Okaz

حني أصبحت كلماتنا.. أغاني!

-

على أنغام مقطوعة باذخة للعبقري عمر خيرت وفي هــــدوء ال يـقـطـعـه ســـوى تــمــرد الـــنـــا­ي اآلســــر الــــذي يهز الـــوجـــ­دان ويـتـمـلـك نــيــاط الــقــلــ­ب، اســتــحــ­ضــرت ذاكرتي «النكدية» كـل القصص التي حرمتنا مـن هــذه النعمة في وقـت مـا، حني كـان وقعها أقـوى تأثيرًا من رنـة وتر أو نـغـمـة مـــزمـــا­ر، ثـــم عــرجــت ذاكـــرتــ­ـي قــســرًا إلـــى قصة طبيب القلب «الـبـروفـس­ـور» الــذي وضــع السماعة على قلب مريضة فسمع ردح الطبول واملزامير واملوسيقى داخل قلبها مثبتًا بذلك سوء خاتمة من يطرب ويسمع األغاني! ذهبت قصص الصحوة كالسراب، كدخان حل في ليلة مـدلـهـمـة الــســواد ثــم تـبـخـر مــع انــقــشــ­اع الــظــالم وبزوغ الــفــجــ­ر، ولــســوء الــحــظ فـلـم تــوثــق أو تـحـفـظ كتيباتها ومطوياتها «وخنبقاتها» فتؤرشف كدليل ناصع على الـجـهـل الـــذي تلبسنا ولــبــســ­نــاه، ربــمــا ألنــهــا «فشيلة» وعـار ال يستحق التوثيق أو ألن من كتبوها «تغيروا» فــأصــبــ­حــت هــرطــقــ­اتــهــم الــســابـ­ـقــة مــخــجــل­ــة يحاولون التخلص منها بتجاهلها، واعمل نفسك ميتا إزاء كل ما ينكشها ومن ينبش في أوراقها، ما علينا.. فقد ذهبت الصحوة وذهب عرابوها إلى مزابل التاريخ وحضرت الـقـيـم العليا لـلـديـن والــركــا­ئــز الـتـي تنشأ عليها األمم والـحـضـار­ات لتنتج أفضل ما لديها من قيم التعايش واالحــــت­ــــرام وتــقــبــ­ل اآلخــــــ­ر، وحـــضـــر­ت كــذلــك املقومات املـسـانـد­ة لنهوض املجتمع وتـهـذيـب ذائـقـتـه وتكريس الهدوء واملحبة وسمو األخالق والترفع، فكان للموسيقى حضورها الطاغي في محافلنا ويومياتنا دون ضجيج أو شهقات مـن يـذكـرنـا بـالـرعـب الــذي سينهش قلوبنا وأكبادنا. املـوسـيـق­ـى هــي شــريــان يـغـذي الـــروح لتسمو فــي نشوة وعـنـاق مـع الخيال فـي امـتـزاج مهيب بـني أوتــار القلب وأوتــــار اآللـــة لـتـأخـذنـ­ا بـعـيـدًا لـيـس إلــى عـالـم التفجير والــعــنـ­ـف والــقــتـ­ـل بــكــل تــأكــيــ­د، بـــل إلــــى عـــالـــم الجمال والهدوء.… والسالم! خـــتـــام­ـــًا.. أال تـــــرون كــيــف أصــبــحــ­نــا نـــتـــذو­ق املوسيقى ونتحدث غناء وأشعارًا حني تحطم حاجز الرعب بيننا وبينها؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia