مسلم أبهر العالم
اعــتـدنــا مـنـذ زمـــن طــويــل، أن ننبهر بـمـشـاهـدة تـلـك املــقــاطــع التي يظهر فيها أحد رؤساء دول العالم وهو يقوم بتصرف ما، ينم عن تواضعه، أو عدله، أو ذكائه في اقتناص الفرص االستثمارية التي تعزز من املكانة االقتصادية لبلده، فكم شدتنا صور رئيس وزراء هولندا مارك روتتي حني كان يظهر وهو في طريقه ملقر حكومته مستقال دراجته الهوائية، وكـم أعجبتنا السيرة الحافلة أليقونة الــبــرازيــل املـنـاضـلـة ديـلـمـا روســيــف والــتــي أسـهـمـت فــي التخفيف من التفاوت الحاد في توزيع الثروة وانتشال عشرات املاليني من براثن الفقر، وبالطبع لن ننسى اندهاشنا من تواضع رئيس وزراء كـنـدا الـوسـيـم جـاسـن تـــرود وهــو يتمشى راجـــال بمحطة القطار دون حــراســة ليتهافت املــواطــنــون نـحـوه مــن أجــل الـتـقـاط الصور التذكارية. الـتـعـلـيـق األكــثــر تـــــداوال فــي مـثــل هـــذه املـــواقـــف: أن هــــؤالء الناس يطبقون مبادئ الصدق واألمانة في تعامالتهم قبل أقوالهم، وأكثر ما يميزهم أن لديهم إسالما بال مسلمني بينما يوجد لدى غالبية الدول العربية مسلمون بال إسالم !؟ اليوم تبدلت املعادلة بشكل ال يصدق، فقبل أن تطأ رجل ذلك املسلم األراضـــي البريطانية أو األمريكية خــالل زيــاراتــه الحالية، كانت سمعته النقية وأفعاله املشرفة قد سبقته إلى هناك، حيث استقبلته نظرات اإلعجاب من قبل امللكة اليزابيث الثانية بقصر باكنغهام قبل أن تعرب لـه عـن حــرارة اللقاء وكــرم الضيافة، فيما ارتسمت عالمات الرضا على محيا دونالد ترمب ووزراء الخارجية والدفاع والــخــزانــة األمـريـكـيـة حـتـى قـبـل بــدء املـبـاحـثـات الـسـيـاسـيـة، كذلك الشعور بالثقة واالرتــيــاح بــدا جليًا على وجــوه كـل الـذيـن التقوه بهذه الزيارة، بداية بأعضاء الكونغرس ومديري املراكز البحثية، وانتهاء برؤساء شركات أبل وغوغل، الكل هناك كان يقف احترامًا وتـبـجـيـال لــهــذه الـشـخـصـيـة املـسـلـمـة الــتــي جـمـعـت بــني التواضع والعدل والذكاء الفطري. لقد صنع ولي العهد األمير محمد بن سلمان لنفسه كاريزما خاصة ال يملك أمامها كل إنسان محايد إال اإلعجاب واإلطــراء، لهذا فإنه يسير إلــى جانب خـط اإلصــالحــات االقتصادية وتـنـوع اإليرادات غير النفطية ومـحـاربـة الـفـسـاد وأوجـــه الظلم بـالـبـالد. خـط مواز خفي يهدف إلى تغيير الصورة النمطية لدى الغرب عن املسلمني بحيث تعكس إنجازاتهم تعاليم دينهم املعتدل، مما يشكل دعوة صادقة للدخول إلى هذه الديانة السماوية التي أنجبت مثل هذه الشخصية املخلصة والـصـارمـة واألمـيـنـة، وفــي اعتقادي أن هذه الخطة بدت تؤتي ثمارها بالخارج، غير أن املعضلة الكبرى تبقى بالداخل وكيف يمكن إقناعهم بالتغيير، لهذا جاءت إجابة سموه الـكـريـم عــن أكـبـر الـتـحـديـات الـتـي يواجهها فريقه هــي «أن يؤمن الناس حقًا بما نقوم به»!؟