ما الذي يجب أن تفهمه أمريكا

فاجأنا السفير السعودي في واشنطن األمير خالد بن سلمان بظهور متميز في اإلعام األمريكي قبيل زيارة ولي العهد، فقد حاوره اإلعامي املخضرم وولف بليتزر من شبكة CNN حوارًا سريع اإليقاع وظف فيه خبرته الطويلة ودهاء ه الحواري، لكن السفير أظهر براعة في اإلجابة بلغة إنجليزية متمكنة ورفيعة املستوى، واستطاع أيضا أن يشرح القضايا البارزة وتوقعاتنا من اإلدارة األمريكية بحصافة ودبلوماسية متقنة، وأيضا كتب السفير مقاال فـي واشنطن بوست بأسلوب يفهم عقلية وثقافة املستهدفني بالخطاب، ويختصر عـمـوم الـرسـالـة الـتـي تــود اململكة إيـصـالـهـا لــــإدارة األمريكية، ومضمونها حـث أمريكا على مـزيـد مـن التفاعل اإليـجـابـي واملـشـاركـة مع اململكة في مشروعها النهضوي، ألننا نتغير وأمريكا تستطيع املساعدة. وللتعليق عـلـى مـسـألـة أنـنـا نتغير وأمـريـكـا تستطيع املـسـاعـدة فـبـا شك املـمـلـكـة تـتـغـيـر بــســرعــة لــتــكــون دولــــة عــصــريــة مـتـمـيــزة تـسـعـفـهـا فــي ذلك إمكاناتها الضخمة املتنوعة، دولـة قوية في كل املجاالت تتبنى مشروعًا حضاريًا لذاتها، وتسعى إلحــال االستقرار والـسـام في العالم بمواجهة األشرار الذين يحملون مشروعًا لتدمير الحياة واألحياء. اململكة اآلن دولة مركزية إقليميا وعربيا وإساميا ودوليا وقوة اقتصادية عاملية ال تحمل مشروعًا سياسيًا أيديولوجيًا أو أجندة خاصة على حساب اآلخرين، ولذلك إذا كانت أمريكا تريد فعا أن يكون لها حضور إيجابي في املنطقة العربية وصــورة ذهنية جيدة لـدى العالم اإلسـامـي، فليس لها خيار آخـر غير أن تكون عاقتها جيدة باململكة، وإذا كانت تراهن على دول إقليمية أخرى تعتقد أنها ستقوم بدور بديل عن اململكة فذلك اعتقاد خاطئ، إال إذا كانت أمريكا ما زالت تسعى الستمرار مشروع سابق وخاطئ جدا وخطير تماما، هو مشروع الفوضى الخاقة الذي أثبت أن عبئه على أمريكا ال يقل سوءًا عن عبئه على املتضررين منه مباشرة. على أمريكا أن تستوعب جيدًا أن اململكة تجاوزت مبدأ البحث عن حلفاء أو الحرص على استمرار حلفاء سابقني إلـى البحث عن شراكات متوازنة تخدمها املصالح املشتركة واملنافع املتبادلة، وأن اململكة مفيدة لشركائها مثلما هي تستفيد منهم.