أبناؤنا واحلرب الفكرية

عوامل كثيرة تؤثر إيجابًا أو سلبًا على املجتمعات ولكي يتم توجيه الشعوب توجيهًا صحيحًا يمنعه من االنجراف وراء األفكار الضالة، أو تستمر في جهلها يجب على قادة املجتمع كل بدوره توفير عوامل النجاح وتحفيزها ومحاربة األفكار التي من شأنها هدم املجتمع وأفراده. يمكن القول إن شعوب العالم مرت بأزمات وسادت في فترات وابتعدت وقبعت تحت خـط الجهل فـي فــتــرات، وكشعوب عربية عانينا فـي السابق ويــالت الفكر املتشدد واملتطرف مـن الجهتني؛ جهة تريد املجتمع أن ينسلخ مـن هويته وقيمه ومبادئه وأخالقياته وثقافته وقبل ذلك دينه، وفئة غلت وتشددت وحاربت كل مظاهر العلم واملعرفة، بل سممت أفكار أجيال سابقة على مدى سنوات طويلة وخلفت لنا اإلرهاب واإلرهابيني. والواجب علينا في مثل هذا أال ننجرف كثيرًا وراء كل األفكار ويجب علينا توعية املجتمع مــن هــذه األفــكــار الـهـدامـة وتنبيه أبنائنا وبـنـاتـنـا، السيما املراهقني منهم، ألنهم أكثر عرضة للخطر من غيرهم وأكثر قابلية للتغير، ويسهل تشكيل أفكارهم وتوجيهها بكل سهولة لذلك يجب علينا أوال كآباء وأمهات الحذر واتباع أساليب علمية في تربية األبناء واالبتعاد عن األساليب القديمة في التربية املعتمدة على التخويف والترهيب، فقد ولى زمانها وبانت عيوبها ومساوئها، وال يوجد عيب في تثقيف أولياء األمور في هذا الجانب وقراءة دراسات متخصصة أو كتب علمية وليس بالضرورة أن تكون كمتعلم أو صاحب شهادات عليا أن تكون ملما بأساليب التربية الحديثة والصحيحة، فالتربية أعقد مما نتصور وتحتاج ملجهود كبير من املنزل قبل املدرسة وقبل املؤسسات الحكومية لبناء مجتمع فعال يمكن االعتماد عليه مستقبال ليعيد لنا أمجادنا السابقة وأولويتنا في االكتشافات العلمية واالختراعات. وهناك عوامل تؤثر على النسيج االجتماعي وعلى ثقافة املجتمع وتوجيهها عبر الـزمـن. والقائمني على هــذه األساليب يجب أن يملكوا الـقـوة والتأثير الخفي غير الواضح فعملهم يمتد على مدى سنوات قد تصل لـ02 و03 سنة. وعلى سبيل املثال ما تقوم به القنوات التلفزيونية من توجيه األفكار وتقبلها أو حتى رفضها. وملحاربة كل تطرف فكري هناك دور محوري لكل من املؤسسات األمنية املتمثلة في إدارة األمن الفكري، فعليها دور كبير في محاربة التطرف واألفكار التي من شأنها أن تهدم مجتمعاتنا. وأيضًا هناك دور جوهري تلعبه املؤسسات التعليمية بالتعاون مع األسر للمحافظة على سالمة أفكار أبنائنا واالبتعاد بهم عن األفكار التي من شأنها أن تدمرهم أوال وتدمر مجتمعنا. وأيضا ال يمكن إغفال دور املؤسسات االجتماعية والدينية في املحافظة على تماسك مجتمعنا. كما أن دعاة الشر يتربصون بنا وبأبنائنا ليحرفوهم عن الحق ويجعلوهم وباء في مجتمعنا وخنجرًا في خاصرتنا، فوسائل التواصل االجتماعي أتاحت لهم الفرصة، ليمارسوا تضليلهم وبث سمومهم وإيهامنا أنهم يريدون الخير والصالح لنا، وهذا غير صحيح فأغلبهم يعيش خارج الوطن ويتم دعمه من جهات خارجية ذات أهداف وأجندات معروفة. وليس األمر حكرا على وسائل التواصل االجتماعي، فهناك قنوات إخبارية متخصصة ببث األكاذيب واالفـتـراءات وهدفها الرئيس تفكيك وحدة هذا املجتمع املتماسك. ولبناء مجتمع قوي ومنتج وواع يمتد نفعه ليس لوطننا فقط، بل في جميع أنحاء الـعـالـم، هــو وضــع خطط إستراتيجية مبنية على دراســــات متخصصة ومتعمقة لـأحـداث التي حصلت في السابق وأسبابها وطــرق عالجها وكيف يمكن تالفيها باملستقبل وأيـضـًا عمل خطط إستراتيجية مستقبلية وشاملة ومتابعتها بشكل مستمر وتقييمها وتقييم أسـبـاب نجاحها والــوقــوف على أبــرز املعوقات التي قد تواجهنا. ختامًا، كل الشكر والتقدير ألمير الشباب الـذي قادنا بخطوات متسارعة نحو األفـق ونقلنا ملصاف الــدول الكبرى خالل فترة وجيزة، كل الشكر لولي العهد األمير محمد بن سلمان ملا قام ويقوم به، فمنذ أن أصبح وليًا للعهد وهو يعمل بال كلل أو ملل ويفتح كل امللفات بال استثناء ويحرص كل الحرص لتقديم ما يساعد أمتنا ودولتنا للنهوض وقيادة العالم، ويقدم ما يكفل ويضمن سالمة وأمن هذا البلد ومواطنية من كل النواحي السيما النواحي الفكرية منها.