Okaz

بداية متعثرة

-

كــان اهـتـمـام الــرجــل فــي هــذه الـفـتـرة مــن حـيـاتـه منصبا عـلـى معالجة األسود والنمور والخيول ودراسة حاالتها املرضية، وبالتالي كانت الجمال بعيدة عن اهتماماته. لكن الصدفة وحدها جعلته يخوض للمرة األولى تجربة مع الجمال. إذ طـلب منه تخدير جملني إلجـراء عملية جراحية لهما، لكن ال أحد كان يعلم شيئا عن العقاقير املستخدمة في تخدير الجمال، بما فيهم أطباء حديقة حيوان ملبورن الذين استشارهم وطلب مساعدتهم. هنا لجأ تنسون إلى االبتكار فصنع من عقاقير تخدير الخيول خلطة جديدة لالستخدام في تخدير الجملني. نجحت الخلطة في عملية التخدير، لكن النتيجة النهائية كانت كارثية. إذ أصيب أحد الجملني بداء ذات الرئة وأصيب الثاني بفقدان السيطرة على حركته ولم يعد قادرًا على الوقوف. كانت هـذه بداية ارتباط الرجل بالجمال؛ إذ بعدها بفترة قصيرة تلقى أثناء عمله في العيادة البيطرية، مكاملة من شخص يدعوه للقيام بإخصاء 6 جمال، فاعتقد أن املسألة مجرد مزحة سمجة من أحد أصدقائه، خصوصا أنه لم يكن من املعقول وجود نصف دستة من الجمال في تلك البلدة الصغيرة. هنا يأخذنا تنسون في الصفحات 24 ــ72 للحديث عن الشخص املتصل، الذي جعل الجمال تبدو في نظره مخلوقات ساحرة قادرة على تحمل قسوة الحياة والسير ملسافات طويلة بأحمال ثقيلة، وهو «بادي مكهيو»، فيصفه بـ «أكبر مهووس باإلبل في عموم أستراليا» ويقول عنه إنه «أمضى نصف عمره في العمل مع اإلبل البرية، وبــدا من خـالل أسلوب تعامله مع إبله أنـه يتفهم طباعها بفطرته». نعم، كان مكهيو مهووسا بالفعل بالجمال، ورائدا في كل ما يتعلق بعالم اإلبل، بل كان واحدا من أوائل األسترالين­ي الذين عبروا مسافة 1500 كيلومتر من جنوب بالده إلى أقصى شمالها على ظهور اإلبل في رحلة استغرقت ثالثة أشهر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia