قالوا عنك يا معالي الرئيس
يبدو أن جليد الثقة بني املـدرج واملؤسسة الرياضية، وعلى رأسها االتــحــاد الــســعــودي لــكــرة الــقــدم، ذاب فــي كـــوب «وشـــربـــوا مويته»، ولم تعد ثمة ثقة تمنحها الجماهير املحبة إلى أي كيان رياضي، خصوصًا أن الحب أصبح من طـرف واحــد، والحياة بينهما باتت مستحيلة. فــاألســرة الرياضية تشتتت بفعل مــاض مبني على بيانات كانت بوصلتها ال تشير نحو أي جهة من الجهات األربع، بوصلة معطوبة تطل برأسها إلى السماء. فأي قرار يصدر اآلن سواء من اتحاد القدم أو هيئة الرياضة يبنى على هاجس املؤامرة وأوهام اللوبي الخفي. فمهما سعت املؤسسات الرياضية إلرضاء املدرجات لن تنال بلح الشام وال عنب اليمن. وأصــبــح الــصــداع عـلـى قـــدر صـــراخ املــــدرج، ومــبــالــغــات اإلعالميني الرياضيني، الذين يتمايلون على إيقاع املشجعني لنيل أكبر قدر من األضواء. فأصبح «الريموت» بيد املشجع الرياضي بعد أن نزعه من أنصاف إعالميني رموا بمهنيتهم جانبا ورقصوا على أهازيج الرابطة. آخر فصول مسرحية انعدام الثقة، التي لن تنتهي، هو قرار اتحاد القدم، الذي أعلن فيه عدم مشاركة الدوليني في نهائي كأس امللك. وكعادتنا مع أي قــرار، طار البعض به فرحني، فيما لعب الفأر في «عب» الطرف اآلخر، إنها املؤامرة تلوح برأسها من جديد. لكن الجديد ليس في هذه الشكوك والهواجس القديمة، بل الجديد فـــي املــشــهــد هـــو هــيــئــة الــريــاضــة الـــجـــديـــدة، واملــنــتــخــب السعودي ومشاركته في مونديال كأس العالم. ولــيــســمــح لـــي رئـــيـــس هــيــئــة الـــريـــاضـــة تـــركـــي آل الــشــيــخ أن أكون «نـقـال كــالم» عند معاليه، فنقل الـكـالم ألصـحـاب املعالي مباح في الـضـرورات، رغم أنه لم يعد مربحا كالسابق بعد أن قطع «تويتر» أرزاق الوصوليني على أكتاف خلق الله، وآكلي لحوم البشر بالغيبة. فضغطة زر على «تريند تويتر» تكشف لك إيقاع الشارع الرياضي ونبضه بكل ما فيه من تجاوز وكذب ومبالغة وشكوك. يقولون يا معالي الرئيس.. إنك وراء هذا القرار. ويقولون إن الـقـرار جــاء لتوزيع تركة البطوالت فـي نهاية املوسم ملوازنة الحقوق بني األندية. ويقولون بعد أن قرب الـدوري من األهلي جاء إبعاد الدوليني ملنح االتحاد الكأس. يقولون إن الــدوري لم يعد له سـوى رئيس واحــد.. بعد أن كـان لكل ناد رئيس. يقولون إن تعويض الهالل والنصر على حساب األهلي واالتحاد في املوسم القادم. أمـا في الضفة األخــرى، التي استبشرت خيرا باستبعاد الدوليني، فكانت املوجة مغايرة تماما، حيث مسحت «مكياج» البهلواني من مالمحها مرتدية حسًا وطنيًا وباتت تردد نشيد التضحية. قالوا يا معالي الرئيس إن االتحاد والهالل تنازال عن بطولة السوبر من أجل املنتخب. قالوا يا معالي الرئيس إن االتحاد والهالل والنصر تنازلوا عن أهم الالعبني في فترة الحسم النضمامهم للدوري اإلسباني. قالوا يا معالي الرئيس، صحيح أن ناديهم ليس فيه دوليون، ولكن املصلحة للمنتخب ومعسكره أهم بكثير من أطماع التوسع. قــالــوا يــا مــعــالــي الــرئــيــس إنـــك هــاللــي بــالــفــطــرة، وقـــالـــوا عــنــك إنك نـصـراوي باالنتماء، وإن دمـك ملطخ بحب األهـلـي، وإنــك تتعاطف كثيرا مع االتحاد وقدمت له دعما خفيا رغم منع التسجيل. معالي الرئيس.. قالوا.. وقالوا.. وقالوا.. فـيـمـا يــقــول الـــواقـــع: «إن الـجـمـاهـيـر لــن تــرضــى عـنـك حـتـى تشجع أنديتهم». لذلك أرى أن املؤسسة الرياضية في بلدنا، سـواء هيئة الرياضة أو اتحاد القدم، تحتاج للكثير من العمل الجاد إلزالة شوائب الشكوك، والتركيز نحو اإلنـجـاز بـدال من إهــدار الطاقات واإلمكانيات فيما ال فائدة منه. وال نــلــوم فــي نـفـس الــوقــت الــشــارع الــريــاضــي، الـــذي احـتـقـن بفعل املحاباة مرة، وبفعل اإلعالم الرياضي مرة أخرى. فالبعد عن القرارات الجدلية في هذا التوقيت سيكون إيجابيا إلى أن تعيد التحسينات الرياضية والقرارات التطويرية وتعبيد الشارع الرياضي، الثقة للمشجع من جديد.