Okaz

العنصرية األكادميية املقنعة!

- ناضا مطلق البقمي

ليس ثمة شك أن العنصرية مرفوضة أينما حلت وكيفما كــانــت، ويـــــزدا­د رفــضــهــ­ا ومـقـتـهـا عــنــدمــ­ا تــمــارس داخل الصروح العلمية وفي منارات املعرفة (الجامعات) وبني منسوبيها وأعضائها التي يعول عليها وعليهم الكثير في تطوير األمم وتقدم ورقي الفرد واملجتمع. وعلى الرغم من أن األغلب يرفض العنصرية وال يعترف بممارستها، إال أنــهــا مـــوجـــو­دة بــأشــكــ­ال مــتــعــد­دة ونــســب متفاوتة، ويستحيل إنـكـارهـا كالقبلية واملناطقية وغـيـرهـا، غير أننا في هذا املقال سنسلط الضوء على عنصرية مقنعة تخفي حقيقتها وتستشري في األوســاط األكاديمية. أال وهــي الـعـنـصـر­يـة األكــاديـ­ـمــيــة والــتــي تــأخــذ هــي األخرى أشكاال مختلفة كتفضيل خريج بلد على آخر أو خريجي جامعة على أخرى. ولكن أكثرها انتشارا وأشدها وطأة هي العنصرية التي تمارس على خريجي الداخل والتي أدت إلى اإلقصائية الجائرة التي حرمتهم من املنافسة مع اآلخرين. ومـــن مــظــاهــ­ر هـــذه الـعـنـصـر­يـة أن اإلعـــالن­ـــات الوظيفية للجامعات تذيل بعبارة «األفضلية أو األولوية لخريجي برنامج االبتعاث»، بل أصبحت اإلعالنات موجهة فقط لـخـريـجـي بـرنـامـج االبــتــع­ــاث، كـمـا أن فــرص الـقـبـول في بــرامــج الـــدراسـ­ــات الـعـلـيـا لـــدى بـعـض الــجــامـ­ـعــات تكون بنسبة كبيرة للعائدين من االبتعاث الذين أنهوا جزءا من دراستهم في الخارج. ومن الغريب واملؤسف أن بعض األكاديمين­ي يتبنون هذا الفكر العنصري تجاه خريجي الداخل، وكأنهم حصروا الكفاءة بالحصول على املؤهل العلمي من خارج محيط الوطن! مبتعدين عن املوضوعية والواقعية بحصرهم الكفاء ة في هذا املعيار الضيق. لـيـس خـطـأ أن نستثمر فــي أبــنــاء الــوطــن الــعــائـ­ـديــن من االبـتـعـا­ث، ولكن الخطأ هـو إقـصـاء خريجي الـداخـل من خوض املنافسة معهم؛ ال لسبب واضح يقدح في كفاء تهم؛ وإنما بمنتهى اإلجحاف، ألنهم حصلوا على درجاتهم العلمية من الجامعات السعودية! ومن املفارقات الساخرة عندما وجه النقد للجامعات حول ارتفاع نسبة أعضاء هيئة التدريس مـن غير السعوديني عللت لذلك وبررت لـه بقول «حـرصـا على جــودة املـخـرجـا­ت»؛ وعندما حان الـوقـت لحصاد واستثمار هـذه املخرجات تـم إقصاؤها وتـــجـــا­هـــلـــهـ­ــا؛ مـــمـــا يــثــيــر الـــريـــ­بـــة حـــــول أســــبـــ­ـاب عــــزوف الجامعات عن االستثمار في مخرجاتها. وحــتــى ال نـبـتـعـد عــن فــكــرة املــقــال الــرئــيـ­سـيــة وهـــي نبذ العنصرية األكـاديـم­ـيـة. فالجدير بالذكر هنا أن إصدار حكم األفضلية أو األولـويـة البـد أن يتسم باملوضوعية، فاملعيار الحقيقي هو كفاءة الشخص وإنتاجيته؛ كما أن مــبــدأ تـعـمـيـم األحـــكــ­ـام مـــرفـــو­ض، فــمــن املـسـتـحـ­يـل أن يتصف جميع خريجي برنامج االبتعاث بنفس الصفات واملميزات التي تمنحهم األفضلية والعكس صحيح مع خـريـجـي الـــداخــ­ـل؛ لـسـت بــصــدد ذكـــر مـثـالـب أو محاسن الطرفني وإنما التأكيد على نبذ العنصرية األكاديمية وأن الــجــمــ­يــع أبـــنـــا­ء الـــوطـــ­ن وشـــركـــ­اء فـــي بــنــاء نهضته وتحقيق رؤيته.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia