محمد بن سلمان.. والشراكة التاريخية
كـــانـــت زيـــــــارات رؤســــــاء الــــــدول لـــلـــواليـــات املــتــحــدة ال تتعدى بـروتـوكـولـيـا مـقـابـلـة الــرئــيــس األمــريــكــي لـفـتـرة قـصـيـرة جدًا، وأحيانًا زيارة الكونجرس األمريكي، وكانت مثل هذه املقابلة مع الرئيس باإلضافة إلى أهدافها السياسية، إال أنها عادة ما تحمل مضامني أخرى لها صبغة إعالمية مع الرئيس األشهر فــي الــعــالــم، لـكـن زيــــارة األمــيــر مـحـمـد بــن ســلـمـان، واستقباله اســتــقــبــال رؤســــــاء الــــــدول وبــمــثــل هــــذه الــهــالــة الدبلوماسية الطاغية، كانت مختلفة تمامًا، فقد كانت زيارة تحمل مضامني إستراتيجية بكل مـا تحمله الكلمة مـن معنى، وظـلـت تشكل خطورة «عليهم»، كما وصفها أحد الخبراء والذين ظلت نبرة أصواتهم تعلو بالصراخ على أنـغـام كـل اتفاقية يوقعها مع الجانب األمريكي، وأقصد بهم أولئك املتربصني التي هالتهم نتائج الزيارة، وحاولوا عبثا حجب نتائجها أو التعتيم على مكاسبها، لكن أبواقهم تاهت أمام طغيان هذه الزيارة واهتمام امليديا العاملية بها. وفي اعتقادي أن األمير محمد سعى لتأسيس شراكة تاريخية تعيد استدعاء كل املقومات الجيوسياسية واالقتصادية التي تتمتع بها اململكة، على خلفية أن اململكة ال تحتاج ألمريكا إال بقدر مـا تحتاج لها أمريكا، كما قـال أحـد املعلقني األمريكان أنفسهم، ورغم أن بعض نوافذ الصحافة والفضائيات العربية عموما لم تعط هذه الزيارة حقها ولم ينصف محللوها نتائج ومــكــاســب هـــذه الــــزيــــارة، بــل إن بـعـضـهـم تــنــاولــهــا مــن جانب معاكس تماما، كما هي عادة إخواننا العرب، إال أن الصحافة األجنبية كان لها رأي آخر، فقد تناولت الزيارة بشكل محايد، والحـــظ الجميع كـيـف ألـقـت بثقلها فــي تــنــاول تفاصيل هذه الزيارة وتحليل شخصية األمير وما يقوم به «رجل املستقبل»، كما وصفته صحيفه «واشنطن بوست». وفي هذا السياق يقول األدميرال «جيمس ستافرايدس»، والذي كان رئيس قوات حلف األطلسي في مقال كتبه في مجلة «تايم»، إنه قابل معظم قادة العالم لكن األمير الشاب كان في مكان قريب من رقـم 1 كأكثر هــؤالء الـقـادة تميزًا، من حيث طاقته املذهلة وطموحه الكبير ورؤيته الواضحة، وقبلها كانت الـ «فايننشال تايمز» تكتب وبالخط العريض أن محمد بن سلمان يعد اليوم من أقوى القادة حضورًا وتأثيرًا في الشرق األوسط ويستحق أن نعمل ونتعاون معه.