمـى القديم ال يــزال ينشط فـي ذاكـــرة السكان الـقـدامـى، ولكن الجيل الحالي ال يعرف تـاريـخـه؛ نظرا للتطورات التي شهدها الحي على مر
الزمن. وأشار الجودي إلى أن الحي تتوسطه مقبرة قديمة، وآخر جثمان ووري في ثراها كــان قبل 40 عـامـًا، مشيرا إلــى أن الحي بحاجة ملزيد من الخدمات التنموية واالهــتــمــام مــن أمانة الطائف. وأوضح املؤرخ حماد الساملي الذي وثق تاريخ الحي في «املعجم الجغرافي لــلــطــائــف» لـــ«عــكــاظ» أن أم خــبــز (بــفــتــح الخاء وضمها)، منسوبة إلى ما يؤكل من رغيف الخبز، كانت مشهورة به أو بإنتاج القمح والشعير والــذرة وكلها حبوب يصنع منها الخبز. ولفت الساملي في املعجم إلى أن البالدي ذكر أن أم خبز قرية من جنوبي الطائف شملها العمران كانت في عهد العجيمي -القرن الـعـاشـر- تسمى «قـريـة الــخــدام» لسكن خــدام ضريح عبدالله بن عـبـاس رضــي الـلـه عنهما فيها، مبينًا أنـهـا قـريـة كـانـت شمالي الــطــائــف بــني شــبــرا والــقــيــم، وشـمـلـهـا الــعــمــران ودخــلــت فــي حي الفيصلية، وكانت تزخر باملزارع واآلبار التي ما زال كثير منها على حاله، وبساتني متشابكة وبها ركبان منها ركيب ابن عباس وهــو وقــف عـلـى مسجد عـبـدالـلـه بــن عــبــاس رضــي الــلــه عنهما، وركــبــان دامـــرة حتى هــذا الـتـاريـخ، موضحا أن فـيـروز أبادي (صاحب القاموس املحيط) تناول أم خبز بإسهاب، ما يدل على أهميته. وحذر الساملي من أنه بعد 10 أعوام أو 20 عامًا، قــد يـمـحـو تــاريــخ املــوقــع إن لــم يـهـتـم بتوثيقه، موضحا أنه قبل نحو 30 عامًا دمجت كثير من األحياء في بعضها، وكل منها أصبح يحمل اسمًا مختلفًا، ومع مرور الزمان تغيرت مالمحها. وذكر أن السكان القدامى يتذكرون تاريخ الحي، ولكن مع التطورات املتالحقة التي تطرأ فإن الجيل الجديد ال يكون لديه خلفية معرفية عن تاريخه لعدم وجود توثيق؛ وألنه لم يتم األخذ بعني االعتبار ما يحويه املوقع من قيمة تاريخية أســوة ببعض الـــدول الـتـي تهتم وتـحـرص على أن يقترن االسم القديم بـاالسـم الحديث للمحافظة على تاريخه ليكون نبراسًا لألجيال القادمة.